من أعلام كربلاء .. الشاعر محمد علي الخفاجي
الشاعر الكبير الأستاذ محمد علي بن عبد عون بن بديوي بن جاسم بن حمد الخفاجي، شاعر وكاتب مسرحي، يُعد من أعلام الأدب والمسرح في العصر الحديث
ولد في كربلاء عام 1942 ، وتخرج في مدارسها الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، ثم حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من جامعة بغداد عام ١٩٦٥م.
عمل في التدريس منذ عام 1966 متنقلاً بين بغداد وكربلاء
برزت موهبته الشعرية منذ السنة الأولى للدراسة، فضلاً عن تفوقه الدراسي الذي شهد به أساتذته، وقد أفاد من وجود الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة كتدريسية في الكلية ذاتها، في إنماء حبه وتعلقه بشعر التفعيلة، وقد ساعدته الملائكة في رسم أولى ملامح كتاباته الشعرية في ذلك المجال، لما لمسته فيه من ابداع وموهبة، وقد أسهم مع بعض أساتذته وزملائه في الجامعة في تأسيس جماعة أطلقوا عليها (جماعة الفكر المعاصر) (1)
وكانت هذه الجماعة تنشر نشاطاتها على صفحات الصحف العراقية منها صحيفة (كل شيء) الاسبوعية، والملحق الأدبي لجريدة الجمهورية، وقد تناولت صحيفة (الفكر المعاصر) المصرية التي كان يرأسها الدكتور زكي نجيب محمود بتاريخ 20 / 10 / 1966 نشاطات هذه الجماعة في صفحة كاملة بقلم عمر عبد الكريم يوسف (2)
ومما أسهم في نضوج الشاعر وبلورة إمكاناته الأدبية وجود الجمعيات العلمية والأدبية، التي شاركت في إغناء الحركة الأدبية في هذه المدينة المقدسة، ولعل من أهم العوامل التي كان لها الأثر الأهم في ثقافة الشاعر، المجالس الحسينية، التي حفلت بها مدينة الإمام الحسين عليه السلام، إذ كان يُقرأ فيها أفضل الشعر وأعذبه وأحسنه) (3)
غلب على شعره التأثير الكبير لمدينته وطقوسها العاشورائية التي تغلغلت في ذاكرته وبقيت مادة يستمد منها إبداعه
يقول الخفاجي في إحدى لقاءاته: (أنا من مدينة أترعت بالتراجيديا ــ حادثة كربلاء ــ، وبطلها الإمام الحسين (عليه السلام) شاخص واضح فيها، ولاشك إن للمنبر الحسيني ولثقافة الأهل الدينية والشعبية والتي هي لا تنفصل في مدينة دينية عن ما هو طقسي وديني، وإنني ورثت مكتبة من خالي والذي كان خطيباً معروفاً..
وفي هذه البيئة نشأت وترعرعت وكبرت هذه الطقوس معي، إلا إنني لم أكن كأنما نسخة من أبي وإنما كنت أتفرّس بالكثير مما أقرأ، ثم رأيت إنني ينبغي أن أكون مسهماً في هذه الطقوس .. فكنت أدوّن الكثير من الملاحظات ثم كانت أولى المحاولات الشعرية في مدح الإمام علي عليه السلام وكنت في الصف الثالث الابتدائي ..
وفي المرحلة المتوسطة كنت ألقي قصائد في الاحتفالات وفي عزاء نقابة المعلمين في ليلة العاشر من محرم، ثم كنت ارتقي منصّات الاحتفالات في كربلاء ثم ذهبت إلى بغداد وتفتحت أمامي آفاق العاصمة، وهي آفاق أوسع بكثير وصار الإناء الذي أضع فيه شعري إناءً أكثر تطوراً وإغراءً بالمفردة.. ) (4)
أصدر من الدواوين الشعرية:
1 ــ شباب وسراب ــ 1964 قدم لها بمقدمة طويلة الناقد الكبير الدكتور عناد غزوان ونشرت في مجلة الآداب اللبنانية
2 ــ مهراً لعينيها ــ 1965 قدمت لها بمقدمة أدبية الدكتورة السورية سعاد البزري، وكتب لها تقريظا الدكتور عناد غزوان وكتب عن هذه المجموعة العديد من النقاد
3 ــ لو ينطق النابالم ــ مطبعة أهل البيت، كربلاء 1967
4 ــ أنا وهواك خلف الباب ــ 1970
5 ــ لم يأت أمس سأقابله الليلة 1975
ثم توقف عن الكتابة بعدها، يقول الخفاجي عن تلك الفترة: (صمدت لمدة (27) سنة وكنت معترضاً على الظروف الخاطئة، واعتزلت الكتابة حينما انتقل الشعر من منطقة الإبداع إلى منطقة الإعلام، وصار الشعر مدحاً لشخص أو هجاءً لشخص – نظام – آخر .. ونأيت بنفسي عن مثل هذا المعترك الرخيص.. حفاظاً على ورقتي، كيلا لا تتلوث وتختلط بين الأوراق) (5)
ثم أصدر بعدها
6 ــ البقاء في البياض أبداً ــ 2005
7 ــ الهامش يتقدّم ــ 2007
ويعد الخفاجي أول من كتب المسرحية الشعرية الحديثة في العراق (6) وقد أصدر من المسرحيات الشعرية:
1 ــ ثانية يجيء الحسين ــ كتبها عام 1967 وفازت بجائزة المسرح العراقي عام 1970 ومثلت في الجزائر وكانت من إخراج حميد الحساني ، طبعت في مطبعة الآداب، النجف الاشرف ــ 1972م. وطبعت في دار الشؤون الثقافية العامة بغداد الطبعة الثانية 2011 ودخلت ضمن المنهاج الدراسي للمرحلتين المتوسطة والإعدادية.
2 ــ أبو ذر يصعد معراج الرفض ــ صدرت عام 1980 وفازت بجائزة الدول العربية عن المسرح العربي وفازت جائزة اليونسكو عام 1980، وأدخلت في المنهاج الدراسي في الجزائر.
3 ــ ذهب ليقود الحلم / مسلم بن عقيل ــ حازت على جائزة الإبداع في الشارقة
4ــ نوح لا يركب السفينة ــ صدرت عام 2001
5ــ حرية بكف صغير ــ صدرت عام 2003
6ــ الجائزة ــ صدرت الطبعة الأولى عام 2006 وصدرت الطبعة الثانية عن وزارة الثقافة عام 2008 وفازت بجائزة الدولة للإبداع عام 2009
7 ــ الحسين واقف في يساري ــ 2012 ، فازت بالجائزة الثالثة للمهرجان الدولي للمسرح الحسيني الدورة الخامسة 2013
وأصدر من المسرحيات النثرية
حينما يتعب الراقصون ترقص القاعة ــ 1972 فازت بجائزة (اتحاد الكتّاب المغاربة) عام 1974.
1 ــ وأدرك شهرزاد الصباح ــ أخرجها المخرج صبحي غضبان الخزعلي سنة 1972 وفازت بجائزة المسرح العراقي بـ(جائزة المسرح العراقيّ) عام 1973.
