الإمامة حصننا وملاذنا

: د-صباح محسن كاظم 2024-11-13 10:52

لا ريب أن كمال الإيمان بإتباع النبي والقرآن وأداء الفرائض المنصوص عليها، التي قننتها وشرعتها الشريعة المقدسة السمحاء، لا تكتمل إلا بإتباع منهج الإمامة الركن الضامن لسلامة المسار الدنيوي والأخروي فهو الطريق المكلل بالهدى والتقى والمضي بطريق الحق والذي رسم للإنسان المسلم بالألطاف الإلهية بحسب ما ورد بكتاب الله تبارك و تعالى من نصوص قطعية بالولاء للنبي الكريم وآله الطاهرين، ولا يتم الإيمان الحقيقي إلا بالولاء والإقتداء والإتباع للأئمة المعصومين –عليهم السلام – وبمعنى آخر أن الإيمان المتكامل أو كمال الإيمان يتم باليقين والتصديق بالإمامة .


الدراسات التاريخية العلمية والمنهج الاستدلالي :

الدراسات المنهجية المعاصرة اشتغلت على عدة مناهج علميّة من التحليل والاستقراء والاستنتاج لتصل للحقيقة التاريخية التي قد أريد لها التغييب منذ عهود وقرون خلت لكن الشمس لا يحجبها الغربال ، لقد سلك السيد الدكتور "وسام رعد سلوم الحكيم "برسالته العلمية بالماجستير بالتاريخ الإسلامي : (( موقف أبناء الإمام علي –عليه السلام- وأبناء الامامين الحسنين عليهما السلام حول الإمامة ) )

وقد اعتمد بها التحليل التاريخي لإثبات نهج الإمامة وإتباعها لتعصم جميع المسلمين من الضياع وإتباع الأهواء والخطل والزلل بالحكم وانحراف الحكام من الأمويين والعباسيين والمروق من ربقة الإسلام بعد الغرق بالشهوات وترك سنة المصطفى- صلى الله عليه وآله – بالوصية والتبليغ بالإمامة بكل المشاهد والمواقف التي مر بها بحياته .

يؤكد الدكتور وسام رعد سلوم في مقدمة رسالته العلمية ص 11 بقوله:

((لاشك في خطورة وحساسية قضية الإمامة وكونها دعامة من دعائم الدين حسب الروايات التي اتفق عليها الفريقان .ولكون النبي –صلى الله عليه وآله – يحذر الأمة قائلاً :

((من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية .)). من خلال دراستي للتاريخ برسالتي بالماجستير والدكتوراه عن الإمام علي –عليه السلام- بالفكر المسيحي عند المؤرخين والأدباء جورج جرداق –بولس سلامة –سليمان كتاني . والإمام جعفر الصادق –عليه السلام- في آراء الكتاب من مختلف الأديان وجدت معظم العلماء و المؤرخين وكتاب السيرة يؤكدون على أهمية الإمام بقيادة المجتمع ووصية النبي الأكرم –صلى الله عليه وآله- بما ورد بالصحاح وكتب السنن فمن يجحد بها بعد ذلك إلا من أنحرف عن الدين القويم .

لقد بذل السيد الدكتور وسام رعد جهده في التقصي والمتابعة وقراءة مصادر التاريخ وآراء جملة من العلماء والمؤرخين حول موضوعه المهم من فصله الأول : الإمامة اصطلاحاً الذي استغرق بشرحه ليؤصله ويثبته ثم يتحول لشرح الخلافة كذلك ثم جذور الابن باللغة والتركيز على الإمامة بالقرآن ص 28:

((وردت الإمامة في القرآن الكريم بمعنى المثل والدليل والقدرة والمشابهة ....)) ثم الاستدلال من آيات القرآن الكريم :

(( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ))(( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )) وقد استعرض عدة آيات فسرها المفسرون على التأكيد على الإمامة. مع شروحات مقرونة بالأحاديث والسنة لتثبيت المراد .

في ص41 حدد الباحث )) ترى الشيعة الإمامية بأن الإمامة خلافة الله في أرضه ولا ينكر ذلك أحد من أهل العلم والمعرفة وقد صرح بذلك الخلفاء حتى الذين كانت خلافتهم بالاختيار ...)).

يستطرد بالتفصيل ليؤكد ص45 : (( انعقد الإجماع على وجوب الإمامة وصاروا فريقين ،أحدهما أن الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار والثاني تثبت بالنص والتعيين ....)).

ويبحر المؤلف بالفصل الثاني في : موقف أبناء الإمام علي –عليه السلام- حول الإمامة بموضوعات فرعية أجاد بقراءة الأحداث والمقارنة واستعراض الحوادث التاريخية والمعجزات والكرامات ثم إمامة الحسن والصلح مع معاوية ونكوث العهد من المنحرف الباغي وتولي الشاذ يزيد للخلافة ليستمر بقراءة موضوعية لموقف أبناء الإمامين الحسنين –عليهم السلام حول الإمامة وإمامة زين العابدين وسيد الساجدين الى موقف الامام الصادق –عليه السلام- من الامامة .

لقد قدم الباحث الدكتور وسام رعد سلوم للمكتبة العربية بهذا الكتاب في 246 صفحة ما ينفع الوعي التاريخي ويؤسس للاعتقاد الصحيح. ومثل تلك المؤلفات جديرة بالانتشار من خلال طبعها ونشرها وتسويقها والتعريف بها فوظيفة الإعلام الجاد والهادف صناعة الوعي التاريخي ليعرف المتلقي المسارات التي يسلكها بحياته.. بعد أن عملت العولمة على تذويب الهويات ،ومحو التراث، ونشر التفاهات ،التي تحرف العقول .

إن إشاعة المعرفة التاريخية ومن خلال الرسائل الأكاديمية الرصينة وليس سرديات فقط هو الكفيل برفع منسوب الوعي الفكري للأجيال .

العودة إلى الأعلى