مدرسة الحلة في الحفظ والفقه.. نشأتها ودورها

2025-11-23 05:51

برزت مدرسة الحلّة في الحفظ والقراءة منذُ تمصير الحلّة، وتضافرت أسباب كثيرة لاشتهار هذه المدرسة، منها قربها من النجف الأشرف، وكربلاء المقدسة، والكاظمية المشرّفة، وسلامتها من دمار المغول بفضل حكمة علمائها، ثم اصبحت مدينة الحلّة مقراً للحوزة العلمية الشيعية، التي يقلدها الشيعة في كل بلدان العالم لفترة ليست بالقليلة، لذلك توافد عليها الطلاب من كل حدب وصوب، لنيل علومها، والأخذ عن علمائها، وحوزتها.

واعتنى الحلّيّون بالطلاب الوافدين، منذُ وقت مبكّر من تأسيس مدينة الحلة على يد الأمير صدقة بن منصور سنة (495هـ)، وللشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن نما الحلي قدَم السَبق في تعمير بيوت الدرس إلى جانب مشهد صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف) سنة (636هـ)، وأسكن هذه الدور جماعة من الفقهاء، وتولى أمورهم، ولم تكن هناك مدارس نظامية في مدينة الحلة حتى نهاية القرن الثامن الهجري، وكانت حلقات الدرس تُعقد في دور العلماء، والمشاهد، والمدارس، وذكر أن أول مدرسة نظامية بنيت في الحلة هي المدرسة الزينبية، وكان يدرس فيها مختلف العلوم الدينية لاسيما الحفظ والقراءات.

أما ما يخص أدوار الدراسة والمناهج التي مرّت بها في مدينة الحلة فكان منها المرحلة التمهيدية، التي لم يحدد أعلى عمر للمتعلم للدراسة فيها، مع شرط توفر الرغبة بذلك، كما لم يوجد سقف زمني لإنهاء الدراسة، وبإمكان الطالب ترك الدراسة متى شاء، أما المناهج في هذه المرحلة، فللشيخ حرية ما يختار تدريسه لطلابه، ومن الطبيعي أن يبدأ بتعليم قواعد الكتابة مثل الخط، مع أسس الفقه وهو موضوع التعلم الرئيس.

وفي حقبة السيطرة العثمانية على العراق كانت الكتاتيب في الحلة على ثلاثة أنواع، أولها للبنين يديرها معلّم واحد يطلق عليه اسم (الملّا)، وهو الأكثر انتشاراً، والثاني للبنات وكانت تديره معلّمة يطلق عليها (الملّية) أو (الاسته)، أما النوع الثالث فكان يديره (ملّا) أو(ملّاية) حسب ظروف كل منطقة، وكان تعلُّم القرآن الكريم وحفظه، من أولويات التعليم في الكتاتيب، في الحلة ابان تلك الحقبة.

ابرز العلماء المتخرجين فيها

من بين العلماء الذين نشأوا فيها أو تأثروا بها:

1.العلامة الحلي (الحسن بن يوسف بن المطهر)

يُعد العلامة الحلي من أبرز علماء الشيعة في العصور الوسطى، وكان له تأثير كبير في **الفكر الشيعي الإمامي.

تخرج في مدرسة الحلة، وترك آثاراً علمية ضخمة في العديد من المجالات مثل الفقه، والكلام، والتفسير، والمصطلح.

من أشهر مؤلفاته:

-التحرير الطاووسي (شرح لمتن الطاووس)

-القواعد الفقهية

-منتهى المطلب في علم الأصول

2.الشيخ الطوسي (أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي)

من أبرز العلماء الشيعة في تاريخ الفقه الإمامي والكلام، ورغم أنه عاصر فترة ما قبل تأسيس مدرسة الحلة، إلا أن تأثيره في الفكر الشيعي كان عميقاً، وقد ساهم في تطوير مدرسة الحلة بشكل غير مباشر من خلال مؤلفاته وأثره العلمي.

من أهم مؤلفاته:

-تهذيب الأحكام (في الحديث)

-المبسوط (في الفقه)

-العدة (في أصول الفقه)

3.الشيخ بهاء الدين العاملي (محمد بن الحسين)

الشيخ بهاء الدين العاملي، الملقب بـ "الشهيد الثاني"، هو أحد كبار علماء الشيعة في مجال الفقه والكلام.

له العديد من المؤلفات، من أشهرها:

-اللمعة الدمشقية (في الفقه)

-الروضة البهية (شرح لمتون الفقه)

4.الشيخ المفيد (أبو عبد الله محمد بن النعمان)

هو أحد أعظم علماء الشيعة في القرن الرابع الهجري وكان له تأثير كبير في بناء المنهج الشيعي الإمامي، وعلى الرغم من أن الشيخ المفيد لم يُولد في الحلة، إلا أن مدرسته كان لها ارتباط قوي بها، خصوصاً في مجال الفقه والكلام.

من أهم مؤلفاته:

-المقنعة (في الفقه)

-الأمالي (في الحديث)

-الارشاد (في سير الأئمة)

5.الشيخ علي بن الحسين المتقي الهندي

هو من العلماء الذين ارتبطوا بمدرسة الحلة، وقد اشتهر بعلمه في مجال الحديث والتفسير وعلوم القرآن.

من أهم مؤلفاته:

-كنز العمال (في الحديث)

-مجمع الزوائد (في الحديث)

6.الشيخ محمد تقي المجلسي (المجلسي الثاني)

كان من أعلام الشيعة في القرنين السابع والثامن الهجريين، وقد تأثر بشكل كبير بفكر المدرسة الحلِّية.

عُرف بإسهاماته في تفسير القرآن الكريم وشرح الأحاديث.

من مؤلفاته الشهيرة:

-بحار الأنوار (جمع كبير للحديث)

7.السيد المرتضى علم الهدى

من كبار علماء الشيعة، تأثر بعلماء الحلة، وكان له دور كبير في ترسيخ أصول المذهب الشيعي، وله آثار كبيرة في مجال علم الكلام وأصول الفقه.

من أشهر مؤلفاته:

-الذريعة إلى أصول الشريعة

-الشافي (في علم الكلام)

 


العودة إلى الأعلى