ناشط إيزيدي: لأول مرة في التاريخ تصدر فتوى بضرورة حماية ابناء الديانة الايزيدية
في ليلة وضُحاها، أصبح الإيزيديون ضحية للقتل والترويع والسبي والمجازر الجماعية على يد عصابات الكفر والظلام التي اجتاحت مناطقهم في الموصل شمال العراق. لكن بفضل فتوى الدفاع الكفائي التي أصدرتها المرجعية الدينية العليا تم التصدي لهذه الهجمة لحفظ الأرض والعِرض. وعن مجمل هذه الأحداث، أجرت وكالة كربلاء الآن حواراً مع الناشط الإيزيدي سفيان حجي سلو، الذي عاش تلك الحقبة بأدق تفاصيلها، للغوص في عمق هذه الأحداث.
بداية، هل لكم التعريف بشخصكم وما نشاطاتكم في المحافظة ؟
سفيان حجي سلو ناشط مدني وإعلامي، مسؤول فريق مجلس شباب الأقليات العراقي، عضو منتديات الشرطة المجتمعية العراقية، عضو مركز حوار الأديان العالمي، عضو في مؤسسة أديان العالمية فرع العراق محافظة نينوى ناحية بعشيقة المكون الأيزيدي .
تجربتكم كشاهد عيان على الاحداث التي مرت بها الموصل عام 2014، خاصة بالنسبة للايزيديين ؟
مع انهيار المنظومة الامنية في محافظة نينوى والأخبار المفبركة والمروعة التي كانت تصل إلينا عن أهلنا من سنجار نتيجة اجتياح هذه الجماعات الإرهابية لمناطقهم وما حدث من مجازر وما ارتكبوها من مقابر جماعية بحق أهلنا واختطاف حرائرنا هناك وسبي نسائنا إضافة إلى تهجيرهم وحرق ممتلكاتهم كانت ساعات وأيام عشناها من الرعب والخوف نتيجة مصيرنا المجهول والتهجير القصري من مناطقنا إضافة إلى تزايد قوى الإرهاب بسيطرة على أغلب المناطق العراقية هذا الأمر كان يثير مخاوف وقلقا في أذهاننا إلى اليوم لكن تحررت بلادنا من براث هذا الاعتداء الغاشم.
برأيكم، ما الدرس الذي يمكن ان نتعلمه من تلك التجربة؟
في تلك فترة ظهرت بشكل جلي اهمية التكاتف والتعاون بين جميع مكونات الشعب العراقي واهمية الوحدة الوطنية والحفاظ على وحدة الصف العراقي وايضا خطورة التطرف والارهاب لأنها كشفت الوجه القبيح والحقيقي للإرهاب وسلطت الضوء على اهمية ان يكون هنالك وحدة صف عراقي لبناء مؤسسة امنية قوية كفؤة وقادرة على حماية البلاد من اي تهديد ولا بد من تعزيز سيادة القانون وتعزيز الاستقرار للحيش بسلام وامان للجميع.
فتوى الجهاد الكفائي التي صدرت في تلك الفترة، ما الذي يمكن القول عنها اليوم ؟
ان فتوى الدفاع الكفائي المجيدة كانت حدثاً تاريخياً مهماً ومؤثراً في نفوس أبناء الشعب العراقي والعالم أجمع حيث أثارت حماساً وتضامنا شعبياً واسعاً لم يحدث أبداً لهذا البلد حيث اجتمعت بعد هذه الموجة الطائفية التي كانت تنحر بين أبناء المجتمع العراقي مختلف الطوائف والمكونات وقد ساهمت هذه الفتوى التي بتوحيد الجهود والصفوف لمواجهة التهديد الإرهابي وحررت الأرض والعرض و وجلعت من أبناء شعبها يتكاتف فيما بينهم وساهمت إسهاماً كبيراً في تعزيز الهوية الوطنية والشعور بالانتماء إلى الوطن والحفاظ عليه من أي اعتداء خارجي أو داخلي .
كيف ترون مستقبل التعايش السلمي بين المكونات العراقية بعد تلك الاحداث ؟
بعد الأحداث الدامية التي شهدها العراق آنذاك ومنها قضاء سنجار الذي تعرض إلى شتى أشكال الإبادة والإجرام بحق الإنسانية كان هناك العديد من التحديات التي تهدد وحدة الصف العراقي والتعايش السلمي بين المكونات العراقية وضرورة محاربة خطابات الكراهية التحريضية تلك والتي بدأت تؤثر على وحدة الصف العراقي وكان لا بد من أن نقضي على هذه الطائفية والمذهبية والوقوف بحزم ضد من تسول له نفسه العبث بأمن ووحدة العراق ومحاولة تقسيم البلد إلى دويلات ومنع التدخلات الأجنبية التي تحاول دائما أن تؤجج الصراع الداخلي وتقوض عملية بناء الدولة وكان لا بد من العمل على إعادة بناء الثقة وتعزيز وحدة الحوار والتفاهم بين أبناء المجتمع العراقي لبناء مجتمع أفضل يسوده الأمن والأمان ليعيش الجميع بسلام و استقرار .
