بعد فقد 70 بالمائة من حصصه المائية .. العراق يغادر السنوات العجاف ومحاصيله تشق طريقها نحو الخليج
عاد فلاحو العراق لمزاولة مهنتهم مجددا بعد وفرة نسبية من المياه في ظل موجة الأمطار الأخيرة التي حققت أرقاما مقبولة للمزارعين بعد سنوات طويلة من الجفاف والتدهور الزراعي الذي عانى منه العراق، وأدى لتقلص المساحات المزروعة إلى النصف.
وأعلنت وزارة الزراعة مؤخرا تحقيق الاكتفاء الذاتي للعديد من المحاصيل أبرزها القمح، بعد أن كان العراق يعتمد على المستورد في العديد من المجالات، وعلى الرغم من الصعوبات التي تمر بها مراحل الزراعة إلا أن لتربة العراق ميزة مختلفة تنعكس على مذاق المحاصيل، وهو ما يجعل منه بيئة جاذبة بالنسبة لبعض دول الخليج العربي، كما رأى متخصصون.
وحول هذا الأمر، يقول طالب السعدي، أحد تجار الجملة في “العلوة المركزية” -مركز بيع الفواكه والخضروات- في قضاء بلد المشهور بإنتاج فاكهة المشمش، جنوبي محافظة صلاح الدين، إنه “رغم انتهاء الموسم حاليا، إلا أننا نشهد إقبالا كبيرا من المحافظات على علوتنا المركزية وبالخصوص على المشمش والفواكه الأخرى”.
ويضيف “أسعار المشمش وباقي الفواكه التي تتميز بها تربة العراق يتم بيعها بأسعار تتراوح بين الألفي دينار والثلاثة آلاف دينار للكيلو الواحد في علوتنا”.
ويشير السعدي، إلى أن “الكمية التي تم بيعها توزعت بين الاستهلاك المحلي والتصدير الذي شهد ارتفاعا ملحوظا هذا الموسم نظرا للطعم المميز الذي يتميز به المشمش العراقي والذي يدفع نحو استهلاكه السريع خاصة من قبل بعض دول الخليج المجاورة للعراق”.
وتشكل الزراعة موردا اقتصاديا أساسيا للفلاحين والمزارعين في قرى ومدن العراق المختلفة لاسيما المحافظات التي تسجل إنتاجا وفيرا بالمحاصيل الزراعية والحبوب، إلا أن هذا القطاع شهدت تراجعا خطيرا في الإنتاج بسبب الجفاف وقلة الأمطار ما دفع الكثير من أصحاب الأراضي الزراعية إلى تجريفها وتقسيمها كقطع أراضي سكنية وتجارية.
بدوره، يؤكد أياد الشمري، وهو تاجر آخر في “علوة الصويرة” بمحافظة واسط، أن “بعض دول الخليج تفضل الزرع العراقي على جميع الفواكه والخضراوات التي تزرع ببعض دول العالم”.
ويعزو ذلك إلى “تربة العراق التي يمكن تصنيفها على أنها من أجود وأفضل أنواع الترب الصالحة للزراعة، وهذا ما ينعكس على نوع وطعم الفواكه العراقية وغيرها”.
ويشير الشمري، إلى أن “المشمش والتين العراقيين وبعض الفواكه والمحاصيل الأخرى في الغالب يتم بيعها إلى دول الخليج بسبب ارتفاع أسعارها، حيث يصل بعضها إلى أكثر من 20 ألف دينار (نحو 13.5 دولارا) للكيلو الواحد”.
ويوضح أن “هذا الإقبال انعكس على توفير هذه المحاصيل محليا وما موجود في السوق الآن هو المشمش الذي يمكن تصنيفه من الدرجة الثانية أو الناضج بنسبة كبيرة ولا يتحمل نقله إلى الخارج ولهذا يتم بيعه محليا”.
يشار إلى أن بعض الفواكه والخضروات والمحاصيل الزراعية العراقية يتم تهريبها إلى دول الجوار لجودتها ولرخص ثمنها مقارنة بالأسعار في أسواق تلك الدول وخصوصا الخليجية منها.
من جانبه، يؤكد المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، أنه “في حالة ذروة الإنتاج الزراعي فإن العراق يصدر الكثير من المحاصيل الزراعية وخاصة إلى دول الخليج العربي”.
ويذكر أن “أرقام كميات التصدير بالنسبة للمحاصيل الزراعية في ارتفاع مستمر ففي العام 2023 بلغ مجموع ما تم تصديره من محاصيل الخضروات إلى هذه البلدان 70 ألف طن وبالنسبة للفواكه نحو 4 آلاف طن، والتصدير يتم من قبل القطاع الخاص وفق شروط خاصة يتم وضعها من قبل وزارتي الزراعة والتجارة”.
وقد فقد العراق 70 بالمائة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، ما أدى إلى انخفاض الحصص المائية للمحافظات الجنوبية القادمة من سد الموصل على دجلة، وسد حديثة على الفرات، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية.
وانعكس انحسار المياه في نهري دجلة والفرات بشكل كبير دفع وزارة الزراعة إلى تقليص الخطط الزراعية الشتوية والصيفية ومنع بعض المحافظات من زراعة محاصيل معينة، ضمن سياسة اعتمدتها منذ عدة أعوام لمواجهة أزمة الجفاف وشح الأمطار، ما أدى ليس فقط إلى تراجع الإنتاج الزراعي بل أيضا تمدد ظاهرة التصحر بشكل كبير.