بعد عقدين من الزمن، الأمم المتحدة تودع العراق

بناء على طلب بغداد، قرر مجلس الأمن الدولي بالإجماع، أن تغادر بعثة الأمم المتحدة السياسية في العراق البلاد نهاية عام 2025 بعد مرور أكثر من 20 عاما على تواجدها فيه.

ورحبت الحكومة العراقية بالقرار، قائلة إنه يعكس التقدم والاستقرار في البلاد منذ إنشاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في عام 2003 بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة..

لكن المحللين يقولون إن البعثة كافحت لإحداث تأثير في مجالات مثل الإفلات من العقاب، وأن خروجها هو جزء من اتجاه الدول المضيفة لرفض بعثات الأمم المتحدة.


ومدد قرار مجلس الأمن الدولي الذي تم تبنيه يوم الجمعة ولاية البعثة حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2025 "وبعد ذلك ستتوقف بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) عن جميع أعمالها وعملياتها".

وتضم البعثة حوالي 700 موظف، تشمل مهامهم تقديم المشورة للحكومة بشأن الحوار السياسي والمصالحة، فضلاً عن المساعدة في الانتخابات وإصلاح القطاع الأمني.

وقال متحدث باسم الحكومة العراقية إن قرار مجلس الأمن الدولي يمثل "استكمال عملية البناء السياسي التي بدأت عام 2003 بعد سقوط النظام الدكتاتوري".


وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال رئاسة الوزراء العراقية في رسالة إلى مجلس الأمن، إن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق تغلبت على "تحديات كبيرة ومتنوعة" وأن "الأساسات لوجود مهمة سياسية في العراق" لم تعد موجودة.

وخلال التجديد السابق للمهمة في مايو 2023، طلب المجلس من الأمين العام إطلاق مراجعة أشرف عليها الدبلوماسي الألماني فولكر بيرثيس.

وفي تقرير صدر في شهر مارس/آذار، أشار بيرثيس إلى أن الجدول الزمني للإغلاق من شأنه أن يطمئن العراقيين المترددين بأن العملية الانتقالية "لن تؤدي إلى تراجع المكاسب الديمقراطية أو تهديد السلام والأمن".


السيادة أم السياسة 

ونظرا لأن بعثات الأمم المتحدة لا يمكنها العمل إلا بموافقة الدولة المضيفة، فقد أعربت روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا هذا الشهر عن دعمها لهذا التغيير.

وقالت آنا إيفستينييفا، نائبة سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، إن "شعب العراق مستعد الآن لتحمل المسؤولية الكاملة عن المستقبل السياسي للبلاد".

وأضاف قائلة "نعرب عن دعمنا الثابت لسيادة العراق ونعارض أي تدخل في شؤون البلاد الداخلية".

وصاغت الولايات المتحدة مشروع القرار بعد أن كانت أكثر حذرا في البداية.

وقال روبرت وود نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة يوم الجمعة "نحن جميعا ندرك أن العراق تغير بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأن مهمة يونامي بحاجة إلى إعادة تنظيم كجزء من التزامنا بتعزيز عراق آمن ومستقر وذو سيادة".

ويقول محللون إن رئيس الوزراء العراقي كان يسعى لتحقيق فوز سياسي، وأن الأمم المتحدة لم تنسحب من العراق.

وقال ريناد منصور، زميل أبحاث كبير في تشاتام هاوس: "هذا لا يعني أنهم يريدون إنهاء برامج الأمم المتحدة".

"هذا كله جزء من محاولات رئيس الوزراء السوداني لإظهار العراق كدولة تدخل مرحلة جديدة، وهي مرحلة يأمل أن يتم تعريفها بالسيادة."

وأضاف منصور أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق حققت بعض النجاحات المحدودة لكنها كافحت "لضمان المساءلة وإفساح المجال أمام مجتمع مدني مزدهر ومستقل".

وقد واجهت الأمم المتحدة أعمالا عدائية في السنوات الأخيرة، في أفريقيا على وجه الخصوص.

وأجبرت عدة دول بعثات الأمم المتحدة على المغادرة، بما في ذلك مالي حيث انسحبت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) العام الماضي. كما شهد شهر ديسمبر/كانون الأول إنهاء مجلس الأمن للبعثة السياسية إلى السودان بناء على طلب السلطات.

وقال ريتشارد جوان من مجموعة الأزمات الدولية لوكالة فرانس برس: "يبدو أن أعضاء المجلس الآن مستسلمون لحقيقة أن العديد من الدول التي استضافت بعثات الأمم المتحدة لفترة طويلة تريد رحيلها".

"كان الموقف الافتراضي للمجلس هو الإبقاء على بعثات الأمم المتحدة في مكانها إلى أجل غير مسمى. والآن أصبح الوضع الافتراضي الجديد هو السماح لهم بالرحيل بهدوء".


المصدر: فرانس برس


العودة إلى الأعلى