الإسلام شريعة كونية ونظام عالمي

2021-11-02 11:34

تقرير: عماد بعو  
مهما تقدمت النظم والقوانين والتشريعات البشرية لن تبلغ مرحلة الكمال، لأننا بشر مجبولون على الخطأ، بينما الشريعة السماوية مقدسة ومنزهة من كل خطأ وتقصير كونها صادرة من الله (عزّ وجلّ).
لكن التقصير او القصور في فهم الشريعة السماوية وتطبيقها جعل البعض لا يميز بين الدين السماوي كدين مقدس وبين تصرفات وسلوكيات البشر الذين يرومون تطبيق هذا الدين، الإسلام خاتم الأديان وأكملها تعرض الى هذه الاشكالية.
الدكتور ضرغام كريم كاظم بين ان: الإسلام هو خاتم الأديان جاء بشريعة سمحة كما هو واضح في الكثير من النصوص القرآنية الكريمة، والقرآن الكريم يحكي ويبن ما جاء به الإسلام من تعاليم ووصايا وتشريعات تؤكد على مسألة التعايش السلمي التي هي من مبتنيات الفكر الإسلامي، ولكن هناك قراءات خاطئة وقراءات بعيدة عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وعن جوهر الإسلام تسببت في ظهور التطرف الديني عند البعض.
وأضاف" ان مسألة التعايش السلمي واضحة وجلية في سيرة حياة النبي الاكرم محمد(صلى الله عليه واله وسلم) لاسيما في تعامله مع اهل الكتاب و المشركين، و كان النبي يتعامل معهم وفق تعاليم  الديانات السماوية، ونلاحظ ان صلح الحديبية وغيره من الامور تبين مدى التعايش السلمي حتى ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) يؤكد في غزواته وحروبه على السلم وعدم التعرض الى البيئة والأطفال والمسنين والحيوانات، ويوصي بعدم ملاحقة الفار من الجيش ومطاردته، والتعايش السلمي له جذور ممتدة في  كل الديانات السماوية وليس فقط في الدين الإسلامي". 
وأوضح "  هناك فارق بين الإسلام المحمدي والإسلام المبتدع الذي بدأت معالمه تظهر على يد الدولة الأموية وعلى العاقل ان يميز  بين الإسلام المحمدي إسلام الرحمة والتعايش والإسلام الاموي المغشوش، والذي ابتدع فيه الأمويون فتاوى تتماشى مع مصالحهم وشهواتهم حتى ان قضية توثيق التاريخ تمت بأقلام الأمويين، وهم  أول من بدأ بتدوين التاريخ الإسلامي لذلك لم يسلم التاريخ من التزوير والتشويه". 
وأضاف كاظم " ان تعزيز التعايش السلمي في المجتمع ونبذ التطرف يتطلب توافر مجموعة من العوامل ومنها: ان تكون هناك حكومة قوية قادرة على توفير الأمن والأمان للمواطن، وان يكون دور المنبر الديني دورا ايجابيا اي ان يتوحد الخطاب على المستوين الشيعي والسني،  بالإضافة الى ضرورة  قيام وسائل الإعلام بالدور التوعوي من خلال برامجها المختلفة، ناهيك عن ضرورة التأكيد على التعايش السلمي في المناهج التربوية لما في ذلك من تأثير ايجابي على شخصية الفرد وتكوينه".
فيما تحدث الدكتور غالب الدعمي عن الحركات الساعية لتشويه صورة الإسلام قائلاً " الحركات المتطرفة الحالية التي جاءت باسم الإسلام اثرت تأثيرا كبيرا  على سمعة وصورة هذا الدين العظيم، وأنا بتقديري هذا مقصود وبتدبير من قبل المنظمات المتطرفة مثل جبهة النصرة وداعش وغيرها، و لو بحثنا في جذوره هذه المنظمات نجد انها  تتبع اجندة هدفها الاساس تشويه صورة الإسلام". 
وألمح" كانت رغبة اعتناق الدين الإسلامي  في اوروبا ما بين عامي 1997- 1998 متزايدة بسبب الجهود التي بذلها دعاة اسلاميون للتعريف بكنه الإسلام، وقد أشرت حالات كثيرة تخص شخصيات اوروبية بارزة جدا بدأت تتأثر بالإسلام وتعتنقه ألا ان الغرب بدأ يخشى من انتشار الإسلام واندثار المسيحية فقام بإنشاء الحركات المتطرفة التي تدعي الانتماء الى الإسلام، وهي تمارس القتل والارهاب، وبذلك أصبح الإسلام يتعرض الى التشويه، و كما يعلم كل منصف انه دين عظيم قائم على الرحمة و المودة".
وأوضح الدكتور الدعمي" ان أول من دعا الى فصل الدين عن السياسة هم الامويون وهم اعداء الإسلام في حين ان الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) كان سياسي وقائد امة ورجل دين في الوقت ذاته، وكذلك خليفته الإمام علي (عليه السلام) كان رجل سياسة ورجل دين، ومن  يدعو الى  فصل السياسة عن الدين لا يفهم الإسلام، ولكن ينبغي تطبيق القوانين والتشريعات الإسلامية بشكل فعلي لا كما يفعل البعض اليوم ممن يرفعون شعار الإسلام ولا يطبقون فحواه، إذ نلاحظ بعض القيادات السياسية في العراق ظاهرا تنتمي الى الإسلام وفي الحقيقة  هي بعيدة عن جوهره، ولو التزم الساسة وأصحاب القرار اليوم  بتطبيق التعاليم الإسلامية واستلهام توجيهات المرجعية الكريمة لأزدهر البلد وتقدم كثيرا،  وأرى ان الدين لا يمكن فصله عن السياسة، والدليل اننا  نلاحظ ان في خطب الجمعة المباركة خطبة دينية وأخرى سياسية تمثل توجيهات المرجعيات الكريمة".

