المظاهر المسلحة في العرف الشرعي و القانوني
-المرجع السيد السيستاني دعا منذ بداية تشكيل الحكومة الى بناء دولة خالية من السلاح المنفلت
تقرير: عماد بعو - تحرير: فضل الشريفي
يشكل موضوع المظاهر المسلحة تحدياً أمنياً واجتماعياً و ينذر بتداعيات معقدة، ولعل الكثيرين من الذين يحملون السلاح خارج الاطار القانوني والشرعي لا يدركون حجم العقوبات التي يفرضها الشرع الشريف و ينص عليها القانون، والتي تشكل رادعاً يحمي المجتمع ويحفظ للدولة هيبتها، فالإسراع بإيجاد المعالجات العاجلة والسليمة لهذه المظاهر أمر لابد منه.
التقرير التالي لمركز الإعلام الدولي يهتم بهذا الموضوع:
المظاهر المسلحة في المنظور القانوني والدستوري
بصدد المظاهر المسلحة وموقف القانون منها تحدث المحلل القانوني الدكتور إبراهيم حسن السلطاني قائلا" العراق بلد ديموقراطي فيه مؤسسات قضائية وتشريعية وتنفيذية تمثل الشعب العراقي من خلال الانتخابات، و الدستور العراقي عام 2005 حرّم انشاء المليشيات في المادة (9) منه وحدّد معنى ومفهوم القوات الأمنية المتمثلة بقوات الجيش العراقي والشرطة المحلية والقوات البحرية والبرية وقوات الجو".
ويلفت المحلل القانوني الى ان "بعد عام 2003 بدأت الهجمات الارهابية المتمثلة بالقاعدة وداعش على البلد مما ادى الى تشكيل جديد بعد اجتياح تنظيم داعش لبعض المحافظات العراقية عام 2014 وهو مؤسسة الحشد الشعبي التي اصبحت أحدى المؤسسات التابعة للحكومة العراقية، مضيفاً "لو راجعنا خطب المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف المتمثلة بالمرجع الاعلى السيد علي السيستاني (دام ظله) للاحظنا انه منذ بداية تشكيل الحكومة دعا الى بناء دولة خالية من السلاح المنفلت و الميلشيات والقوات المدعومة من خارج الدولة، لان المرجعية الدينية تدرك ان تلك الميلشيات سوف تؤثر تأثيرا كبيرا على حالة الاستقرار في العراق, لكون ان هذه الميلشيات غالبا ما تكون لها اجندات مرتبطة بدول لها اهداف معينة".
وينوّه الى ان "ان المادة ٢٤من قانون رقم ٥١ لسنة ٢٠١٨ اعتبرت ان حيازة السلاح الثقيل يشكل جناية عقوبتها السجن او الاعدام".
رأي الشرع في المظاهر المسلحة
ويذكر الشيخ أنصار الأسدي من قسم الشؤون الدينية في العتبة الحسينية المقدسة "ان من أهم التعاليم الإسلامية التي أكد عليها الشرع المقدس حفظ النظام تجاه المجتمع، لذا تجد الكثير من الفقهاء أسسوا أحكاما شرعية انطلاقاً من هذه القواعد الثابتة كقاعدة حفظ النظام، أو ما يحفظ به النوع الإنساني، وقد ورد بخصوص موضوع المظاهر المسلحة طلب بعض المؤمنين النصح والارشاد من سماحة المرجع الديني السيد علي السيستاني (دام ظله) فأجاب سماحته: (لا يجوز إطلاق العيارات النارية بلا مبرّر إذا كان سبباً لإرعاب الناس وأذاهم، ويتحمّل المسؤوليّة الشرعيّة كلّ من يتسبّب في موت أو قتل أو جرح... على تفصيل مذكور في محلّه، وعلى العموم فهذه الظاهرة بسبب ما تستتبعها من السلبيّات منافية للعرف والأخلاق، ننصح كافّة الأخوة المؤمنين بالتجنّب عنها، وفّق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح)".
ويكمل الشيخ الأسدي قوله عن المظاهر المسلحة "عندما نطالع حقوق الناس وحرمتهم نجد الشارع المقدس وضع أحكاماً تحرّم على المؤمنين اشهار مثل هذه الأسلحة أو حيازتها أو استخدامها في غير الحالات الضرورية، وحرمة المؤمن هذه تقتضي مراعاة خاصة في تعامل الناس معه، والحدّ الأدنى لهذه المراعاة هو عدم أذيّته وهذا ما أكدَّت عليه الأحاديث الواردة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، فعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "من آذى مؤمناً فقد آذاني"، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "قال الله عزَّ وجل: ليأذن بحربٍ منّي من آذى عبدي المؤمن". هذا فضلاً عن تأثير إيذائه على سعادة الإنسان، فعن الإمام زين العابدين (ع): "كفُّ الأذى من كمال العقل، وفيه راحة للبدن عاجلاً وآجلاً".
ويبيّن ان "إشهار السلاح في الشوارع أو لإخافة الناس الآمنين واستخدامه بهذا الانفلات يدخل ضمن اخافة المؤمنين وأذاهم وكلاهما محرّم، فعن الرسول (صلى الله عليه وآله): "من أشار إلى أخيه المسلم بسلاحه لعنته الملائكة حتى ينحيه عنه".
وروى محمد بن مسلم عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر، اقتص منه ونفي من تلك البلد، ومن شهر السلاح في غير الأمصار، وضرب، وعقر، وأخذ الأموال، ولم يَقُتل، فهو محارب وجزاؤه جزاء المحارب وأمره إلى الإمام إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، وإن ضرب وقتل وأخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال، ثم يقتلونه". فهذا حكم من شهر السلاح واخاف المؤمنين الآمنين واستخدم السلاح المنفلت في ارهاب الناس".