الأمن الفكري.. حرب لا تقل خطورة عن السلاح

في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر الحالي بات من الضروري الإلمام بالمعلومات الوافية عن الأمن الفكري الذي يُعنى بحماية الأفراد من الأفكار المتطرفة والمنحرفة التي يسعى أعداء السلام والإسلام إلى بثها والعمل على تطبيقها على الأفراد من خلال آلية ممنهجة .

ومن منطلق المسؤولية الإعلامية تبرز ضرورة تسليط الضوء على هذا الموضوع لذلك أجرينا حوارا مع رئيس اللجنة العليا للأمن الفكري الأستاذ الدكتور حيدر عبد الزهرة التميمي لتناول أهمية الأمن الفكري ودوافع تأسيس اللجنة ومستقبل الأمن الفكري في العراق فضلا عن تناول العديد من الموضوعات المحورية.

ــ ما المقصود بالأمن الفكري؟

ــ الأمن الفكري أحد مفاهيم الأمن الشامل، وكغيره من المفاهيم التي تمس الفرد والمجتمع بصورة مباشرة اذ لا يوجد مفهوم متفق عليه لتعريف الأمن الفكري لأنّ ما يعده مجتمع ما خطرا فكريا لا يُعد في مجتمع اخر خطر فكري ونحن في اللجنة الوطنية العليا للأمن الفكري من أولى اولوياتنا صياغة تعريف لمفهوم الأمن الفكري ينسجم مع متبنيات المجتمع العراقي من حيث الدستور والعرف والاديان الموجودة في المجتمع، وهو في أبسط تعريفاته: سلامة المنظومة الفكرية والقيمية والثقافية والأخلاقية من الانحراف على وفق مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والديانات السماوية السمحاء والتشريعات القانونية والأعراف الاجتماعية الأصيلة.

ــ وكيف تراه في السياق العراقي الحالي؟

ــ يعد الأمن الفكري أحد أكثر القضايا المركزية والحساسة والأكثر تشابكاً بين قضايا الأمن المركزية لما مر به العراق كدولة من منعطفات خطيرة وتحولات جذرية وصراعات فكرية وهوياتية تركت بصمتها على تفكير العقل الجمعي العراقي وسلوكه الخارجي لذا لا يمكن التعامل معه كمسألة هامشية بل هو ركيزة أساسية لبناء السلم المجتمعي وترسيخ مفهوم الدولة الوطنية، وحماية المجتمع من الأفكار المنحرفة.

ــ ما الدافع وراء تشكيل اللجنة العليا للأمن الفكري؟

ــ نسعى إلى حماية المنظومة الفكرية في المجتمع ومواجهة الانحراف الفكري بكل أشكاله فالأمن الفكري من أهم القضايا التي يتوجب أن تهتم بها الدولة في الوقت الحاضر إذ إنه يسهم في تحقيق الاستقرار والطمأنينة النفسية للفرد ويحمي معتقداته الفكرية والثقافية من الأفكار المنحرفة ويعد الأمن الفكري مرتكزاً مهماً لجوانب الأمن الأخرى إذ إنه من أهم متطلبات الحياة فالإنسان مثلما يرغب بضمان أمنه على حياته يرغب بضمان الأمن على عقيدته التي يتبناها وهويته التي ينتمي إليها .

ــ كيف تتعاملون مع التنوع الثقافي والديني والسياسي في العراق أثناء صياغة هذه الاستراتيجية؟

ــ احد التحديات التي نواجهها في بلد غزير بالهويات الثانوية مثل العراق فهو فسيفساء تتسم بتنوع ثقافي، ديني، عرقي... لذلك إيماننا هو ان نحول هذا التحدي الى مصدر قوة وطنية واستثماره في صياغة الاستراتيجية وعلى سبيل المثال اننا نعمل على استثمار الهوية العشائرية والمذهبية والقومية في خدمة الهوية العراقية بوصفها الهوية الجامعة والحاضنة للمجتمع وحمايته .

ــ ما هو تصوركم لـ مستقبل الأمن الفكري في العراق خلال السنوات الخمس المقبلة؟

ــ نأمل بعد صياغة الاستراتيجية والانتهاء منها الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة تنفيذ الاستراتيجية عن طريق اشراك كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية والأطراف التي تسهم في تفعيل الاستراتيجية وإذا نجحت اللجنة بذلك فإننا سوف نتجاوز شوطا كبيرا ونضع حلولا ناجعة لمسألة الانحرافات الفكرية في المجتمع.

ــ برأيكم ما دور الدين في تعزيز الأمن الفكري؟ وهل هو أداة وقاية أم أداة تأزيم؟

ــ بالتأكيد إن الدين هو وسيلة مهمة في تعزيز الأمن الفكري لأنه يربي الانسان على التفكر في ما يرد إليه من معلومات و أفكار ويمنحه الحرية في اعتناق ما يشاء بعد أن يسعى إلى عرض القيم والأفكار السامية التي تصل إلى الانسان عن طريق رسالاته السماوية والدين يحمل الرمزية التي تسهم في تعزيز الأمن الفكري فضلاً عن أنه يمثل منظومة قيمية متكاملة لا حدود مكانية ولا زمانية لصلاحيتها إلا أننا لا ننكر أن تشويه الأفكار الدينية وتزيفها يؤدي إلى قلب المعادلة ويحقق نتيجة مخالفة وتصبح الأفكار الدينية المشوهة أداة لضرب الدين وجعل الناس ينفرون منه .

ــ كيف تقيمون أثر الإعلام الرقمي ومنصات التواصل على تشكيل الوعي؟ وهل ترون أنها تشكل تهديدا أم فرصة؟

ــ الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي بوصفها السلطة الرابعة سلاح ذو حدين يمكن ان تكون أداة لنشر الوعي ورفع المستوى الفكري في المجتمع ويمكن ان تكون اداة سلب عن طريق نشر الأفكار المنحرفة وتسويقها، لذلك فإننا اليوم وفي عصر العالم الافتراضي والذكاء الاصطناعي لا غنى لنا عن الإعلام وترويضه مع وجود الرقابة الحكومية وجعله فرصة وأداة من أدوات تفعيل الاستراتيجية الوطنية العليا للأمن الفكري. 


العودة إلى الأعلى