مشروع وطني لمكافحة الفساد البيئي وحماية المياه والأراضي

أطلق العراق، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، المرحلة الثانية من مبادرة مكافحة الفساد والتحكيم(ACAI II)، في خطوة تهدف إلى ربط النزاهة المؤسسية بحماية الموارد الطبيعية وتعزيز العدالة البيئية. وتأتي هذه المرحلة بعد التقدم اللافت الذي حققته البلاد في مؤشر الشفافية العالمي لعام 2024، حيث صعد العراق 14 مرتبة، وهو أكبر تحسن منذ أكثر من عشر سنوات بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

المرحلة الأولى من المشروع، التي امتدت بين عامي 2021 و2025، أسهمت في تحديث منظومة النزاهة من خلال تدريب القضاة والمحققين والعاملين القانونيين، ورصد قضايا الفساد، ودعم الإعلام والمجتمع المدني في التقارير الاستقصائية، بالإضافة إلى تطوير بيئة التحكيم والوساطة بما يعزز الاستثمار والاستقرار الاقتصادي.

ربط مكافحة الفساد بحماية البيئة

المرحلة الجديدة، المموّلة بقيمة 4.5 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، تركز على المجالات الأكثر تأثرًا بالفساد، مثل إدارة المياه والأراضي، التلوث، التراخيص، والاستثمارات المرتبطة بالتغير المناخي. وقد أكد النائب الأول لرئيس هيئة النزاهة الاتحادية، الدكتور مظهر الجبوري، أن التصحر والتلوث لم تعد قضايا ثانوية، بل ترتبط مباشرة بحياة الأجيال والتنمية والإعمار والاستثمار. وأشار إلى أن المرحلة الحالية ستشهد إنشاء نظام وطني للنزاهة البيئية وتعزيز القدرات الرقابية والقضائية في قضايا الموارد الطبيعية.

تحول في مفهوم الحوكمة

من جهته، أوضح سفير الاتحاد الأوروبي في العراق، كليمنس سيمتنر، أن مشروع ACAI II يتماشى مع الإصلاحات الوطنية والتزامات العراق الدولية الخاصة باتفاقية باريس للمناخ ومع مبادرة “تخضير العراق”، مشيرًا إلى أنه ليس مشروعًا تقنيًا لمكافحة الفساد فقط، بل مشروع حوكمة وبيئة وعدالة في آن واحد. بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

أدوات جديدة للمساءلة والمواطنين

المشروع سيتضمن إنشاء قاعدة بيانات وطنية خاصة بالنزاعات البيئية والمناخية، وتدريب وسطاء ومحكمين متخصصين بقضايا الاستثمار الأخضر، إضافة إلى دعم الصحافة الاستقصائية لكشف الانتهاكات البيئية. كما سيقدم خدمات مساعدة قانونية مجانية للمجتمعات الأكثر تضررًا، مع توفير أدوات رقمية تتيح الإبلاغ المباشر عن المخالفات، مما يمنح المواطنين دورًا فاعلًا في حماية مواردهم. 

مسار جديد

شهد حفل الإطلاق حضور جهات عليا من هيئة النزاهة، والاتحاد الأوروبي، والمجلس الأعلى للقضاء، ووزارة البيئة، والهيئة الوطنية للاستثمار وخبراء مختصين، حيث أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن المرحلة الثانية تمثل تحولًا في نهج النزاهة، عبر ربط الشفافية بالحياة اليومية للسكان.

أوضح الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، تيتون ميترا، أن الفساد الذي يلوث المياه أو يضر الأراضي الزراعية يمس كل مواطن، وأن المشروع يهدف إلى حماية حق العراقيين في بيئة سليمة ومؤسسات مسؤولة واستعادة الثقة بين الدولة والمجتمع.

يمثل المشروع خطوة رائدة في المنطقة، من خلال الجمع بين مكافحة الفساد والتحولات المناخية والتنمية المستدامة، بما يعزز الثقة الاستثمارية ورفاه المجتمع، ويضع العراق في مسار إصلاحي طويل الأمد يربط الأمن البيئي بالحوكمة الرشيدة.



العودة إلى الأعلى