هو الشيخ حسين نجل الشيخ علي الحلي النجفي(ت1394هـ) ولد في النجف عام (1309 هـ) وترعرع في أحضان أبيه  العالم الورع المقدس الشيخ علي الحلي، بعد أن هاجر الى النجف الاشرف، فبلغ المرتبة العليا في الحوزة العلمية في النجف الاشرف، وهو يعد رجل الزهد والتقوى، ورجل العلم والجهاد المعرفي، وكان زميلاً للشيخ علي رفيش آل عنوز أحد العلماء الأعلام في وقته، وكان يصلي جماعة في الصحن الشريف قرب (الكليدارية).

وعند وفاته أشار بأن يصلي مكانه الأستاذ الإمام الميرزا النائيني وعند وفاته (1355 هـ) صلى مكانه الإمام السيد محسن الحكيم(1390 هـ).

وكان الشيخ الحلي مؤيداً بالتوفيق الإلهي منذ شبابه المبكر، فقد وفق للتعايش المعرفي في ظل العلماء الأعلام والدرس الحوزوي المتجدد، وكانت تلوح عليه أمارات الذكاء وملامح النبوغ الفطري، وفي سن مبكرة جداً درس الأوليات من العلوم الاسلامية على يد والده، ثم تدرج الى السطوح على يد فضلاء الحوزة العلمية، ثم الى البحث الخارج العالي، فحضر عند الإمام السيد أبي الحسن الأصفهاني أكثر من دورتين أصوليتين وقيل فقرتين، ثم حضر عند آية الله الأصولي البارع الشيخ آغا ضياء الدين العراقي (1361هـ) أكثر من دورة في الاصول.

ثم لازم الأستاذ الأكبر الميرزا محمد الحسين النائيني الغروي (ت 1355 هـ) ملازمة يغبط عليها إذ استمرت ثلاثين عاماً، إلتهم فيها علمه التهاماً، ووعى بها حديثه العلمي  أداء ومعرفة وضبطاً لمباحثه وفوائده وتقريراته الفقهية والأصولية، بل وسجل فتاواه بخط يده، وقد طبعت مؤخراً بتحقيق العلامة المتميز الشيخ محمد جعفر النائيني حفيد الأستاذ الإمام النائيني قدس سره، وقد صدر منها مجلدان باسم (الفتاوى)، كما أن النائيني يعتمد عليه اعتماداً كلياً في دقائق الأمور وشتى المسائل، وهذا ما أكسبه شهرة عريضة في الوسط العلمي، وفي هذا الضوء أعتبر الشيخ حسين الحلي من أبرز مقرري البحث الخارج العالي في عصر الميرزا النائيني

والنائيني يعد أستاذ الفقهاء و المجددين والمجتهدين بعامة، ذو ذهنية وقّادة، وفكر متنور وعقلية جبارة، واكب حركات التحرر في الشرق الأوسط فكتب عام (1905 م) رسالة في الفقه الدستوري لازالت محط أنظار المسلمين وهي (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) وكان لي شرف تلخيص بعض مباحثها، والإشارة الى قيمتها الدستورية في العالم المتحضر، وإلقاء الضوء الكاشف على جملة من فقراتها وذلك في كتابنا(قادة الفكر الديني والسياسي في النجف الاشرف) بمبحث (الشيخ محمد حسين النائيني رائداً)

لقد كان لي شرف الاتصال المباشر  بالشيخ  حسين الحلي  منذ أكثر من خمسين عاماً، وذلك في ديوان السيد علي آل السيد هادي بحر العلوم، وكان يرتاده وبشكل يومي جمهرة من العلماء الأعلام، وفضلاء رجال الدين، وأساتيذ الحوزة العلمية وأبرزهم الإمام السيد محسن الحكيم، وكان الشيخ الحلي متواجداً هناك يومياً، وكان الساعد الأيمن للسيد الحكيم في المسائل الفقهية والأصولية بحيث كان يحيل بعضها اليه ثم يلاحظها السيد الحكيم ويمضيها.

ولأن صورة السيد الحكيم راسخة في أذهاننا منذ الصبا، فقد كنا نعجب من احترامه وتعظيمه وتبجيله لهذا الرجل البسيط في لباسه وبزته وسيرته ومشيته، ويستمع إليه بإنصات.

ذكر الدكتور السيد محمد بحر العلوم  أنه سمع من آية الله الشيخ محمد علي الجمالي الكاظمي أحد أبرز تلامذة الميرزا النائيني يقول لأبي السيد بحر العلوم.

(خلِ صاحبك الشيخ حسين؛ يختار في المجالس مكانه اللائق ليجلس في صدر المجلس، ولا يتواضع كثيراً، ولا يجلس في آخر المجلس، فإنه يحرجنا لأنه أعلمنا، وعلينا أن نحترمه، فأين يكون موضعنا إذ لم يختر المكان اللائق به).

  وهذا التواضع المحبوب ، والترسل المحمود من معالم عظمة الشيخ حسين الحلي  وبجهود وتوجيه المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله، وبأشراف مكتبه الخاص وولده البار السيد محمد رضا، قد حصل على بحوث الشيخ حسين الحلي في علم الأصول بخط يده، وقد صدرت حديثاً بأثني عشر مجلداً في طبعة حديثة منقحة.

أما تلامذته الذين دونوا تقريراته في الفقه والأصول، فلهم الفضل في عرفان منزلة الشيخ الحلي لدى الجيل الجديد، وأعرض من هذه التقريرات على سبيل النموذج لا الإحصاء

1ـ تقريرات سماحة السيد علي السيستاني في الفقه والأصول

2ـ تقريرات سماحة السيد محمد سعيد الحكيم في الفقه والأصول

3ـ تقريرات الشهيد الشيخ ميرزا علي الغروي في الفقه والأصول

4ـ تقريرات السيد محمد تقي الحكيم في الفقه والأصول

5ـ تقريرات الشيخ حسن سعيد في الفقه خاصة

6ـ نقريرات السيد علاء الدين بحر العلوم في الأصول

7ـ تقريرات السيد عزالدين بحر العلوم  في الفقه

8ـ تقريرات الشيخ محمد جعفر حفيد الميرزا النائيني الكبير

المصدر: المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف مسيرة ألف عام  للأستاذ الأول المتمرس في جامعة الكوفة الدكتور محمد حسين علي الصغير