2 ــ الديك النشيط ــ مسرحية للأطفال صدرت عام 2002
3 ــ أحدهم يسلم القدس هذه الليلة ــ صدرت عام 2003
وكانت له الريادة العربية في كتابة الأوبرا حيث كتب:
أوبرا سنمار ــ أوبرا شعرية صدرت الطبعة الأولى عام 2008 عن دار الصباح لجريدة الصباح، وصدرت الطبعة الثانية لها في نفس السنة وهي أول أوبرا عراقية وعربية
أوبرا كاوة الحداد ــ صدرت عام 2013 ضمن مطبوعات مهرجان بغداد عاصمة الثقافة
وكتب في الاوبريت:
أوبريت الحضارات ــ عرض في حفل افتتاح مهرجان بغداد عاصمة الثقافة عام 2013 كما عرض في عدة دول عربية ونال العديد من الجوائز
أوبريت افتتاح مهرجان النجف الأشرف عاصمة الثقافة
أوبريت عراق الحضارات
كتب عشرات البرامج الثقافية التي أذيعت من إذاعة بغداد منها:
مسلسل ملكة تدمر (30 حلقة)، شجرة الدر (30 حلقة)، الوشاح، بابل، أرض الكبرياء، بغداد، البصرة، المستنصرية، النعمان، عبور الوادي الكبير، الكتابة للعميان، رجال خلدتهم السيوف
كتب برامج درامية استمرت إذاعتها لسنة أو سنتين مثل
برنامج (فلنمد الجسور)، (الأرض إن حكت)، (شواهد حضارية)، (عبر العصور)، (أول من بدأ)
شارك الخفاجي في جميع المهرجانات الشعرية التي أقامتها كلية التربية وحصل على الجائزة الأولى فيها لسنتين
شارك في جميع المهرجانات الشعرية بعد عام 2003 كمهرجان المربد ومهرجان الحبوبي ومهرجان المتنبي وأبي المحاسن والجواهري وشهيد المحراب وغيرها
شارك في مهرجانات عربية عديدة في الجزائر وقطر وسوريا
حاز على جائزة الدولة الكبرى للإبداع مع قلادة الإبداع للدراما السمعية عام 2002
عمل الخفاجي رئيس تحرير لمجلة (المربي) الجامعية والتي أصدرتها كلية التربية عام 1966
عمل محرراً للعديد من الصفحات الأدبية في الصحف والمجلات العراقية منها: (كل شيء الأسبوعية)، و(جريدة أبناء النور)، و(مجلة المتفرج)، و(مجلة جيل الرسالة)، ونشر قصائده ودراساته في مجلات: (الأقلام العراقية) و(المعرفة السورية)، و(أفكار الأردنية) وغيرها
في عام 1967 أصدر مجلة الحرف وهي مجلة تعنى بالفكر المعاصر
ترأس تحرير مجلة المورد التي تصدر عن وزارة الثقافة، ومجلة الطليعة الأدبية
في عام 1971 نال عضوية الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وفي عام 2004 أسس بيت الشعر العراقي وانتخب رئيساً له
منحته دار الشؤون الثقافية رسميا لقب (عميد المسرح الشعري العراقي) بعد وفاته عام 2012 وأطلقت على الدورة الخامسة لمسابقة الابداع الأدبي والثقافي التي أقامتها الدار عنوان (دورة عميد المسرح الشعري العراقي محمد علي الخفاجي) عام 2013
أطلق اتحاد الأدباء والكتّاب في كربلاء على المهرجان الشعري الأول لمهرجان كربلاء اسم (دورة الشاعر العراقي محمد علي الخفاجي) عام 2023
ترجمت بعض أعماله إلى اللغات الإنكليزية والكردية والتركية والفرنسية.
قال الدكتور علي جواد الطاهر في الدراسة التي نشرتها له جريدة التآخي سنة 1973 حين وصف مسرحية ثانية يجيء الحسين بأنها: (حققت تجاوزاً على السابقين من الكتاب والشعراء) وقال: (تتجاوز مسرحية ثانية يجيء الحسين للشاعر محمد علي الخفاجي مسألة مهمة سبق أن سقط فيها مسرحنا الشعري العربي ابتداء من شوقي وباكثير والمازني وأباظة وانتهاء بالارهاصات الحديثة لمعين بسيسو والماغوط عدا الأخيرين في مسرحيتي ثورة الزنج والمهرج هذه المسألة هي انفصالية الشعر عن المسرح)
وقال الدكتور محسن اطيمش عن مسرحية ثانية يجيء الحسين في كتابه: (الشاعر العربي الحديث مسرحياً): (إن هذه المسرحية تُعد عملاً مهماً بالنسبة إلى الشعر المسرحي العراقي الجديد كما إنها إضافة جميلة إلى المسرحية الشعرية في أدبنا العربي وهي أخيراً رافد في تيار مسرحي جديد يعتمد التاريخ ليستلهم منه مادة درامية تحاول أن تضيء الحاضر وتغنيه لتطوره نحو الأجمل والأفضل.
ولغة الخفاجي جميلة منتقاة بعناية ليس فيها الركاكة التي في شعر صلاح عبد الصبور ومعين بسيسو وعز الدين إسماعيل.. إنها اللغة التي تحمل روح الموروث ونقائه وفصاحته)
وقال الدكتور عباس عبد عليوي في كتابه: (المسرحية الشعرية في العراق): (مسرحية ثانية يجيء الحسين، لمحمد علي الخفاجي هي أكثر المسرحيات الشعرية الجديدة استجابة لضرورة تحديث منطلقات الشاعر المسرحي الجديد)
وقالت مجلة الشروق الإماراتية على أثر لقاء أجرته مع الخفاجي في عددها 510 سنة 2002 في حديثها عن تجربته الشعرية: (منذ بداياته أكد الشاعر محمد علي الخفاجي حضوراً متميزاً في مساحة الشعر العراقي أبان مرحلة الستينات وقد لفت انتباه النقاد والمعنيين في الشعر والمسرح الشعري مع بعث تكثيفي بوساطة الحوار الداخلي مع تردد صوت الشاعر وامتزاجه مع الأصوات الأخرى في قدرة ذكية في تأطير الدلالات الرامزة المستكنة بمكتنزات الايماءات المتلبس فيها الماضي بالحاضر) (7)
وقال فيه الدكتور محسن غياض (جامعة بغداد): (يكفي أن أقول أنك شاعر فحسب)
وقال الدكتور ماهر حسن فهمي (جامعة القاهرة) (إنك فعلا وتد في أركان الخيمة الأدبية المعاصرة).
وقال فيه الأستاذ عبد المنعم الجادر (رئيس تحرير كل شيء آنذاك): (إن صديقي الخفاجي كما قلت سابقاً كان ولا يزال شاعراً عملاقاً في قصائده).
قال الناقد عبد الجبار داود البصري: (إنه مصور بارع يجيد تجميع الصور وانتقاءها ويصح القول إنه ذو قدرة هائلة على تكثيف تجاربه).
وقال الأستاذ قاسم صبار الفوادي: (ما كتبه الخفاجي في الشعر المسرحي ــ من مقدمة وعقدة وحل ــ فهذا ما لم يزاحمه فيه أحد، حيث يبدأ بنقطة انطلاق الحدث ورموزها حتى ينمو عنده الحدث المسرحي وتتفاعل أحداثه ويشتد الصراع بين الخير والشر، داخل متن حكائي شعري سهل يكون مادة البناء ثم ينتقل الصراع إلى الحل.
