المكتبة المركزية في كربلاء.. صرح حضاري في خدمة العلم والمعرفة
لا شك أن المكتبات لعبت دورا كبيرا في نشر العلم والمعرفة ورفد الثقافة العامة بما تحتاجه عبر التاريخ، الأمر الذي أدى الى ضرورة العناية بها من مختلف الجوانب لما تحويه من كنوز العلوم والمعارف فضلا عن أدوات الترويح النفسي لطلبة العلم على وجه التخصيص.
والمكتبة المركزية في كربلاء واحدة من تلك المكتبات التي نالت شرف العضوية بين مكتبات العالم التي حظيت بالقدسية والتبجيل بين روادها بشكل خاص وبين عموم الجمهور بشكل أعم، الأمر الذي دفع وكالة كربلاء الدولية الى زيارة هذا الصرح الحضاري الكربلائي المهم للتعريف بلمحات من تاريخها وما وصلت إليه اليوم.
فكرة الإنشاء
وقد كان من الطبيعي أن تكون المحطة الأولى في هذه الجولة عند الأستاذ محمود عباس الانباري مدير عام المكتبة المركزية في كربلاء الذي حدثنا أولا عن بدايات التأسيس فذكر أن" المكتبة المركزية تأسست عام 1945 ولم تكن في هذه البناية بل كانت في بيت في مركز المدينة قرب مدرسة خديجة تم استئجاره من قبل الإدارة المحلية التي كانت تعرف بمتصرفية لواء كربلاء وتم التبرع للمكتبة من قبل الشخصيات والباحثين والأدباء والكتاب في المحافظة في الخمسينيات والستينيات حتى وصلت الى 6000 كتاب، وفي عام 1966 او ما يقارب انطلقت فكرة إنشاء مكتبة مركزية وإنشاء بناية لها.
تصميم معاصر وتراث قديم
وعن تصميم المكتبة ومراحل بنائها قال أن" الدكتور العراقي الراحل المهندس المعماري محمد مكيه الذي كانت له أعمال كثيرة في العراق وخارجه حينما زار كربلاء والتقى بمتصرفها السابق جابر حسن حداد اقترح عليه المتصرف تقديم هدية الى كربلاء تتمثل بتصميم معماري فاقترح المهندس تصميم مكتبة وتوجب على المتصرفية تخصيص موقع لها ليكون فاقترح الدكتور مكيه تصميمها على طراز حديث مستوحى من التراث العراقي القديم والعمارة الإسلامية فخصص لها مكان في وسط كربلاء بمنطقة المركزية وهو المكان الحالي وهو بالأصل من بساتين السادة ال ثابت واشترته الإدارة المحلية ووزعته، فكان قسم منه لنقابة المهندسين وقسم للشباب والرياضة وقسم النشاط المدرسي للتربية، وقسم المركزية التابع للصحة، وكانت هذه الأرض للإدارة المحلية فأنشأت فيه هذه المكتبة على الطراز الخاص والمعماري من الدرجة الأولى من قبل الراحل محمد مكيه واستوحاه من التراث العراقي القديم لان العراقيين الأوائل كانوا يعتقدون أن الأماكن المقدسة هي التي تكون في مناطق مرتفعة، ولما تحمله المكتبة من قدسية لدى المصمم ولدى عامة الناس فجعلها عالية عن الأرض وصمم المكتبة على شكل قاعات أربع كبيرة ومتساوية بالحجم بدأ البناء بعد أواخر الستينيات وفي سنة 1971 تم افتتاحها بهذا الشكل ولم يتغير الى الآن، والمكتبة اليوم هي شعبة تابعة الى قسم الموارد البشرية في الإدارة المحلية في محافظه كربلاء.
وحدات وقاعات لتسهيل الخدمات
وعن التقسيم الإداري والبنائي للمكتبة أشار الانباري الى أن" المكتبة تضم عددا من الوحدات المتمثلة بوحدة خزانة الكتب التي تضم أكثر من 23,000 كتاب إضافة الى وحدة الاطاريح والرسائل الجامعية التي تضم المئات منها والعدد بتزايد مستمر، ووحدة الكتب الإنجليزية وتضم أكثر من 1500 كتاب مطبوع ووحدة الكتب النادرة التي تضم الكتب القديمة المطبوعة قبل مئات السنين من مطبوعات القرن التاسع عشر وقد تكون بعض الكتاب نادرة دون ان يكون عمرها 100 سنة ، وتوجد لدينا مطبوعات من فرنسا وايطاليا واسبانيا وهولندا وتركيا وايران ومصر والهند وهذه معظمها من مطبوعات القرن التاسع عشر، ووحدة التجليد وترميم الكتب التالفة وهنالك وحدة تعنى بالصحف والمجلات وتضم الآلاف منها، وللمكتبة أربع قاعات الأولى كما أسلفنا مخصصة لخزانة الكتب التي تحتوي على 23,000 كتاب، وقاعة المطالعة للرجال وأخرى للنساء، وهنالك قاعة رابعة مخصصة للأطفال ويطلق عليها وحدة أجيال المستقبل وهي على نمط الرف المفتوح أي أن الطفل يتعامل مع الكتاب بصورة مباشرة دون أية قيود أو عوارض ويساعد ذلك على تنمية روح القراءة لدى الطفل وتشجيعه على الرسم والتلوين والمواهب الأخرى إضافة الى وجود شاشة للعرض لمشاهدة الافلام التي تناسب أعمارهم، وهنالك وحدة أنشئت حديثا بناء على طلب الباحثين والأدباء عرفت بالمكتبة الوثائقية لتلبية متطلبات الباحثين والأدباء والكتاب الذين يبحثون عن ما يتعلق بكربلاء من رسائل وأطاريح وكتب تعنى بالمحافظة وتاريخها بشكل مستقل وتولت هذه الوحدة جمع كل ما يتعلق بهذه المحافظة عبر التاريخ".
الحفاظ على الكتب والنوادر
الاستاذ نبيل الصراف مسؤول وحدة التجليد والكتب النادرة حدثنا عن آليات التجليد والترميم فقال"ان بعض الكتب التي نستلمها من الأدباء والباحثين وبعض البيوت الكربلائية والمكتبات مثل مكتبة نوري أصلان وبيت السماك نجد أن بعضها قديمة ومعرضة للتمزق مما يجعلنا نعمل على إعادة تأهيل وتجليد هذه الكتب داخل المكتبة وبعدها يتم إدخالها بالرفوف المخصصة لها لتسهيل عملية الوصول لها وتوجد لدينا كتب بلغ عمرها قرابة 140 سنة تم ترميمها وتجليدها ليتمكن المختصين من الاستفادة منها".
الطفل له حصة من المكتبة
أنوار رجب علي مسؤولة مكتبة الطفل كانت آخر محطاتنا في هذه الجولة لتحدثنا ذلك قائلة" إن مكتبة الأطفال تعد من أهم المكتبات في حياة الأفراد فمن خلالها يكتسب المعلومات والخبرة في قراءة الكتب التي تكون قريبة منه لذا فان عملنا في هذه المكتبة يكون من خلال استقبال طلبة المدارس القاصدين المكتبة مع أمهاتهم وآبائهم ويقدم لهم مجلات وبعد الاطلاع عليها يتم اختبار الطلبة لشرح او لتقديم فكرة عما وجده في المجلات ومدى استفادتهم من القصص الموجودة داخل هذه المجلات إضافة الى اطلاعهم على القصص القرآنية مع طرح بعض الأسئلة عليهم وهنالك أوراق تلوين أيضا داخل القاعة المخصصة لهم".
تصوير: صفاء الحسناوي