الصناعات الحرفية فلكلور شعبي وثروة نفيسة
تعد الصناعات الحرفية إرثا مهما و ثروة نفيسة، يمكن من خلالها حل الكثير من المشاكل والأزمات الاقتصادية، ولعل احدها هو ايجاد فرص عمل للشباب العاطل، لذا فالاهتمام بها من شأنه دفع عجلة التقدم الاقتصادي الى الأمام.
مركز الاعلام الدولي اعد تقريرا بصدد اهمية هذه الصناعات للبلد، فالتقى رئيس قسم الاقتصاد في جامعة كربلاء، الأستاذ الدكتور مهدي ساهر الجبوري، ليتحدث قائلا" الصناعات الصغيرة أحدى مؤشرات التنمية الاقتصادية في بلدان العالم، ونلاحظ ان لها دور كبير في دول شرق اسيا، حيث توجد اكثر من اربعة ملايين مؤسسة ضمن الصناعات الصغيرة في الصين وكوريا الشمالية واليابان وتوجد هذه الصناعات في دول أوربا وامريكا, ولها مساهمات كبيرة في الناتج المحلي الاجمالي للبلدان، إذ تساهم في زيادة دخل الافراد وزيادة الانتاج المحلي، وتوفير فرص عمل كثيرة هذا من جانب، ومن جانب اخر تعتبر هذه الصناعات مجال رائد لتطوير القطاع الاقتصادي بصورة عامة من خلال التخصص الموجود في اغلب الصناعات الحرفية, وعلى ضوء هذا التخصص توجد جهات تقدم القروض لتفعيل هذه الصناعات حسب مساهمتها بالناتج المحلي او مساهمتها في رفد القطاع الصناعي بصورة عامة، كما ان ارتباط الصناعات الصغيرة في بعض البلدان يعتبر حاضنة اعمال تابعة لإحدى الجامعات، وذلك للاستفادة من الكفاءات الموجودة داخل هذه الجامعات, والتي تعمل على توجيه تلك الحاضنات وتوظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة والابتكارات لتطويرها لتنعكس بعد ذلك على واقع اقتصاد البلد".
وأوضح" ان مشكلة الصناعة في العراق مشكلة مركبة لها عدة اوجه منها اقتصادية وسياسية واجتماعية, فنلاحظ اغلب افراد المجتمع يتوجهون الى القطاع العام على حساب القطاع الخاص, وان نظرة القانون العراقي والدستور و القطاع الخاص الى القطاع العام بأنه الداعم والمنفق على القطاع الخاص, ألا ان الملاحظ ان في كل بلدان العالم ان القطاع الخاص يوازي في تأثيره الاقتصادي القطاع العام او ربما يتفوق عليه، اضافة الى مشكلة غياب حاضنات الاعمال في الجامعات ومؤسسات الدولة بصورة عامة, وان الصناعات الصغيرة تعاني من عدم وجود جهات تخصصية للإقراض، وغياب الوعي لدى المجتمع تجاه القطاع الخاص والصناعات الصغيرة ودورها في توفير فرص عمل لشريحة الشباب والعاطلين عن العمل، وبالتالي المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي، كما انه يجب ان يراعى التخصص فالصناعات الصغيرة صناعات تخصصية، فمثلا ان الصناعات الصغيرة الرائجة والتي ترتبط بالقطاع السياحي في مدينة كربلاء هي التي تحقق ارباح كبيرة لو استغلت بصورة صحيحة".
ادخال التقنيات والمكننة الحديثة في الصناعات الحرفية
رئيس قسم الصيانة في العتبة الحسينية المقدسة، الحاج كريم الانباري، تحدث عن الاهتمام الذي يوليه القسم للصناعات الحرفية قائلا" عمد قسم الصيانة التابع للعتبة الحسينية المقدسة الى ادخال التقنيات والمكننة الحديثة لتطوير الصناعات الحرفية، ورفع جودة المنتج وزيادته، والمساهمة في تسريع وتيرة العمل، وتقليل الجهد على اليد العاملة، وهذا يعتبر من متضمنات مواكبة التطور الكبير والمشهود لإعمال وخدمات العتبة الحسينية المقدسة".