ولقد أدار الخفاجي حواره بسلاسة وتدفق في تتابع الأحداث من غير انقطاع وبلغة مسرحية سهلة واضحة أفصحت بيسر عن الفكرة التي يدخلها المشاهد وبعيداً عن حياة وحالات الشاعر.
والشاعر الخفاجي يختفي تماماً وراء شخوص أبطاله فلا يتحدث عن نزوع نفسه ولا يظهر للمشاهد في أي جزء من آهات الشاعر النفسية، بل يختفي خلف العمل كلياً) (8)
وكتب الناقد عقيل هاشم الزبيدي قراءة نقدية لديوان الخفاجي (الهامش يتقدم) قال فيها: (إن قارئ ديوان (الهامش يتقدم) للشاعر محمد علي الخفاجي يدرك حجم الصورة المؤلمة للأمكنة بوصفها فضاءً معرفياً والتي يتعمدها الشاعر في نصوصه، لتصبح امتداداته نحو ممكنات جمالية يوسع حدودها من أجل الإقامة في شعرية مفتوحة تعمل على هدم كل التصورات الجاهزة للكتابة الشعرية، حيث يجد القارئ نفسه مواجهاً بعدد من الأسئلة التي عليه أن يعثر لها عن إجابات مقنعة، وبخاصة منها القصيدة الشعرية المنفتحة.
غير أننا لا نستطيع غض الطرف، أو تجاهل كون الكتابة الشعرية في هذا العمل توظف المكون السردي وتجعل منه مرآة مخاتلة ترى نفسها فيها وفق شعرية الأثر المفتوح. وذلك باستخدام اللغة الشعرية الواصفة، والميل نحو المجاز، حيث تشكيل الصورة الشعرية بكل ألوانها.
حتى أننا نستطيع أن نقول إن الجزء من الوصف السردي يمهد للجزء الذي يتعلق بالوصف الشعري. ويتجلى أيضاً في الاعتماد على عنصر الحكاية. أي أن القصيدة تحكي، أو أنها تنقل إلينا بعض الخصائص التي تميز شيئاً، أو موضوعاً ما. ومن الخصائص التي تلفت الانتباه، استمرار الحكي من قصيدة إلى أخرى، أي أن القصيدة تكون جزءاً من قصيدة غيرها. وتمنح شعرية الاثر من استجلاب تقنية الوصف الذي يتيح لضمير المتكلم بإنشاء المجازات) (9)
قال عنه الناقد شاكر فريد حسن: (محمد علي خفاجي شاعر إنساني ومبدع عظيم، عربي الانتماء، وعراقي الوجع والهم. غنى على قيثارة الشعر أعذب الألحان والأنغام الإنسانية المعبرة عن خلجات النفس ونبض الوجدان..
ارتبط ارتباطًاً جدلياً وثيقاً بهموم وقضايا شعبه العراقي، وكرس كل طاقاته وجهوده ومواهبه للأدب الجاد والشعر الإنساني والوطني والرومانسي الهادف. شهدت أيام شبابه المبكر الإبداعات الشعرية والنشاطات الثقافية والمطارحات الشعرية، وساهم مع نفر من المثقفين والمبدعين العراقيين في إصدار أول مجلة محلية متخصصة في شؤون الأدب والفكر والمسرح.
اختار محمد علي الخفاجي الشعر كوسيلة لتجسيد الوجع العراقي والهم الإنساني الدفين في أعماقه، وكوسيلة للتعبير عن سمو الروح وإشراق النفس والذات، واتسمت شاعريته بصدق التعبير وقوة البيان وجزالة اللفظ وحرارة العاطفة....
كان محمد علي الخفاجي صاحب شاعرية متمكنة نابضة بالوجدان والحس الإنساني والابتكار التصويري التجديدي، وذو طاقة أدبية ولغوية فيّاضة بالمشاعر الجياشة والعواطف الملتهبة تجاه بلده الحبيب ووطنه العراق، وطن دجلة والفرات والنخيل، ومملوءاً بشغف الجمال والوطن والحب والإنسان البسيط المهمش الباحث عن السعادة والفرح.
والقارئ لنصوص الراحل محمد علي الخفاجي الشعرية يجد أنها نصوص متأججة في زخمها العاطفي والوجداني والإنساني والصفاء الرومانسي والاشراق الفني ، وأشعار تتصف بسلاسة الألفاظ وعذوبتها ورقتها ومتانة النسج، وتنتمي للسهل الممتنع، السلس، العذب، والسهل الواضح، المتدفق كجريان الماء في الجداول، والمتتبع للأحداث من غير انقطاع.
محمد علي الخفاجي صوت عراقي دافئ وحنون، وقامة شعرية باسقة، حلقت في دنيا الإبداع الشعري العراقي والعربي والإنساني العالمي، وسطعت في مجال الشعر المسرحي، الذي احتل ريادته) (10)
وقالت عنه الدكتورة سعاد البرزي (جامعة دمشق) إنه: (شاعر يعرف كيف يجرح كبرياء الحرف وعنفوان الكلمة ويسلب تقوى التعبير وروعته) (11)
وقالت الدكتورة رفل حسن طه الطائي: (يعد الخفاجي نفسه أول من كتب مسرحية شعرية ضمن شعر التفعيلة توظف قضايا الثورة والتحرر، مستمدة مادتها من التاريخ والدين، بعدما أحس أن الشعر والقصائد الحماسية لا تجدي نفعاً في الظروف التي واكبت نكسة حزيران عام 1967 فكان لا بد من أسلوب أعمق وأنضج يناقش الحدث بهدوء وموضوعية ويسمح للمتلقي في المشاركة والتفاعل مع قضاياه المصيرية، وليس هنالك من فن يستطيع أن يضم بين جوانحه جميع هموم الإنسان المعاصر مثل المسرح فقد بدأ في السنة نفسها كتابة مسرحيته الشعرية الأولى (ثانية يجئ الحسين) وانتهى من كتابتها عام 1968، إلا أن إصدارها ونشرها تأخّرا حتى عام 1972
فالخفاجي أحد رواد حركة التجديد في الشعر العراقي الحديث، ومن الذين انتبهوا إلى أثر توظيف الشعر الحر في المسرح الشعري، فضلاً عن أهمية توظيف الموروث فيه أيضاً، فمن العبث أن يستطلع المرء ملامح الحركة المسرحية بمعزل عن حاضنتها الاجتماعية والثقافية، فقد امتزج حلم المسرح بأمل تحقيق الذات العربية، وغدت شواغل الوجود العربي في تطلع رجال المسرح إلى نهوض مسرحي يواكب النهوض القومي
فإلى جانب ذلك فإن الخفاجي يؤمن بالقيم الإنسانية النبيلة التي تجلت في ثنائية العدل والظلم، ولهذا فقد وجد في رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) المتمثلة في واقعة الطف الشهيرة، وكذلك صورة بعض الشخصيات الدينية ذات الأثر الكبير في مسيرة الحياة الانسانية، من الذين تجسدت فيهم القيم الانسانية العالية، ومحاولة ترسيخ تلك القيم في إطار شعار مسرحي شعري يختار شخوصه ممن يحملوا هذه المعاني لأن مصيرهم قد رسم لهم أن يكونوا طرفاً في هذا الصراع الأزلي بين الخير والشر في المجتمع الإنساني....