كيف انعكست هذه الفتوى على ارض الواقع في تحرير المناطق المتضررة ؟
ساهمت فتوى المرجعية في تغيير موازين القوى في المنطقة وحدّت من التطرف الإرهابي وبرزت مكانة العراق بعد سعي الكثير من دول الجوار وغيرهم من دول الأجنبية لضياع العراق وتغيير الخارطة السياسية للبلد لكن هذه الفتوى وبفضل الدماء الزكية أعادت العراق إلى موقعه الحقيقي وأدت إلى تشكيل قوة جديدة من الحشد الشعبي كقوة عسكرية مهمة في العراق نعتمد عليها في حماية حدودنا من أي تجاوز ومن أي دولة أو من الفكر الذي يحمله هذا الإرهاب والتي ساعدت على تحقيق الانتصارات وحررت المدن العراقية كافة .
وهل كان للمرجعية الدينية العليا مساهمة في تقديم المساعدات الانسانية للأيزيديين والمكونات الاخرى في الموصل اثناء وبعد التحرير ؟
ساهمت المرجعية في تقديم المساعدات الإنسانية خلال فترة احتلال داعش لمناطقنا وبعد عمليات التحرير أيضا ولعبت دورا محوريا مهما ومميزا واستمرت في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة وبفضل التوجيهات من المرجعية الدينية الحكيمة حيث قدمت الإغاثة العاجلة للنازحين والمتضررين جراء العمليات العسكرية وساهمت أيضا بعد التحرير في عمليات الاعمار وقدمت الدعم النفسي والتعليمي للعديد من ابناء الشعب العراقي وساهمت في تعزيز أواصر التماسك الاجتماعي بين افراد المجتمع وساهمت اسهاما فعالا في تحسين صورة العراق بين دول العالم وعكست الوجه الحضاري الحقيقي للشعب العراقي في تكاتفهم تجاه اي عدوان يحاول ان يفرق ابناء الشعب العراقي اضافة الى الدور المهم والانساني حيث فتحت العتبات المقدسة مستشفياتها في النجف وكربلاء مجانا كمكرمة من لأبناء الديانة الايزيدية حيث اجرى العديد من ابناء الديانة الايزيدية العمليات الجراحية الكبرى والصغرى وحصلوا على العلاج المجاني وعلى تكاليف العمليات تكفلت بها العتبة الحسينية وساهمت اسهاما مباشرا في انعاش الشعب الأيزيدي ومساعدة الشعب الأيزيدي.
رسالة توجهونها للعراقيين حول تلك الفترة؟
هنالك العديد من الرسائل المهمة منها الحفاظ على أهمية الوحدة الوطنية والتكاتف بين جميع أبناء المكونات العراقية بغض النظر عن قوميتهم أو ديانتهم أو عقيدتهم وبغض النظر على الخلافات والتحديات التي كانت تواجههم ويجب أن يستمر تكريم وتقدير الشهداء وعوائلهم الذين ضحوا وقدموا الغالي والنفيس من أرواح ودماء زكية للدفاع عن هذه الأرض الطاهرة وأيضا من المهم التركيز على إعادة عمار البلاد وبناء مؤسسات الدولة القوية وتحقيق العدالة الاجتماعية للجميع لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة نحو بناء مستقبل أفضل للعراق العظيم.
هل من رسالة أخيرة ؟
كديانة أيزيدية نود أن نشكر المرجعية الرشيدة على رأسهم السيد السيستاني دام ظله ونشكر جهود العتبة الحسينية المقدسة وأهلنا العراقيين على وقفتهم لما قدموه من تضحيات وعمل انساني للشعب الأيزيدي بشكل خاص بعد ما تعرض له ابناء الديانة الايزيدية أبان احتلال داعش لمناطقهم حيث كان هناك دور مهم لرجل الدين الاعلى السيد علي السيستاني لأنها أول مرة في تاريخ الديانة الايزيدية عبر العصور وعبر الزمن تصدر فتوى من رجل دين اسلامي بضرورة حماية ابناء الديانة الايزيدية والحفاظ عليهم والحفاظ على هويتهم على النقيض من جميع الفتاوى التي صدرت سابقا بضرورة ان يقتل ابناء الديانة الايزيدية لكن اليوم بفضل فتوى المرجعية حرّم الدم الأيزيدي وحافظت على هوية ابناء الديانة الايزيدية .