وتابع" تم شراء مكائن متطورة من مناشئ عالمية، كمكائن الحفر وتخريم الخشب ومكائن خراطة الخشب، وقد وظفت في زيادة الإنتاجية، وساهمت بشكل ملحوظ في تجديد وتحديث منتجاتنا لاسيما ما يخص تصنيع الأثاث المكتبي والأبواب والشبابيك، إذ ان الهدف الاساسي من إنشاء وحدات خاصة بالنجارة، هو تقليل الاعتماد على السوق المحلية، فضلا عن إنجاز الأعمال الموكلة لنا بسرعة أعلى و جودة اكبر وبما يسهم في تقديم أفضل الخدمات للزائر الكريم، ونعتمد في جميع أعمال النجارة على النوعية الجيدة من الاخشاب وبالتحديد خشب الصاج والجاوي، اضافة الى ذلك استخدام اجود انواع الغراء والأصباغ في اعمال الطلاء، وتجري جميع هذه الإعمال على ايادي ماهرة من الفنيين، وممن يمتلكون خبرة واسعة في مجال عملهم، كون ان اغلبهم كان سابقا من اصحاب هذه الحرفة، بل ومن الحرفيين المعروفين في مجال الأعمال الخشبية ذات الطابع التراثي الاسلامي".
وأضاف الأنباري" يضم قسم الصيانة مجموعة من الوحدات المعنية بمختلف انواع الحرف، كالحدادة، والنجارة، والألمنيوم، وصيانة الأجهزة الكهربائية والخراطة والميكانيك والأعمال المدنية، ويعتمد في عمله على استخدام الوسائل الحديثة والمتطورة التي يضمن من خلالها شروط المتانة والأمان والجودة والتقييس، والتي هي اهم أولويات عمله، مما جعل خدمات هذا القسم بادية للزائر الكريم وبشكل ملفت للأنظار كونها تتسم بالنوعية والسرعة".
قطاع حيوي يرفد الاقتصاد العراقي والدخل القومي والفردي
الاستاذ في كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل، الفنان التشكيلي، عامر سلمان الشمري، يجمع بين العمل الاكاديمي والمهني تحدث لنا عن تجربته في هذا المجال قائلا" انجزت مئات الاعمال الفنية وربما زادت عن الالف عمل، ومن ضمنها انواع الخطوط كالخط الكوفي والكوفي المربع والقديم، و حصلت في هذا المجال على شهادة الماجستير من جامعة بغداد، ومن ثم بعد ذلك حصلت على الدكتوراه في تطويع الحرف العربي في النسيج والطراز, اضافة الى اهتمامي السابق والقديم بالفلكلور العراقي، حيث عملت في اوائل السبعينات مع رائد الفلكلور العراقي والتراث الشعبي، الفنان القدير عطا صبري في دار التراث الشعبي في بغداد".
وبين" بدأت الحرفة اليدوية تنحسر مما جعلني اقيم العديد من الدورات لتعليمها والحفاظ عليها، نتيجة الظروف المتاحة لي ومنها: امتلاكي خبرة اكاديمية ومهنية، وكذلك سكني في ناحية المدحتية بمحافظة بابل وهي مشهورة بالحياكة, حيث أقمت اكثر من 75 معرضا داخل العراق وخارجه، وهذا كله من اجل الحفاظ على الحرف اليدوية، لأنها اذا استغلت بصورة صحيحة يمكن ان تستفاد منها بعض العوائل في الحصول على مورد رزقها, فالكثير من هذه الصناعات تحتاج الى من ينفض عنها غبار الزمن وبحاجة الى من يقتني منتوجاتها, ولو اقيمت معارض لهذه الصناعات فأنا اول المشاركين وسأتبرع بجزء كبير من مبيعات المعرض للحشد الشعبي".
وأوضح الفنان التشكيلي" ان تردي القطاع الصناعي بصورة عامة والصناعات الحرفية بصورة خاصة يعود لأسباب عدة أهمها: تدمير الاحتلال للبنى التحتية للقطاع الصناعي، وانتشار الفساد في جميع مؤسسات الدولة، وعدم حماية الصناعات الوطنية والمنتجات المحلية، وكذلك الاهمال الحكومي للقطاع الخاص والصناعات اليدوية، لذلك يجب على الجهات المسؤولة وضع الحلول المناسبة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، لان ذلك من شأنه رفد الاقتصاد العراقي والدخل القومي والفردي، وتحويله من قطاع مستهلك الى قطاع منتج، وينبغي اختيار الكفاءات العلمية التي لديها خبرة في المجال الصناعي لإدارة هذا القطاع، وإعادة تأهيل المنشآت الصناعية التي تهتم بالصناعات الصغيرة والحرفية وعمل دورات تدريبية للعاملين، و كذلك دعم واحتضان قطاع الصناعات الصغيرة والحرفية وتقديم التسهيلات له ليتسنى للعاملين فيه مزاولة أعمالهم".
تقرير: سلام الطائي
تحرير: صباح الطالقاني
مجلة الروضة الحسينية