ثم تقول: إن مصادر ثقافة الخفاجي قد استمدت أساساً من الحركة التاريخية للإنسانية جمعاء، وتنوعت بفعل حركة الوعي السياسي والديني العميق الذي تمتع به مثقفو جيل الستينيات والسبعينيات، على ما شهدته الساحة السياسية في العراق والوطن العربي من تداعيات خطيرة قلبت المفاهيم، وهزت الذات العربية في مواجهة الأحداث السياسية الكبيرة وعلى رأسها احتلال العدو الصهيوني لفلسطين.
فالحياة الأدبية الثرة التي عاشها الخفاجي، فضلاً عن الحس الوطني والقومي الكبير الذي تمتع به، كانا من أهم مصادر ثقافته التي انعكست جلياً في أغلب أعماله، وبالأخص المسرحيات الشعرية التي لا تخلو مطلقاً من استدعاءات للتراث فكرة ومضموناً وأدواتاً فنية تجلت فيها صور التداخل النصي الكبير للموروث بعامة، والموروث الديني بخاصة، وقد وسمت نصوصه بتداخل جميل وفاعل بين الماضي والحاضر أشعر الخفاجي بأنه لا يمكن للنص أن يكون مؤثراً وقريباً لجمهور المتلقين من دون أن يعكس صورة من صور الماضي بتجلياته الناصعة، أو انتكاساته الكبيرة أيضاً) (12)
وقال الدكتور علي محمد ياسين: (بعيداً عن إحساسه العالي بإنسانيّة الثقافة واشتمالها على البعد الأخلاقي العذب لم يستسغ الشاعر الكربلائي الكبير محمد علي الخفاجي التجويق والتطبيل الفارغ الذي تناكب عليه بعض المحسوبين على المثقفين والأدباء والشعراء إبان مدة الحكم البعثي المتهالك على شراء الضمائر والنفوس.
فقد زهد الخفاجي الكربلائي الهوى والمولد بكلّ ما يمكن أن يمنحه إبداعُه من مناصب ومن أموال ومن جاه وشهرة، وأعرضَ عن المهرجانات وضجيجها الإعلامي مكتفياً بمعانقة اغترابه الاختياري ومغازلاً غربته المرّة عن واقع ثقافي واجتماعي لا يمكن أن يمت لقيم الإنسان ولا لشرائط الإبداع بأدنى صلة.
وبالرغم من أن الخفاجي ينتمي ثقافياً وشعريّاً إلى جيل الستينات، إذ أصدر أول دواوينه (شباب وسراب) مطلع العقد المذكور وتبعه في أواسط العقد نفسه بديوانه الثاني (مهرا لعينيها) ثمّ جاء ديوانه الشعري الثالث بعد أحداث نكسة حزيران عام 1967م بعنوان (لو ينطق النابالم!) ليؤكّد انتماء الرجل إلى الجيل المذكور والمعروف بتأطيره لمجموعة ملامح بارزة في تاريخ الحركة الأدبيّة والثقافيّة في العراق، إلّا أنّه بسبب جفوة الخفاجي المقصودة للآلة الإعلامية البعثية فقد ظلّ مغموط الحظ عند إعادة تحقيب الأجيال الشعريّة والإبداعيّة حتى يومنا هذا، فلا يكاد اسمه يُذكر ضمن جماعات الجيل الستيني كردّ فعلٍ واضح لهذه الجفوة مع الإقرار بمساهمته الفاعلة في إنتاج ذلك الجيل وفي أنشطته المختلفة .
ظلّ الخفاجي يستلّ نصوصه الإبداعية من ذاكرة تسترجع تجاربه الحياتيّة الخاصّة ومن وعيه للأشياء والأمكنة بلغة ذات سمت يتوسع فيه الفضاء المجازي، وتتوتر التراكيب وتنقبض بحسب السياقات، وتضيق دائرة الغموض، لكن بدون أن تتخلّى هذه النصوص عن المزاج الشعري الذي يطبعها بميسمه الذي عُرف به الخفاجي شاعراً كربلائياً ينظر لثورة الحسين نظرة حضارية مختلفة عن السياق العام الذي يحصرها في البكاء والتحسّر الفاجع. ولذلك استطاع الخفاجي الكاره للأضواء المسيّسة والمشبوهة، أن يحقق نجاحاً واضحاً في المهرجانات والمؤتمرات الثقافيّة التي اشترك فيها من خلال حصده للجوائز الأدبية العديدة، إذ فازت مسرحيته (ثانيةً يجيء الحسين) بجائزة الجامعة العربيّة، مثلما فازت نفسُها قبل ذلك بـجائزة المسرح العراقيّ في ستينيات القرن الماضي، وقد نالت مسرحيته الموسومة (أبو ذر يصعدُ معراجَ الرفض) جائزة اليونيسكو عام 1980م، وأُدرجت في المنهج الدراسيّ الثانوي لبعض دول المغرب العربي، بينما فازت مسرحيته الشعريّة (وأدرك شهرزاد الصباح) بـجائزة المسرح العراقيّ عام 1973م من بين مجموعة كبيرة من النصوص العربيّة والعراقيّة الجادة آنذاك، أمّا عمله الإبداعي (حين يتعب الراقصون ترقص القاعة) فقد حقّق جائزة اتحاد الكتّاب المغاربة عام 1974م.
ولعلّ الخفاجي لم يبرعْ في شأن من شؤون إبداعه الأدبي والمعرفي كما برع في الدراما الشعريّة وفي توظيف ثيمة النهضة الحسينيّة المباركة، وفي ما يمكن أن توحي به واقعة كربلاء من دروس وعِبَر ورموز تختزل طاقة هائلة لتحريك العواطف والمشاعر الإنسانيّة صوب الخير والكمال والسمو، ولذلك لم يتنازل شاعرنا المبدع يوماً عن رهانه على فتح نافذة التجريب واستثمار كلّ احتمالاته في معالجة إبداعيّة تنبني بالدرجة الأساس على ثيمة (موضوعة) واحدة، لكن هذه المعالجة تتآزر مع رؤية حداثيّة تلبّي حاجة العصر في تناول وقائع ذات أبعاد وجذور تراثيّة، وفي القدرة على إعادة صياغة هذه الوقائع فنيّا.
إنّ تجريب الخفاجي في (كربلائيّاته) أو مسرحياته المشهورة وهي: (ثانية يجئ الحسين) و(ذهب ليقود الحلم) و(الجائزة) جاء موافقاً لنزوعه الشخصي ولطبيعة بيئته الاجتماعيّة أثناء فترة الستينيّات من القرن الماضي وبعدها، إذا ما أخذنا بالحسبان إنّ الكتابة هي عمليّة تفاعل وعي الكاتب مع شروطه التاريخية وتصادياتها المجتمعيّة التي كانت تمور بخذلان مكسور وبشعور طاغ بالفجيعة والاستلاب، وهو ما يبرر حاجة الخفاجي لكتابة هذه المسرحيّات التي تستوحي إرهاصات الثورة الحسينيّة بعد هزيمة حزيران، وهو ذاته ما يسوّغ إعلانه وصرخته عن حاجة الأمّة إلى منقذ آخر بحجم الحسين يأتي ليفتح النيران بوجه وعي مخدّر ومهادن وغير مدرك لسرّ كلمة (لا) التي دوّت بها شفاه الإمام لتكون لافتة للرفض على مرّ العصور.
