مدير مركز البينة: نعمل على بناء مجتمع آمن ثقافياً ونفسياً
في ظل التحديات الفكرية والثقافية المتزايدة التي يواجهها المجتمع العراقي، برزت الحاجة إلى مؤسسات بحثية ومراكز فكرية متخصصة تعمل على ترميم النسيج الاجتماعي ومكافحة التطرف وتعزيز الأمن الفكري. في هذا السياق، كان لنا هذا الحوار مع الشيخ علي القرعاوي، مدير مركز بينة للأمن الفكري والثقافي التابع للعتبة الحسينية المقدسة، حيث تحدث عن دوافع تأسيس المركز ورؤيته المستقبلية وأبرز المشاريع في الميدان الثقافي والعلمي.
• ما الدافع من تأسيس المركز؟
- كما تعرفون، كانت هناك أعمال عديدة قمنا بها عبر مجموعة من اللجان التابعة للجنة العليا لتوثيق إرهاب القاعدة وداعش، منها اللجنة المشرفة على المؤتمر الأول للحد من التطرف والإرهاب، واللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني، بالإضافة إلى مشاريع مثل الأسابيع الثقافية وغيرها.
كل هذه الأنشطة انبثق منها مركز بينة، وكان الهدف من تأسيسه هو رصد المشاكل من مختلف الأبعاد: الثقافية، الفكرية، الاقتصادية، السياسية، العسكرية، وغيرها، وتحليل ما يتم رصده عبر كتابة مجموعة من التوصيات وتقديم رؤى استشرافية للحد من هذه الظواهر.
لا نزال نعمل على مشاريع كبيرة، منها (معجم ألفاظ الأمن الفكري)، وكتابات حول مشروع (الإشاعة) وجذورها وكيفية معالجتها وعواملها النفسية والاجتماعية، ومشروع (الحصانة النفسية.)
كل هذه المبادرات تمثل دوافع أساسية لتأسيس هذا المركز، وهناك مرتكز أساسي في عملنا وهو أن المجتمع هو جوهر المركز، إذ نعمل على إصلاح وترميم الفجوات الموجودة فيه سواء كانت اجتماعية، نفسية، أخلاقية، اقتصادية، تربوية أو غير ذلك.
• كيف يمكنك تعريف الأمن الفكري؟
- الأمن الفكري من المصطلحات الحديثة التي طُرحت مؤخرا، ويمكننا ببساطة التعبير عن هذا المفهوم، وفقا لما يتبناه المركز، بأنه الاطمئنان، أي انتقال المواطن من حالة القلق إلى حالة السكينة والاستقرار، وهذه العملية تخلق نوعا من الأمن والسلام والمحبة داخل عراقنا الحبيب.
إن مركز الأمن الفكري يسعى من خلال برامجه وزياراته المستمرة لمناطق العراق المختلفة إلى تحقيق هذا الهدف.
وهذه اللقاءات تخلق الألفة والاطمئنان في قلوب الناس، وتعزز التقارب بين مكونات المجتمع، مما يحقق تماسكا اجتماعيا، ونحن جادون في هذا المجال، سواء عبر برامجنا في جامعات نينوى، الموصل، تكريت، الأنبار، بغداد، وكربلاء، أو من خلال برامجنا التوعوية والثقافية. ولدينا برامج مستقبلية سنعلن عنها قريبا بإذن الله.
• هل لديكم شراكات مع مؤسسات من داخل العراق وخارجه؟
- نعم، مركزنا يشارك في العديد من المشاريع واللجان العلمية والثقافية والفكرية التي تشرف عليها جهات حكومية مهمة مثل مكتب رئيس الوزراء، وزارة التعليم العالي، مستشارية الأمن القومي، هيئة البحث والتطوير، ومستشارية رئيس الوزراء.
ولدينا تفاعل مستمر مع هذه الجهات على المستويات الأمنية، الفكرية، الثقافية، والعلمية، ونعمل معا على برامج توعية، ورصد وتحليل الظواهر غير المطمئنة، ومن ثم إصدار ورش أو كتب أو مؤتمرات لتوعية المجتمع بطرق متعددة.
• ما هي برامجكم ومشاريعكم المستقبلية؟
- لدينا العديد من المشاريع الثقافية والفكرية والعلمية، من أبرزها مشروع (معجم مصطلحات الأمن الفكري) الذي وصل إلى مراحل متقدمة، وكذلك، نعمل على مشروع (الإشاعة) ومشروع (قصص القرآن الكريم)، وهي مشاريع فكرية وثقافية وعلمية تم تأسيس فرق عمل لها، وبدأت تلك الفرق بالكتابة الفعلية، حيث تم عقد العديد من الورش والندوات، ولا يزال العمل جارياً على هذه المشاريع الاستراتيجية، ولدينا أيضا مشاريع أسرع تنفيذا مثل الندوات والورش، بعضها يقام داخل المركز والبعض الآخر خارج نطاقه الزمني أو المكاني.
• كيف يساهم المركز في رفع الوعي الفكري لدى الوسط الاجتماعي؟
- يمتلك المركز وحدتين مهمتين: وحدة (التاريخ الشفاهي)، ووحدة (توثيق انتهاكات مواقع التراث الحضاري) سواء من قبل القاعدة وداعش أو من أي فكر متطرف.
والتركيز على موضوع الآثار والتراث مهم جدا لأنه يمثل هوية عراقنا الحبيب، ولذلك أنشأنا وحدة متخصصة لهذا المجال تُدار من قبل أساتذة مختصين، كما تم جمع عدد من الكراسات والكتب في هذا الموضوع، طُبع منها قسم، ولا يزال البعض الآخر قيد الطباعة، وحتى الآن، تم طباعة تسعة كتب ضمن موسوعة توثيق إرهاب القاعدة وداعش المتعلقة بانتهاكات المواقع التراثية، وما زلنا مستمرين في هذه المشاريع التي نعدّها جزءا من الحفاظ على هوية العراق.