الهوية وتحديات الاندماج.. المجتمع الأمريكي انموذجاً
ان للمجتمعات دور كبير في صهر الأفكار وتغيير المعتقدات وخصوصا تلك البلدان التي تعد فيها الحرية الشخصية ميزة واضحة حيث تعمل على الاستغناء عن هويتك الدينية ان لم تكن لديك الدوافع الحقيقية للتمسك بها، ونظرا لأهمية المسالة كان لوكالة كربلاء وقفة لتسليط الضوء على اهم الاسباب والدوافع لانسلاخ بعض من المجتمع الاسلامي عن هويته وطرق المعالجة فكانت محطتها الاولى مع السيد محمد باقر الكشميري مسؤول مركز امام في ولاية ميشيغان التابعة للمرجعية العليا في النجف الاشرف قائلا:" إن البلدان في الغرب بها خصيصة خطيرة وهي إذا لم تتسلح ستذوب قطعا واذا لم يكن الجيل الأول فالجيل الثاني أو الذي يأتي بعده سيذوب وينتهي ولدينا نماذج من الواقع، على سبيل المثال يمكن ملاحظة عائلة أولادها الأول يتكلم لغة والديه بينما الابن الثاني يتكلم خمسين بالمائة والأخير لا يكاد يصل عشرة بالمائة ، حيث يتضح من خلال المجتمعات التي صار لها عقود في هذه البلدان".
وأضاف أن" هذه البلدان لديها قابلية الصهر، نعم هم يرفعون شعار التنوع وهذا شعار جميل وهذا شعار إسلامي نحن نعتقد به باختلاف ألوانكم وألسنتكم المبدأ القرآني يقول: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...) ولكن هنا يرفعونه من باب فيه مصالح سياسية وتجارية وثقافية أيضا و بعد فترة من الزمن ترى أولادك و أحفادك انصهروا وذابوا في هذه المجتمعات".
موضحا:" هنالك عدة خطط لزرع الهوية الشيعية فعاداتنا وأعرافنا النبيلة تضم عدة مميزات والهوية شيعية متميزة بقضية الإمامة وهي مهمة لان الشاب يمكن يفقد هويته خصوصا في مجتمع إسلامي ضحل بالالتزام الديني، فيجب أن يكون هنالك حوافز لاستقطاب الشباب فالمركز الديني او المسجد او الحسينية تلعب دور مهم في ترسيخ الهوية، فإذا لم يكن هنالك حضور حقيقي لرجال الدين في هذه المجتمعات فستقرأ عليها السلام . أما قضية الشعائر الحسينية فيمكن اعتمادها كمَعلَم من معالم الشيعة، هويتنا الثالثة هي القضية المهدوية فهي قائمة على تربية الإنسان على الانتظار.النقطة الرابعة للهوية الشيعية المرجعية الدينية فباقي الأطراف ليس لديهم مرجعية وهذا يعد خصيصة مهمة، فمن خلال هذه المعالم الأربع يمكنك وضع الهوية الشيعية في بر الأمان بعيدا عن كل الإغراءات."
مؤكدا :" لا أريد أن أكون مجازفا إذا قلت الرابعة هي الدليل على الثلاثة ، وتوجد محاولات شديدة وللأسف الشديد أقولها بمرارة أحيانا حين ينخرط فيها حتى بعض الشيعة من حيث لا يشعرون لفصل الناس عن المرجعية الدينية والذي هو سر تواجدنا نحن في الولايات المتحدة، فعملنا في المؤسسة مركز الارتباط بهذه الدقة مركز الارتباط بالمرجعية الدينية العليا حيث وضعنا أول هدف من أهداف المؤسسة مكتوب على الدستور ان هدفنا الأساسي ربط الشيعة بمرجعياتهم الدينية مثلما المسيحي والكاثوليكي مرتبط بـالبابا في روما لم لا ارتبط بمرجعي، فكما هو موروث عن أئمتنا سلام الله عليهم الرجوع الى المرجعية الدينية هو رجوع إلى الامام المهدي الرجوع إلى الإمام الحسين الرجوع إلى نظام الإمامة، وهذا يحفظ الهوية الشيعية".
معلقا" وهنالك جزء من هذه الأزمة وهي عدم التفاهم بين الجيل السابق والجيل اللاحق ويجب ان يكون هنالك أشخاص يعلمونا كيف نتواصل كيف نتكلم مع الإعلام كيف نخاطب غير المسلمين ما هو حوار الأديان وكيف نعمل عليه فكل هذه الوسائل لابد ان تستخدم حتى نستقطب الناس، فلابد من تدريب قيادات جديدة تستلم بدلنا ونبقى كخبراء او منظرين او مستشارين لابد ان نتعلم حتى نعرف ان نستخدم الوسائل التي تستقطب الناس".
