بعد آمرلي العراقية.. قصص إنسانية عن صمود أهالي بلدتي (الفوعة وكفريا) السوريتين أمام الإرهاب
علي الشاهر
رضختْ بلدتا (كفريا والفوعة) الواقعتان بريف إدلب شمال سوريا، لحصار وترهيب استمر لسنة وثمانية أشهر، من قبل الجماعات الإرهابية، التي منعت وصول الغذاء والدواء إلى البلدتين وسط تهديدات مستمرة بالهجوم عليهما وارتكاب المجازر بحقّ أهليها، وهي ما تذكّرنا بصمود مدينة آمرلي الشجاعة في العراق أمام هجمات داعش الإجرامية.
الهدوء عادَ إلى البلدتين بعد نجاح رجالها ونسائها بطرد الإرهابيين، عبر صمود وجهاد قلّ نظيره، ينبع من عقيدتهم بأهل البيت (عليهم السلام)، راسمين صوراً إنسانية رائعة عن معنى المقاومة بعزيمة كبيرة، وهم يلوذون ببعضهم البعض تحت القصف المستمر.
ويروي إمام بلدة الفوعة الشيخ محمد حسن تقي، في حوار متلفز معه تابعه مركز الإعلام الدولي (IMC)، قصصاً جميلة لصبر وصمود هاتين البلدتين، مسلطاً الضوء بشكل كبير على دور النساء في مساندة أخوتهن الرجال.
ويقول الشيخ تقي: "كان الحصار شديداً ومؤلماً بالنسبة للناس، وأخذت المعاناة أشكالاً متعدّدة، منها فقد الغالي من الابن والأخ والزوج والزوجة والابنة، بكل مكوناتها عانى منها الناس، وكان لهم موقف اتجاه كل مفردة من هذه المفردات، أما على صعيد الجانب المادي، فالمعاناة التي مر بها المواطنون من أهالي بلدتي الفوعة وكفريا كانت شديدة جداً، بحيث لا يمكن للأسرة أن تؤمّن ولو أدنى درجات الحياة، ولكن بفضل الله (سبحانه وتعالى) والمخلصين وصبر الناس وتحملهم، استطعنا تجاوز المرحلة".
ويضيف، "سجّل الرجال موقفاً رائعاً في قبول الواقع وتحمّل المصيبة التي تقع عليهم بفقد الأعزة، فكانوا يقفون جنباً إلى جنب في العزاء وحتى في تحمّل الجانب المادي، إلا أنهم عاشوا سوية مشروع الجهاد والشهادة ضد العصابات الإرهابية، هذا المشروع فهمه الجميع، وطبقه الأخوة أفضل تطبيق".
وزاد بالقول أن "لنساء البلدتين دوراً بارزاً في التخفيف عن الرجال، من الآثار السلبية التي كانت تحصل بسبب الحصار، فقد تم تأسيس هيئة باسم (لجنة رعاية أسر الشهداء) شارك فيها 25 امرأة، واتفقن على تقديم المساعدة بين حي وآخر، حيث تم تقسيمهن إلى مجموعات، من أجل التواصل أسبوعياً مع أسر الشهداء والوقوف على متطلباتها واحتياجاتها، ويقمن كذلك بالجانب التعليمي والحث على الاستمرار به، وهنا يظهر دور المرأة المجاهدة في الحفاظ على عملية التعليم التي لم تتوقّف أبداً خلال فترة الحصار على البلدتين".
ومن الصور البطولية الأخرى التي ينقلها فضيلته، أن أمهات الشهداء "قمن بتأسيس جمعية خاصة لمساعدة الشباب العزّاب على الزواج، وفعلاً تم جمّع الأموال حصراً من قبلهن، وقد انطلقت هذه الفكرة من إحدى النساء حيث استشهد ابنها الوحيد الذي كان مقبلاً على الزواج، فأصرّت مع أخواتها الأخريات من أمهات الشهداء تأسيس هذه الجمعية والمساهمة بتخفيف الثقل عن كاهل الشباب المقبلين على الزواج".
من القصص الأخرى للنساء، كما يسردها الشيخ تقي أنهن "كنّ يأخذنَ بيد الرجال ويقمنَ بتقديم وجبات الغذاء يومياً إلى المجاهدين في ساحات القتال، كما يقمن بخياطة الأكياس وملأها بالتراب لاستخدامها في السواتر الأمنية، كما قدّمن الإسعافات الأولية خلال المواجهات بين مجاهدي البلدتين والجماعات الإرهابية، ووصل الأمر ببعضهنّ أن يقمن بتلقيم الأسلحة والذخيرة لمساعدة الرجال في المواجهة الشرسة للعدو، حتى تحقيق الانتصار".