إلغاء تفويض الحرب على العراق يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين بغداد وواشنطن
صوّت مجلس النواب الأميركي، في خطوة وُصفت بالتاريخية، على إلغاء تفويضي استخدام القوة العسكرية ضد العراق الصادرين عامي 1991 و2002، واللذين شكلا الأساس القانوني للحربين على بغداد. القرار يأتي في سياق تحولات جيوسياسية كبرى بالشرق الأوسط، ويعكس توجهاً أميركياً لإنهاء حقبة التدخلات العسكرية المباشرة.
في العراق، رحبت الأوساط السياسية بالقرار، ورأت فيه خطوة إيجابية نحو تعزيز السيادة الوطنية. المستشار الحكومي عائد الهلالي اعتبر أن إلغاء التفويضين يمثل "نقطة تحول جوهرية" في العلاقة بين بغداد وواشنطن، مشيراً إلى أن التوقيت يرتبط برغبة الولايات المتحدة في تقليص أعباء حروبها الخارجية والتركيز على منافسة الصين، مع إبراز العراق كشريك اقتصادي وأمني محتمل.
الهلالي ربط القرار أيضاً بنجاح الحكومة العراقية في تحسين صورتها الدولية، مذكّراً بقضية تحرير الباحثة الروسية الأميركية إليزابيث تسوركوف التي خُطفت في بغداد عام 2023 وأُفرج عنها لاحقاً، معتبراً أن واشنطن أرادت مكافأة بغداد على هذه الخطوة.
أما رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية كريم المحمداوي، فقال إن القرار "اعتراف صريح بأن مرحلة التدخل العسكري قد ولّت"، مؤكداً أنه ينسجم مع المطالبات الوطنية بإنهاء الوجود الأجنبي.
لكن الباحث السياسي مهند الراوي حذّر من تداعيات القرار، خصوصاً على صعيد الدفاع الجوي، موضحاً أن إلغاء التفويض قد يقيّد قدرة القوات الأميركية على التصدي لأي تهديد خارجي، في وقت يعتمد فيه العراق بشكل كبير على الدعم الأميركي لتأمين أجوائه.
من جهته، أوضح الخبير القانوني علي التميمي أن القرار يضع العلاقة بين بغداد وواشنطن "على أساس جديد من السيادة والاحترام المتبادل"، ويعني أن أي رئيس أميركي لن يتمكن مستقبلاً من استخدام القوة ضد العراق دون موافقة الكونغرس بمجلسيه.
وذكّر بمحاولات سابقة لإلغاء التفويضين لم تكتمل بسبب انقسام المشرعين الأميركيين.
وبحسب مراقبين، فإن القرار الأميركي يحمل بعدين متوازيين: فهو من جهة يطمئن العراقيين إلى انتهاء مرحلة الاحتلال العسكري، لكنه من جهة أخرى يثير تساؤلات حول قدرة بغداد على ملء الفراغ الأمني وضمان حماية أجوائها في غياب الغطاء الأميركي الكامل.
وكالات