هموم المجتمع الاسلامي
بين السيد الكشميري قائلا" الجالية في الولايات المتحدة الأمريكية وأحب ان اسميها المجتمع الإسلامي الشيعي في الولايات المتحدة تحتاج لرعاية وللقيادة ونحن نعتقد إن لإشراف المرجعية الدينية العليا ولاسيما في هذا العصر الذي به قد وفق و لكثير من فقهائنا العظام وعلى رأسهم السيد السيستاني يكفيك أن ترى الفقه للمغتربين مجموعة فتاوى تخص المغتربين و في بعض الأقسام كيفية التعامل مع غير المسلمين ومع السلطات النافذة القوانين النافذة في تلك البلاد يعطيك افق رحب أنت كشيعي كيف تعيش في الخارج ومع من، أقول في هذا الإطار يشعر المسلمون بحاجة الى رعاية اكبر هذه الرعاية الأكبر لابد نحن ممن نتصدى للعمل ان نعمل عليها الآن نحن بحاجة الى تطوير وضعها الديني والثقافي وتطوير وضعها الاجتماعي ففي هذا البلد يوجد تنمية و هنالك حرية ممتازة هنالك مجال للمسلمين أن يُحلّقِوا وينفعوا المسلمين الآخرين في جميع أنحاء العالم لكن هم بحاجة إلى دعم معنوي ومادي حتى نكون ممهدين لظهور الإمام سلام الله عليه الذي وردت روايات تقول: (ستخرج شمس الإسلام من الغرب) ونأمل أن يكون مصداقه هؤلاء المؤمنين أتباع أهل البيت هنا محبين الحسين عليه السلام".
اعتزاز الانسان بهويته مبدأ أساسي
د. نجوى صالح جواد جامعة كنساس الامريكية
" ان النقطة الاساسية هي اعتزاز الانسان بهويته، فأغلب الشيعة في البداية كان يخجل من هويته كشيعي او قوميته كعربي وبالرغم من الحرية التي تعطيها الحكومات الغربية لكن تجد الجيل الثاني خصوصا لديه مشكلة كبيرة بالتعبير عن هويته الاصلية، فتجد اغلب الشباب المسلم المغترب يحاول التنكر من خلال زيه فيقوم بارتداء زي مقارب للزي الغربي ويطلقون عليه بالانفتاح على العالم الحديث غير مبالين بهويتهم الدينية".
مبينة" هنالك ازدواجية واضحة لدى اغلب الشباب بالتعبير عن ذاته فتجد مظهر الشاب المسلم مظهر لشاب غربي من حيث اللبس وتصفيفة الشعر والتاتو ولكن من ناحية اخرى وفي المناسبات الدينية كشهر محرم الحرام واقامة الماتم تجدهم اول الحاضرين والمشاركين حيث يرغبون بالتعبير عن هويتهم الداخلية بهكذا مناسبات".
موضحة" هنالك الكثير الحلول التي يمكن ان تصل اغلب المجتمع المسلم الى بر الامان وذلك من خلال منتديات ثقافية شبابية واجبها التقرب من الطبقات العمرية المختلفة وخصوصا الشباب، بالاضافة الى المخيمات التي تستطيع بعض المراكز الاسلامية الثقافية ان تتبناها، ولايمكن ان نغفل عن دور البيت ودور العائلة في هذه المسالة لانها تعد الركيزة الاساسية ولمست ذلك من خلال تربية اولادي على الاحتفاظ بهويتهم كمسلمين اولا وكشيعة من غير تردد".
معلقة" يجب ان يكون هنالك حالة من التوافق لدى تربية الاولاد في هكذا مجتمع اي لايجب ان يكون هنالك انغلاق تام لافكارهم مما يؤدي الى نتيجة عكسية وبالتالي ينهار ماتم بناءه ولا بطريقة منفتحة، على سبيل المثال اعياد راس السنة التي يمكن من خلالها التعبير عن مشاعر الفرح ودعوة الاصدقاء والاقارب وهي لاتتعارض مع الاسلام وتقديم الهدايا فهذا يشجع الابناء على التقرب من المجتمع من غير الانسلاخ من هويتهم الاصلية".
مؤكدة" يجب ان يكون للجيل الاول دور في تأسيس بعض الامور التي من خلالها يمكن تجنيب حالة الاندماج التي تصيب الجيل الثاني ففي نهاية الثمانينات من القرن المنصرم قمنا بتأسيس جمعية صغيرة تحت مسمى "جمعية الزهراء" والتي تعمل على تثقيف البنات على تعلم القران وبعض الامور الدينية الاخرى وباللغتين العربية والانجليزية والتي ساهمت بتوعية الكثير من الفتيات حيث اصبحن نواة جديدة لتعليم جيل جديد وهو اخطر من الجيل الاول بحكم انتشار وسائل الاتصال الحديثة اتي لها دور كبير في انحراف الكثير من الشباب والفتيات".
