كثير بن عبد الرحمن الخزاعي (توفي 105 هـ / 723 م) (1002)

: محمد طاهر الصفار 2024-10-16 10:27:01

قال من قصيدة تبلغ (13) بيتاً:

ألا يا أيّها الجدلُ الــــــــــــمعنّى     لنا ما نحنُ ويحــــكَ والعناءُ

أتبصرُ ما تقولُ و أنــــــتَ كهلٌ     تـراكَ عليكَ مِـن ورعٍ رداءُ

ألا إنَّ الأئمّـــــــــــةَ مِن قريـشٍ     ولاةُ العـهدِ أربعـةٌ ســـــواءُ

علـيٌّ و الثلاثـةُ من بنــــــــــيـهِ     هـمُ الأسباط ليسَ بهمْ خفــاءُ

فـأنّـى فـي وصـيــــــــــتـه إليهم      يكـونُ الشكّ منّا والمــــراءُ

بهـم أوصاهمُ ودعـــــــــــا إليـه     جميعَ الخلقِ لو سمعَ الدعاءُ

فسبطٌ سبطُ إيمــــــــــــانٍ وحلمٍ     وســبــــــط غيَّبته (كربلاء)

سقى جـــــــــــدثاً تضمَّنه ملثٌ     هتوفُ الرعــدِ مرتجزٌ رواءُ

تــــــــــــظلُّ مظلةٌ منـها عَزال     عليهِ وتغـــتدي أخرى ملاءُ

وسِبــــطٌ لا يذوقُ الموتَ حتّى     يَقودُ الجــيش يَقـــدمه اللِّـواءُ

تَغَيَّـــــبَ لا يُرى عنّا زمــــاناً     برَضـــوى عنده عسلٌ ومـاءُ

مِــن البيتِ المحجّبِ في سـراةٍ     سـراةٌ لفّ بينهـمُ الإخــــــاءُ

عصائب ليسَ دون أغر أجـلى     بمكـةَ قائمٌ لهـمُ انتهــــــــــاءُ (2)

الشاعر

كثيّر ــ بتشديد الياء ــ (2) بن عبد الرحمن بن الأسود من مليح بن خزاعة، وأمه جمعة بنت الأشيم الخزاعية (3) قال محمد بن عمران المرزباني في ترجمته: (كثير عزة أبو عبد الرحمان الخزاعي. قيل: إن الباقر (عليه السلام) قال له:

تزعم أنك من شيعتنا وتمدح آل مروان فقال: إنما أسخر منهم واجعلهم حيات وعقارب وآخذ أموالهم ألم تسمع إلى قولي في عبد العزيز بن مروان:

وكنتُ عتبتُ مــــعتبةً فلجّت     بيَ الــغلواءُ في سننِ العتابِ

فما زالتْ رقاكَ تسلّ ضغني     وتُخرجُ من مكامنِها ضبابي

ويرقيني لكَ الراقـــونَ حتى     أجــــابكَ حيةٌ تحتَ الحجابِ

قال: فقال له عبد الملك بن مروان: ما مدحك إنما جعلك راقيا للحيات، قال: فذكر عبد العزيز ذلك لي قلت: والله لأجعلنه حية ثم لا ينكر ذلك، فقلت له:

يــــــــــقلّب عيني حيةً بمجارةٍ     أضافَ إليها الساريات سبيلها

يصيدُ ويغضي وهو ليث خفية     إذا أمــــــــكنته عدوة لا يقيلها

قال: فأجزل لي عبد الملك الصلة.

ولما قتل يزيد بن المهلب وإخوته وأهله بالعقر قال كثير: ما أجلّ الخطب، ضحى آل أبي سفيان بالدين يوم الطف، وضحى آل مروان بالكرم يوم العقر، ثم انفضخت عيناه بالدموع. فبلغ ذلك يزيد بن عبد الملك فدعا به وقال: عليك بهلة الله أترابية وعصبية

وقال: لما منع عمر بن عبد العزيز لعن علي بن أبي طالب (عليه السلام):

ولـــيتَ فلم تشتمْ علياً ولم تخفْ     بـــــرياً ولم تتبع سجيةَ مجرمِ

وقلتَ فصدّقتَ الذي قلتَ بالذي     فعلتَ فأمسى راضياً كلُّ مسلمِ

وقيل: إنه وفد على عبد الملك بن مروان، وهو يريد الخروج إلى مصعب بن الزبير فعرض له كثير يوم خروجه فقال له عبد الملك:

ذكرتك اليوم وما كدت أنساك فأي أبياتك ذكرتني بك؟ قال: ألا أخبرك؟

قال: بلى قال: أردت الشخوص إلى هذا الوجه فنهتك عاتكة بنت يزيد فلما جددت بكت فلما رأيتها تبكي بكيت لبكائها وبكى حسمها فذكرت قولي:

إذا ما أرادَ الغزو لم يثنِ عزمَه     حِصانٌ عليها نظمُ درٍّ يزينها

نــــــهته فلما لمْ ترَ النهيَ عاقَه     بكتْ فبكى مما عناها قطينها

فقال: والله لقد أصبت فاحتكم فقال: مائة من الإبل برعاتها فأمر له بها وقال له: هل لك في أن تصحبنا في هذا الوجه؟ فقال: أجزني هذه المرة. فقال: أرأيت إن أخبرتك عمّا في نفسك تصدقني وتحكمني على نفسك...؟ قال: إي والله قال: قلت في نفسك: هذا عاند عن الحق من أهل النار فلعله يصيبني سهم عزب فيقتلني فالحق بالذي معه قال: قد والله صدقت فاحتكم. قال: حكمي أن أضيف إلى الإبل ألف دينار وأعفيك من المسير ففعل ذلك