من جهته قال الباحث الدكتور سامر مؤيد عبد اللطيف" عندما نتكلم عن التعايش بين الأديان او  بين القوميات والأعراق نجد الدستور بوصفه مرجعا للتشريع  يكرس مبدأ التعايش السلمي، ونبذ العدوان ونبذ كل ما له علاقة  بالسياسات العنصرية والإرهاب، كون الارهاب يمثل صورة متطورة من صور التطرف والعنف، و عند مراجعة نصوص متن الدستور العراقي  نجد  مثلا المادة (7) تحظر اقامة او قيام كيان على العنصرية والإرهاب والتطرف، و ليس فقط حظر وقيام مثل هذا الكيان بل حظر كل كيان يمجد ويبرر او يمهد لمسألة اقامة مثل هكذا كيان يشجع على الإرهاب  والتطرف".
 وتابع الباحث" ان الدستور أكد على مبدأ التعايش في اكثر من موضع  فخذ مثلا المادة(37)، وهي ضمن باب الحقوق والحريات، ضمن  فصل الحريات، وهذه المادة توجب على الدولة ابتداء حماية حرية الافراد وكرامتهم الإنسانية، وإتاحة هذه الحرية يعتبر طريق مؤدي الى التعايش السلمي حيث ان الافراد عندما يجدون سبيل للنقاش والحوار سينبذون سياسة العنف والتطرف ومن ثم الإرهاب، كما ان هناك مادة دستورية تنص على ان الدولة تعمل على محاربة او منع كل وسائل الكراهة الفكرية كون الكراهة الفكرية وسيلة او صورة اخرى من صور التعارض مع التعايش  السلمي". 
وأضاف" ان الإسلام شكل مصدرا اساسيا للتشريعات الدستورية التي تبين أهمية التعايش السلمي، و في الدستور العراقي تنص  المادة (2) على عدم تشريع اي قانون يخالف ثوابت الإسلام، ومن هذه الثوابت (الحوار والتعايش) إذ يقول الله (عز وجل) في محكم كتابه الكريم (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ), وفي آية أخرى  يقول (سبحانه وتعالى) (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم) ان الله (تعالى) اوجد مساحة واسعة في القرآن الكريم للتعايش السلمي، كما كفل القرآن الكريم حقوق المخالفين وقد  ورد ذلك في سورة الكافرون (لكم دينكم ولي دين)، وهنا يدعو القرآن الكريم الى حفظ حقوق الذميين".

العودة إلى الأعلى