العمل المشترك الحل الوحيد
بهاء الخاقاني كاتب وصحفي في مؤسسة الامام المهدي الولايات المتحدة الاميركية
تعد قضية الاندماج قضية مهمة لدى اغلب المجتمع المسلم فهي تراوح بين الذوبان والقطيعة، إما يذوب في هذا المجتمع او ينقطع كليا عن المؤسسات والمراكز الإسلامية، فمن جهة تجده إنسان ملتزم بما تحمله الكلمة ولكن هنالك قطيعة للمؤسسات الإسلامية والتي يمكن القول بأنها الركيزة الاساسية للمجتمعات الاسلامية في الغرب.
مبينا" اغلب الشباب الذين هم من الجيل الثاني لديهم حب الانفتاح على العالم الغربي وتقليده ونسيان هويته الأصلية لأنه يعدها مثلبة وهذا واضح كذلك لدى الجيل الأول، وتعد الظروف السياسية العامل الأساسي في انسلاخ المجتمع الإسلامي من هويته وخصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر اصبحت هنالك ردة فعل من قبل المجتمع الغربي للمسلمين، وهذه يمكن ان تعد نتيجة لما تقوم به الأيادي الخفية والتي تعمل على تشويه الدين الإسلامي على انه دين مبني على القتل والرعب".
موضحا" يمكن من خلال العمل المشترك تغيير وجهات النظر فعلى سبيل المثال هنالك قرارات صدرت هنا لاعتبار بعض اللغات لغات رسمية إضافية كاللغة الاسبانية والمكسيكية والفرنسية ولم يأتي هذا من فراغ بل أتى من تظافر جهود هذه المجتمعات حيث تجد المواطن الاسباني لديه اعتزاز بهويته الأصلية وهكذا مع باقي الدول".
وأضاف الخاقاني" مصادر الخلل تتحملها المؤسسات الدينية حيث يتوجب على المراكز والمؤسسات الديني لعب دور مهم في توعية الشاب المسلم وسحبه من الإغراءات المتعددة ففي مثل هكذا مجتمعات جميع الأبواب مفتوحة على مصرعيها فالهوية التي قامت بتشويهها بعض الدول الإسلامية نفسها يجب اعادة البريق لها لكي لا يستعير أي مواطن في جميع المجتمعات الغربية منها وهذا يعتمد بصور أساسية على وعي المؤسسات الدينية وكيفية التعامل مع المغتربين".
الشباب وتحديات الازدواجية في الهوية
وكان لنا لقاء مع الإعلامي الأستاذ صالح المحنة حيث بين إن عدم التوفيق لبعض المؤسسات في الأمور التثقيفية للفرد المغترب خلقت لديه حالة الازدواجية حيث يتقبل كل شيء تحت عنوان الحرية و الانفتاح وتحت عنوان يقول لا يوجد مانع هذه حرية شخصية، لكنه بعد فترة تخلق حالة من الانسلاخ بالرغم من ممارسته للشعائر الدينية.
موضحا " إن غياب المحاضرين الكفوئين في المؤسسات الدينية الذين يتعاملون مع الشباب له دور أساسي في تخلي اغلبهم عن هويته الإسلامي بحيث إن اغلب المحاضرين يتعاملون بمستوى واحد ولم يؤخذوا بعين الاعتبار طبيعة المجتمع والمستوى الثقافي أو إنهم يتعاملون مع طبقة واحدة بالإضافة إلى حاجة المراكز لمحاضرين ذو كفاءات عالية باللغة الانجليزية".
مضيفا" اقترح فتح موقع للشباب يطرحون فيه أفكارهم ويعبرون فيه عن آراءهم فمن خلال المنتديات الثقافية والمواقع التي تفتح الآفاق وفرص الانخراط بالمجتمع بطريقة لا تتعارض مع أساسيات الدين الإسلامي."
مختتما بالقول" مع شديد الأسف إن الصورة التي ينقلها الإعلام العربي عن المجتمع الإسلامي في البلاد الغربية مشوهة جدا وتعكس الصورة السلبية وإظهار معاناة الشباب المادية والتي يمكن أن تجعله ينسلخ من هويته الإسلامية مقابل مغريات مادية لكنك تجد العكس من ذلك، فعلى مستوى الدراسة هنالك قروض خاصة للطلبة يمكن تسديدها حال التوظيف وهنالك الكثير من التسهيلات التي توفرها هذه البلدان للفرد نتمنى لو أنها موجودة في البلدان العربية."