وقيل: إنه قيل لكثير عند موته: أوصية...؟ فقال:

برئتُ إلى الإلهِ مِن ابنِ أروى     غداةَ دعـــي أمير المؤمنينا

ومِــن عمرٍ برئتُ ومِن عتيقٍ     ومِن دينِ الخوارجِ أجمعينا) (4)

وقال ابن كثير: مات عكرمة وكثير عزة في يوم واحد فأخرجت جنازتهم فقال الناس: مات أفقه الناس وأشعر الناس (5)

ويقول أبو الفرج الأصفهاني: كان كثير مكثراً من قول الشعر، فقد كان عبد الله بن أبي عبيدة يقول: من لم يجمع من شعر كثير ثلاثين لامية فلم يجمع شعره، وكان هذا الشخص نفسه يملي شعره بثلاثين ديناراً (6)

وقد وصل شعره إلى الأندلس، قال القالي في سرد الكتب التي حملها معه إلى الأندلس: شعر كثير بن عيد الرحمن الخزاعي، تام جزآن قرأتهما على أبي بكر بن دريد (7)

وقال الأصفهاني: إن كثيرا مات في اليوم الذي مات فيه عكرمة مولى ابن عباس، فاجتمعت قريش في جنازة كثير ولم يوجد لعكرمة من يحمله (8)

أما قصيدته التي قدمناها فقد نسبت إلى السيد الحميري ولكن معظم المصادر المتقدمة نسبتها لكثير يقول الكرباسي عند ذكره الأبيات: الأبيات لكثير (عزة) بن عبد الرحمان الخزاعي المتوفى سنة 105 هـ أنشأها في الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأبنائه الثلاثة الإمامين الحسن والحسين عليه السلام ومحمد بن الحنفية وفيه ما يدل على أنه كيساني العقيدة حيث كان يعتقد بإمامة ابن الحنفية. وذكر الأمين (9) إن الأبيات التي ذكرناها هي للحميري، ولكنه أسقط البيت الحادي عشر وأورد الشطر الثاني في البيت الرابع هكذا:

هم أسباطه والأوصياء

كما أورد الشطر الأول من البيت السابع هكذا :

فسبط سبط إيمان وحلم

وجاء البيت العاشر هكذا

وسبط لا يذوقُ الموتَ حتى     يقودُ الخيلَ يقدمها اللواءُ

ولكن جامع ديوان كثير نسب الأبيات إلى كثير بالشكل الذي أوردها الأمين للحميري وأضاف البيت الحادي عشر

ولعله من توارد الخاطر أو من أخذ الشعراء من شعر بعضهم البعض ، أو من خلط الحفاظ وأهل النقل (10)

ويقول إحسان عباس: نَسَبَتها معظم المصادر لكثيّر وهي تدل على أنه كان يؤمن بإمامة علي ثم الحسن ثم الحسين ثم محمد بن الحنفية وهو المهدي المنتظر (11)

ونسب الأصفهاني الأبيات للسيد الحميري وقال: وهذه الأبيات بعينها تروى لكثيّر (12)

....................................................................................................

1 ــ ديوان كثير عزة، جمعه وشرحه الدكتور إحسان عباس ــ نشر وتوزيع دار الثقافة، بيروت ــ لبنان 1391 هـ / 1971 م ص 27 و 521 / ديوان القرن الثاني ص 25 ــ 27 كما وردت الأبيات مع اختلاف في عددها وألفاظها في: العقد الفريد ج 4 ص 155 البيت 3 ، 4 ، 7 ، 10 ، 11 / تذكرة الخواص ص 293 البيت 3، 4 ، 7، 10 / الشعر والشعراء لابن قتيبة ص 344 البيت 3، 4، 7، 9، 10 ، نسمة السحر ج 2 ص 180 ، البيت 3، 4، 7 ، 10 ، 11 / لسان العرب ج 12 ص 60 البيت السابع فقط / مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 129 ، البيت 3/ 4/ 7/ 10 / 11

2 ــ مقدمة ديوان كثير ص 10

3 ــ الأغاني ج 9 ص 4

4 ــ أخبار شعراء الشيعة - المرزباني الخراساني، تقديم وتحقيق وتعليق الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني شركة الكتبي للطباعة والنشر والتوزيع بيروت، الطبعة الأولى 1388 - 1968 الطبعة الثانية 1413 ه‍ - 1993 م ص ٦٨ ــ 70

5 ــ البداية والنهاية ــ دار إحياء التراث العربي الطبعة الأولى 1408 ه‍ 1988 م ج 9 ص 273

6 ــ الأغاني ج 9 ص 5

7 ــ فهرسة ابن خير ص 396

8 ــ الأغاني ج 9 ص 27

9 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 409

10 ــ ديوان القرن الثاني ص 25 / الهامش

11 ــ ديوان كثير ص 27

12 ــ الأغاني ج 7 ص 238 ــ 239


 



العودة إلى الأعلى