للخفاجي حوارات كثيرة منشورة ومداخلات نقديّة أكّد من خلالها حضور التاريخ كفاعل مؤثّر بوقائعه وشخوصه ورموزه في المسرح الشعري الذي يكتبه إلى درجة لا يمكن تخطّي هذا الفاعل الذي تشدّه إلى المسرح علاقة وثيقة أثرت كثيرا في رؤية الخفاجي؛ فحاول توظيفها بشكل خلّاق بدون أن يُجيّر نصّه بالانتماء إلى حقبة تاريخية معيّنة، بل سعى لجعله مفتوحاً متعدِّد الدلالات متنوّعها.
إن اعتماد الخفاجي على المادة التاريخية مخزوناً لإبداعه إلى جانب اللغة الشعريّة السلسة في توصيل رؤيته الفكريّة ومقدرته المسرحيّة جعل المسافة بينه وبين المتلقي متاحة لتوصيل رسالته الإبداعيّة الموشومة بذاكرة كربلائيّة مجروحة من غير انهزام، ومقموعة لكن من غير انكسار) (13)
وكتب الأستاذ محمد محسن السيد قراءة نقدية لخصائص مسرحيات الخفاجي التي تناولتها الباحثة عالية خليل إبراهيم في كتابها (مسرح محمد علي الخفاجي الشعري) وقد ارتأينا نقل بعض الفقرات منها مما يعطينا صورة لهذه القراءة المهمة، وما تمثله من دلائل على ثقافة الشاعر محمد علي الخفاجي وسعة اطلاعه على الثقافات الأخرى وباعه الطويل في هذا المجال، كما تعطينا هذه القراءة انطباعاً على أسلوب الخفاجي ومضمون مسرحياته يقول السيد:
ــ يقف الرائد المسرحي الراحل محمد علي الخفاجي من رواد المسرحية الشعرية الحديثة والمعاصرة في العراق، وحسناً فعلت الباحثة عالية خليل إبراهيم حين تناولت في كتابها الموسوم (مسرح محمد علي الخفاجي الشعري) الصادر عام 2008 هذا الرائد المسرحي وجهوده في هذا اللون المسرحي والذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود.
ــ تعددت مستويات حضور التاريخ ومنهجية الأخذ من المصدر التاريخي في مسرحيات الخفاجي الشعرية، أما المستوى الأول فهو التوظيف المباشر للتاريخ في كتابة الدراما ويتمثل في حضور المتن الحكائي للتاريخ (شخصيات وأحداث)، ويتمثل أيضا في الأخذ والاقتباس من النصوص التاريخية.
أما المستوى الثاني: فيتمثل في استلهام الطاقات الرمزية والايجابية للتاريخ وترويضه بفاعلية المخيلة وإعداده للكتابة الإبداعية.
والمستوى الثالث: هو بث روح جديدة في الموضوع والنص التاريخي من خلال ربطه بالواقع المعاصر.
ــ تتعلق القدرة الإبداعية في التعامل مع التاريخ بمستويات كثيرة ومنهجيات مختلفة تتعلق بموهبة الشاعر وقدرته على قراءة التاريخ منتجة خلافة تتم عن وعي بحركة التاريخ واختلاف مساراته، وكذلك بنوعية المادة التاريخية المنتقاة من صفحات التاريخ ، كما فعل الخفاجي في توظيفه لمأساة كربلاء الدامية في ثلاث من مسرحياته، من أصل خمس مسرحيات شعرية كان التاريخ مصدراً لها
وقد وظفها توظيفاً مباشراً في مسرحية (ثانية يجيء الحسين)، ومسرحية (ذهب ليقود الحلم)، ومسرحية (أبو ذر يصعد معراج الرفض).
ــ كان حضور النصوص الدينية - القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف – فاعلاً في جل مسرحيات الخفاجي سواءً أكان هذا الحضور على مستوى التناص أو استلهام القصة القرآنية في كتابة دراما شعرية متخيّلة كما في مسرحية (نوح لا يركب السفينة) .
وإذا أخذنا المستوى الأول وهو التداخل والتحاور مع النص المقدس بالتضمين تارة وبالاقتباس تارة أخرى فأكثر ما نلاحظه قد تحقق في مسرحية (أبو ذر يصعد معراج الرفض) حيث نلمس توظيف (تضمين) مباشر لعدة آيات قرآنية منها الآية القرانية الكريمة:
والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرّهم بعذاب أليم
فهذه الآية تتردد في أكثر من موقع في المسرحية كون أباذر كان دائم الترديد لها، وكذلك في مسرحية (نوح لا يركب السفينة) حيث كان القرآن الكريم مصدرها الأول ليس على مستوى التناص مع النص المقدس فحسب، بل على مستوى استلهام القصص القرآني ومفاهيم القرآن والاستفادة منها في التشكيل البنائي لعناصر المسرحية
ــ إن الخفاجي قد استفاد من بعض معطيات الدراما الحديثة في بناء مسرحيتين من مسرحياته هما (نوح لا يركب السفينة) و(الجائزة) حيث نجد فيها استثماراً لبعض معطيات الدراما الرمزية التي تحمّل الفعل والشخصية أبعاداً مستبطنة تختلف عن الأبعاد الظاهرية المرئية
ــ إن الصراع الرئيسي في مسرحياته التراجيدية :(ثانية يجيء الحسين) و (أبو ذر يصعد معراج الرفض) و(ذهب ليقود الحلم) صراع مستمد من الوقائع التاريخية والصراع التاريخي، كما هو معروف قد حدث بين قوتين متناقضتين في الفكر والفعل، والتوصيف الدقيق لهذا الصراع هو أنه صراع فكري سياسي بين أبطال المسرحيات ومن يناصرهم، وبين السلطة الأموية ومن يمثلها من حكام وولاة وقضاة ومتنفذين، فينشأ الصراع عندما يسعى أبطال المسرحيات للتغير السياسي لنظام الحكم، والهدف منه ليس الاستيلاء على السلطة أو السيطرة على مقاليد الحكم، بل من أجل ترسيخ قيم حضارية ودينية وإنسانية يؤمن بها أبطال المسرحيات (الحسين ، أبو ذر ، مسلم) منها قيم الحرية والعدالة والمساواة
ــ بخصوص الشخصية الدرامية في المسرحية التاريخية عند الخفاجي فقد قسمت الشخصيات إلى رئيسية أو مركزية وهي الشخصيات التي تدور حولها وفي فلكها الأحداث والشخصيات الأخرى، وشخصيات ثانوية وهي شخصيات مساعدة تعمل جاهدة على تركيز الأضواء حول الشخصية الرئيسية وتسهيل الحدث وتوضيحه.
وعليه ففي مقدمة الشخصيات الرئيسة والمحورية تأتي شخصيات الحسين (ع) والصحابي أبو ذر ، ومسلم بن عقيل . وهذه الشخصيات هي محور المسرحيات، فعناوين المسرحيات تتضمن أسماء الشخصيات
كما أنها تدير دفة الصراع وتحرك الحدث الدرامي إلى الأمام
أما الشخصيات الثانوية فتأتي شخصية المرأة في مقدمة هذه الشخصيات في المسرحيات التاريخية، ففي ثلاث منها وهي (أبو ذر يصعد معراج الرفض) و(نوح لا يركب السفينة) و(الجائزة) هناك شخصية نسائية واحدة في كل مسرحية وهن:
زوجة أبي ذر ، وزوجة نوح ، وزوجة الجوراني.
