من اعماق دجلة الى قلوب العراقيين ...قصة الشهيد عثمان العبيدي
غرق ليحمل حياة الاخرين فأصبح نجما ساطعا في سماء بغداد الشهيد الشجاع عثمان علي عبد الحافظ العبيدي، هو شاب عراقي من أهل الأعظمية، ولد في بغداد عام 1986م. اشتهر ببطولته الفذة عندما تصدى لإنقاذ الغرقى في حادث جسر الأئمة عام 2005م، خلال زيارة الإمام الكاظم عليه السلام.
يروي لنا احد سكان منطقة الاعظمية المواطن سامرالجبوري بعض التفاصيل التي يتذكرها عن حياة العبيدي قبل وقوع الحادثة فيقول الجبوري: لم يكن عثمان العبيدي شخصية عامة أو مشهورة قبل الحادث. كان شابًا عاديًا يعمل في مخبز، ويعيش حياة بسيطة ومتواضعة.
وعن حبه للسباحة: يقول الجبوري امتاز عثمان بحبه الشديد للسباحة منذ صغره بسبب قرب النهر من منطقة سكناه، وكان يتردد على نهر دجلة بشكل متكرر طيلة ايام الصيف. هذه الهواية هي التي مكنته من التصرف بسرعة وفعالية لحظة وقوع الحادث.
كارثة جسر الأئمة: يوم حزين في تاريخ العراق
وفي يوم 31 أغسطس عام 2005، وخلال إحياء الزائرين مراسيم ذكرى استشهاد الإمام موسى الكاظم ع وقعت حادثة جسر الأئمة التي كانت واحدة من أشد الكوارث الإنسانية التي شهدها العراق في السنوات الأخيرة والتي حدثت نتيجة لتدافع شديد بين الحشود المتجهة إلى مرقد الإمام الكاظم، سقط على اثرها المئات في نهر دجلة. والسبب يعود الى اطلاق مجموعة من الارهابيين الإشاعات حول وجود قنبلة كانت السبب الرئيسي في هذا التدافع، حيث أدت إلى حالة من الهلع والفوضى ادت الى تحطم احد جوانب حواجز الجسرمما ادى الى سقوط المئات من الرجال والنساء والاطفال في نهر دجلة.
ادت هذه الحادثة الى خسائر بشرية فادحة أسفرت عن مقتل المئات وإصابة المئات الآخرين, تاركة آثارًا نفسية عميقة على الناجين وعلى المجتمع العراقي بشكل عام.
بأيدي عارية وروح متفانية، تمكن الشهيد عثمان من إنقاذ ستة أشخاص من الغرق، لكنه للأسف لم يستطع إنقاذ نفسه، عندما حاول انقاذ الضحية السابعة حيث لقي حتفه بعد أن التفت حوله عباءة امرأة غارقة.
وبهذه التضحية العظيمة تجاوزت بطولة عثمان الطائفية والمذهبية، وأصبحت رمزًا للتضامن والوحدة الوطنية في العراق.
حظي الشهيد بتكريم رسمي وشعبي كبير، حيث أُقيمت له العديد من التماثيل والنصب التذكارية، وأطلق اسمه على شوارع وميادين، كما تم تكريمه من قبل العديد من الشخصيات والمنظمات.
أصبحت قصة العبيدي درسًا في الشجاعة والإيثار والتضحية بالنفس من أجل الآخرين.
رحل الشهيد عثمان العبيدي جسداً، لكن روحه ستظل حاضرة في قلوب العراقيين، وستكون مصدر إلهام للأجيال القادمة.