وأكثر المسرحيات حضوراً للشخصية النسائية مسرحية (ذهب ليقود الحلم) حيث فيها ثلاث شخصيات نسائية هن:
زوجة مسلم بن عقيل، زوجة هاني بن عروة، وطوعة
ومن الشخصيات الثانوية في هذه المسرحية شخصيات مثل:
معقل رئيس شرطة ابن زياد، شريك البصري، وشريح القاضي، والنعمان بن بشير وهذه الشخصيات ساعدت في تحريك الحدث وتركيز الضوء على شخصية مسلم
ــ إن البناء التراجيدي في مسرحيات الخفاجي تجسد بالمآسي التاريخية الثلاث (ثانية يجيء الحسين) و(أبو ذر يصعد معراج الرفض) و(ذهب ليقود الحلم . مسلم بن عقيل) مع أن التزام الخفاجي بالبناء التراجيدي والتسلسل المنطقي للأحداث في هذه المسرحيات لم يمنعه من إدخال عناصر تجديد مستمدة من التجارب الدرامية المعاصرة إلى جزيئات الحدث وبعض مكوناته
ومع وجود عناصر التجديد البنائي في المسرحية بقي البناء التراجيدي بمثابة مركز الجذب الذي يشد إليه عناصر التجربة المسرحية
ــ إن مسرحيات الخفاجي الشعرية تعد من أهم أركان نتاجه الأدبي الذي تنوع بين الكتابة الشعر والمسرحية، الشعرية والمسرحية النثرية والدراما الإذاعية.
ــ كان التاريخ العربي أهم المصادر التراثية التي استقى منها الخفاجي موضوعات مسرحياته الشعرية وعليه تركزت موهبته في كتابة الدراما، وكان التناص الأسلوبي مع النص التاريخي ــ بالاقتباس تارة وبالتضمين تارة أخرى ــ أهم مستويات حضور التاريخ في النص المسرحي مع حضور المتن الحكائي أحداثاً وشخصيات، وقد تجلى هذا المستوى واضحاً في مسرحيات (ثانية يجيء الحسين) و (أبو ذر يصعد معراج الرفض) و(ذهب ليقود الحلم)
أما المستويات الأخرى فهي حضور التاريخ رمزاً واستعارة وكذلك ربط اللحظة التاريخية باللحظة المعاصرة، كما في مسرحيتي (نوح لا يركب السفينة) و(الجائزة) وجد في مسرحيات الخفاجي توظيفاً مباشراً وغير مباشر للطقس الشعبي الديني بالأخص طقس التعزية في عاشوراء، كما هناك توظيف واستلهام للنصوص الدينية المقدسة
ــ التراجيديا الإغريقية والمسرحية الشعرية الحديثة والمعاصرة والدراما الحديثة هي الأشكال الدرامية التي اعتمد عليها الخفاجي في كتابة المسرحيات (14)
توفي الخفاجي في كربلاء عام 2012 وشُيِّع من مقر اتحاد الأدباء فيها ــ حسب وصيته ــ إلى مثواه الأخير
وقد رثاه الشاعر الفلسطيني الكبير سعود الأسدي بقوله:
مـــبدعٌ أنتَ منذُ أن كنتَ طفلاً وبكحلِ الإبداعِ كنتَ اكتحلتَ
مثقلٌ بالفخارِ منذُ صرتَ كهلاً وبما يرتــضي الوقارُ اكتهلتَ (15)
شعره
قال في قصيدة (إنها كربلاء):
أنا من سلالةِ أنهارِها
أو قناطرِها الحادبة
الفراتُ أبي ... والبساتينُ أمّي
وأنا نهرُها العلقميُّ الصغير
وشاهديَ السهمُ والقربةُ الناضبة
أنا سبطُ أنهارِها
والحمامُ المقيمُ بحضرَتِها
حتى اكتسى لونَ قاشانِها
فهيَ زرقتُه لا يبارحُها إذ يطير
صغيراً أنا علقٌ في مزاراتِها
أو واحدٌ مِن أزقّتِها
وحينَ كبرتُ
أنا شارعُ سدرتِها الوارفة
وبي خضرةٌ من بساتينِها
وبي صفةٌ من منائرِها الواقفة
أنا الآنَ أتعلّلُ بينَ منازِلِها
وأسمعُها غزلاً دافئاً لتنامَ
وهيَ تهربُ مِن غزلي
وغلوِّ الكلام
كلُّ فجرٍ نلمُّ الندى المتساقطَ فوقَ غلالتِها
تتجلّى لنا (كربلاء)
بساتينَ مغلوبةٍ مرتينِ على سحرِها
مرةً بغناءِ عصافيرِها
وثانيةً ببكاءِ اليمام
في الشتاءِ نضمُّ الربيعَ وراءَ بساتينِها
حيثُ نلبسُه ظلَّ زيتونةِ
ونعلّمه لعبةَ الاختباء
حذراً مِن عيونِ الشتاءِ
وحتى نعيدَ الخريفَ لأوكارِه
إذا ما تسلّلَ بينَ الفصولِ
نسدُّ جميعَ الدروبِ بخضرتِها
ونوقفُ فزَّاعةً في الحقولِ
لكي لا يطالَ ثراها القبول
وفي الصيفِ آوي إلى ظلّها المعتمِ
وما إن ألامسَ أولَ أشجارِها
تصافحُ تفاحَها في فمي
وإن نزلَ الحرُّ نرشقُ فرشيَّها بالبلل
ونمتدّ فوقَ حصيرٍ من الخوصِ
فمِن جمرةِ القيظِ يحمرُّ عرفُ النخيل
ومِن حرِّها تتعرَّى القُلل
إنّها (كربلاء)
تطوفُ المحبَّةُ محرمةً حولها
والأكفُّ تدقُّ على بابِ قبلتها
وتبقي على خشبِ البابِ حنَّاءها
ذاكَ إمضاؤها في الخفاء
وفي أربعينَ الرماد
أدلاؤها واقفونَ على بابِها
يدعونَ زوَّارَها لطعامِ القِرى
وهيَ شاخصةٌ بينهمْ كالنخيل
وعباءتها برزخٌ بينَ نارِ القدورِ وماءِ السبيل
تمدّ السماطَ مِن الفجرِ حتى تخومَ السرى
وفي الليلِ حينَ تجلسُ متعبةً
تنامُ على ركبتيها صغارُ القرى
إنَّها (كربلاء)
بلادُ أميرِ الأئمةِ والشهداءِ
بلادُ المآذنِ والقبَّةِ الساجدة
ومَن ذرفتْ في المحرَّمِ سبعينَ في دمعةٍ واحدة
إنّها (كربلاء)
المحبَّة والافتداء
أصلها ثابتٌ وسلالاتُها في السماء
إنّها (كربلاء)
إنّها (كربلاء)
إنّها (كربلاء)
.....................................................................
وقال من قصيدة (شعراء القيام)
من شجيراتِهم
يخصفونَ الورق
ويغطّونَ أشعارَهم
يخلعونَ على الوردِ أسماءهم
وعلى الريحِ أنواءهم
وعلى الليلِ أشذاءهم والعبقْ
ومِن دون أن يندموا
يتركونَ مزاميرَهم
قربَ أوجاعِهم
ويسيلونَ فوق بياضِ الورق
يلاحقهمْ دائماً عسسٌ
يقنصونَ القصائدَ مِن خلفِهم
غيرَ أن القصائدَ مثلَ النوارس
تخرجُ من تحتِ أحزمةِ القانصينَ مناقيرَها
وتبلّ لياليهمُ بالأرق
أولئكَ أحبابي فجِئني بمثلِهم
إذا جمعتنا يا رقيبُ المجامعُ
********
سوفَ أقطعُ هذي الطريق
إلى آخرَ الخوفِ
ثمّ أبكي على وطنٍ
قيده على جملٍ
ظلَّ يمشي جنوباً
والريحُ تجري شمالا
سوفَ أبكي على وطنٍ
أوقفوا طيرَه في نوافذَ منسيةٍ
واستوحشوا صوتَه إن هَدل
ثم طاروا بما انتزعوا من الريش
إلى جزرٍ نجمُها آفل
وبكوهُ بلا أدمعٍ مثلها
يبتدئ شعراءُ الطلل
وكنا نقولُ لهم
للدماءِ على الوردِ حقُّ القتيل
للظلالِ على الأرضِ حقُّ النخيل
للمياهِ على النهرِ حقُّ المسيل
للحمامِ الذي ناحَ في الوكرِ حقّ الهديل
وكانتْ بلادٌ تسيرُ إلى حتفِها
وفي جيدِها يأكلُ النيِّرُ
على مسمعٍ مِن شهودِ المَلا
لم نجدْ صاحبَ الزنجِ في بيتِه
حينما قد أزلنا سباخَ القرى
وجعلنا المدامعَ تغسلُ أبوابَنا
لأنَّ مزاليجَها امتلأتْ بالصدأ
ولذا ما تركنا على الماءِ أسماءنا
ورحلنا
إلى بصرةٍ ثانية
لتُورِقَ أحلامُنا الباقية
فلئنْ حسدتنا العيونُ على صبرِنا
فلأنّا نفضنا من الريشِ أجسادَنا
ولبسنا سكونَ الحجر
ومِن قبلُ كما قدمنا مِن الريف
وعلى رأسِنا
مسحةٌ مِن غبارِ الشجر
ساومتنا على توتِنا دودةُ القز
لتزجي لنا وطناً مِن حرير
وكان الهوى مائلاً نحونا
قلنا إذن يذبلُ التوت
ويقضمُ خضرتَه يانعاً ويموت
وكان ابنُ فرناسَ ما بين حينٍ وآخر
يأتي إليّ ويفردُ أيّ في الفضاءِ جناحين
ليعلمني الطيران
ويقولُ كفاكَ البكاء على كربلاء
فاتخذْ سفراً نحوَ باريس
إلا إن باريسَ أجمل مِن كربلاء
وأبهى سماءً وأحلى نساء
وأقول بلى إن باريس
أجملُ من كربلاء
ولكنّ باريسَ ليست بلادي
أريدُ بلادي
همُ ضيعوني وهمْ قد أضاعوا بلادي
واقتسموا إرثَنا بين خمرِ النوادي
وكنتُ إذا ما نويتُ الرحيل
أخجلتني مِن النخلِ برحيةٌ
فرَشتْ ظلّها فوقَ أرضِ السواد
*********
سأبارك هذا النخلَ الذي
ينحني صوبَ أنهارِه
وأشيرُ له بالبنانِ
وأهدي نشيدَ الصباحِ له
وأبقي على شرفَتيْ سعفِه بامتنان
له الشدو ومِن عالياتِ المآذن
حينما تستظلُّ البساتينُ من
حرِّها تحتَ قناديلِه في الجنوب
ويعودُ الحمامُ له آمناً في الغروب
سلامٌ على شارعٍ كلُّ أحيائهِ
تستديرُ إلينا وتعرفنا
حينما يترجَّلُ في الفجرِ خطوٌ لنا في زقاق
سلامٌ على صحبةٍ بضياءِ القناديل
يغدونَ في الصبحِ ما بينَ موتينِ
ويمسونَ في الليلِ ما بينَ موتين
ويموتونَ قبل مجيءِ العراق
وسلامٌ على أوَّلِ الاشتياق
سلامٌ على آخر الاشتياق
سلامٌ على أمّ نواسٍ
لم أرها .. فقد خرجت
منذ دخلتْ بيتنا الحرب
وألقت سوادَ الغسيلِ على الحبلِ
إذ التفتتْ نحو آبائها
واتّشحت بالمنونِ
بعدها ملأتْ بيتَها فتنةٌ
ورشّتْ على الكحلِ سودَ العيونِ
سلامٌ على شاعرٍ أمَّ البساتينِ
فقد نضبتْ دجلةُ الخير
مِن بعدِه
فكيفَ تلوذُ الحمائمُ ما بينَ ماءٍ وطين
سلامٌ على جدثٍ ناحلٍ
يتحلّقُ من حولِه بَرَدَى
ليجالسَ في الليلِ أحلى المسنين
وحينَ يغادرُه بَرَدَى
ينهضُ مِن خلفِه بثيابِ الحِداد
ويتركُ أشعارَه في الممرِّ المؤدي لبغداد
سلامٌ عميدَ المحبّين
سلامٌ صديقَ الوعولِ الجريحة
جدّ الأيائلِ . نجلُ النخيل
كانَ يعبرُ كثبانَ تلك البلادِ نحيفاً
بطاقيةٍ لمها من زهورِ البساتين
واصطفاها على الرأسِ إكليلَ غار
كان الفراشُ يعافُ جميعَ الزهور
ويأتي ضريراً إلى نارِ أزهارِها
يصاحبُه وطنٌ
كانت جبالٌ تقلّدُه بالوقوفِ
وترسمُه فوقَ أحجارِها
وطيورُ الحرائقِ حين تحطّ تتاخمُه
وتقضي مناسكَها عنده
فيغمسُ نهريهِ في نارِها
ولمْ يتوسَّلْ مِن الناسِ بُنَّاً لقهوتِه
ولم يتوسَّلْ من الناسِ تبغاً
إذا اتّبعته العتابا
أو أسهرته نجومُ السُّرى
وكانتْ على ركبتيهِ
تنامُ صغارُ القُرى
ومِن غربتهِ تتفتَّحُ في صدرِهِ
رأيناهُ في الأرضِ خاناتِها
وقد كان يهجرُ كلَّ بيوتِ العراق
ويسكنُ مئذنةً في المغيبِ
وفوَّضه الشعرُ أن يستقرَّ على عرشِه
فذاعتْ لحنطتِهِ نكهةٌ في الهلالِ الخصيبِ
وكانَ يخبِّئه بالعنادِ المكابرِ والريشِ
وما أعجبته طيورُ بلادٍ
سوى ما يراهُ بمرآتِها
وكانَ عصيّاً على دمعِه
ولكنه الآنَ يخرجُ مِن لحدِهِ
ويأتي ظميئاً لضفَّاتِها
فهيا بنا أيها الشعراءُ
ببداهةِ أهلِ السوادِ
نسيرُ حفاةً إلى قبرِهِ
ونحمله هودجاً مِن دمشقَ لبغدادَ
وهيا بنا أيها الشعراء
نسيرُ حفاةً الى قبرِهِ
ونحنو عليهِ سهاماً مُكسَّرةً فوقَ صدرٍ وفِيّ
ونبكيهِ نصنعُ مِن ورقِ السدرِ
غيماً ثقلاً على القلبِ
ثم نمطرُه أدمعاً
فوقَ وادي الغريّ
ومِن حزنِ نافذةٍ
خانَها صبرُها في الغروبِ
واغتصبتها التباريحُ
ننشّ عليهِ حمامَ الأصيلِ
ونلقي بأشعارِنا عندَه
ثم نتركها قصباً للهديل
فقد أكلَ البعدُ ما شاء مِن ورودِه النجفي
ونحنُ نجيءُ بهِ مِن سنيِّ اللظى والرماد
سيسألنا مَن يراها
وقد رفعته الأيادي على طولِها
هل جلبتمْ مِن الشامِ جسراً جديداً لبغداد
وهيا بنا أيها الشعراء
بينَ جوزِ الشمالِ ونخلِ الجنوب
ورياحِ التذكّرِ عندَ الهبوبِ
نسيرُ حفاةً إلى قبرِهِ
تزاحمُنا دجلةُ الخير
أمُّ البساتينِ
وهيَ تدحرجُ أمواجَها قبلنا
وتجري بماءِ الحياءِ مِن القلبِ للعينِ
ربّما أفزعته هناك
على وحشةٍ كائناتُ الظلام
ربّما ظلَّ مُستيقظاً لا ينام
ربّما ظلَّ لبغدادَ في شفتيهِ كلام
فيا وطناً ظلَّ يبني جبالاً على الأرضِ
ثمَّ عادَ بلا قممٍ
ويا وطني
يا بلادَ الحدائقِ والمعتبينَ
والمياهِ الغزيرةِ والظامئين
لكَ الآن أن تتذكّر
وتجيء له
فقد ظلَّ مُنتظراً
كلُّ بستانِ عطرٍ يفوحُ
على البعدِ منكَ يقولُ لقدْ جاءَ
كلّما كثرتْ في الصدورِ نياشينٌ خائنةٌ
يسألُ الذبحُ عن عنقِ الأصدقاء
هو الآن
ما عادَ يطلبُ
غيرَ منامٍ بلا وجلٍ
وشمساً تضيءُ بلا منّةٍ
فدعه يوسِّدُ دجلةَ قيثارةَ البابلي
دعه يوسِّدُ قيثارةَ البابلي ..
وسلاماً عميدَ المُحبّين
سلاماً صديقَ الوعولِ الجريحة
جدّ الأيائلِ
نجلُ العتاقِ النخيل
سلاماً .. سلاماً (16)
............................................................
وقال من قصيدة (الحسين)
عطرُ مَن ظلَّ فوقَ الندى
دمُ مَن ظلَّ فوقَ الذهب
صوتُ مَن ظلَّ بعدَ الصدى
حينما لمّتِ الريحُ أصواتَهم في العلبْ
وأيّهما باتَ في حرجٍ
فرحُ الأرضِ في صمتِها
حينَ شمَّتْ بخورَ دماك
أمْ سكتةُ الموتِ مِن جزعٍ
بعدَ أن أخطأتكَ المدى
فعبرت دخانَ الكلامِ الجرعْ
وصمتُ المراحلَ في صبرِها
وفتاةُ المسراتِ قرطاسُ بستانِها فضّة
قلتَ أنَّ الشهادةَ أشجارُها مِن ذهبْ
سلْ خطى زائريهِ ومجرى التعبْ
وارتعاشَ الأيادي
وهيَ تلمسُ في السرِّ
خضرةَ ذاكَ الخشبْ
وهديلُ الحمامِ الذي أسكتَ الشدوَ بالصمتِ
فسالَ على الطوقِ دمعُ العتبْ
حينما قاده دمُه للحقولِ
كلّ زهرٍ إليهِ انتسبْ
والحياءُ عباءةُ فرسانِه
والسماحُ بياضُ الغضبْ
يشبُّ الفراتُ إلى سرجِهِ
وتنزله ظامياتُ القِرَبْ
سلامٌ على الناي سَنَّ الأنين
وأودعَ أوجاعَه في القصبْ
سلامٌ على الوردِ أشركني في دماهُ
وأفردني بالعجبْ
سلامٌ على دمِهِ حينما
تمايلَ صحنُ الرؤى فانسكبْ
له رايةٌ كلما تعبَ الخفقُ فيها
استقامتْ كمئذنةٍ من ذهبْ
كأنَّ العمامةَ في رأسِ معجزةٍ
إذا رفعتْ شبَّ من رأسِه جلّنارُ اللهبْ
حينما قال: لا
صارتْ على سيفِه الأوهامُ تندحرُ
فأوّلُ الغيبِ سطرٌ ثمَّ ينهمرُ
ألا فاندهوني بأسمائِهِ
إنَّ أسماءَه اليومَ كلُّ العربْ (17)
...................................................................................
1 ــ الدكتورة رفل حسن طه الطائي ــ التناص الديني في مسرح محمد علي الخفاجي الشعري ــ مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد 29، العدد 3 (31 مارس/آذار 2021)، ص .ص 141 ــ 161، 21 ص. تاريخ النشر 31 / 3 / 2021 ص 143 ــ 144
2 ــ القرآنية في مسرحيات محمد علي الخفاجي ص 11 ــ 12
3 ــ الدكتور محمد عبد الرسول جاسم السعدي ــ فاعلية الصراع في مسرحية ثانية يجيء الحسين للشاعر محمد علي الخفاجي مجلة أهل البيت العدد 17 من ص 197 إلى ص 233
4 ــ آخر حوار مع الشاعر الكبير محمد علي الخفاجي قبل رحيله موقع كتابات بتاريخ 22 / 12 / 2012
5 ــ نفس المصدر
6 ــ القرآنية في مسرحيات محمد علي الخفاجي ــ صاحب كريم صاحب الخاقاني ــ رسالة ماجستير جامعة كربلاء 1440 هـ / 2019 م ص 17
7 ــ الأقوال عن: الشاعر محمد علي الخفاجي ــ وطني لم يمت وقصائدي ليست مناحات عنه حاوره اثير محمد شهاب صحيفة إيلاف بتاريخ 28 / 3 / 2004
8 ــ شاعر الشجن محمد علي الخفاجي ــ قاسم صبار الفوادي، دائرة العلاقات الثقافية العامة ، القسم الإعلامي بتاريخ 23 / 8 / 2016
9 ــ عقيل هاشم الزبيدي ــ ديوان "الهامش يتقدم" الشاعر محمد علي الخفاجي، (قراءة نقدية) ــ صحيفة المثقف بتاريخ 20 / 6 / 2021
10 ــ محمد علي الخفاجي شاعر عراقي راحل ــ بقلم : شاكر فريد حسن موقع صوت العراق بتاريخ 18 / 8 / 2020
11 ــ نفس المصدر
12 ــ التناص الديني في مسرح محمد علي الخفاجي الشعري ص 144 ــ 145
13 ــ الدكتور علي محمد ياسين ــ محمد علي الخفاجي (1942- 2012) : ذاكرة موشومة بتراجيديا الطفوف ــ موقع جامعة كربلاء بتاريخ 20 / 8 / 2021
14 ــ محمد محسن السيد ــ محمد علي الخفاجي: ذهب ليقود الحلم ــ مجلة الفرجة بتاريخ 6 / 10 / 2024
15 ــ محمد علي الخفاجي شاعر عراقي راحل ــ بقلم : شاكر فريد حسن موقع صوت العراق بتاريخ 18 / 8 / 2020
16 ــ الشاعر محمد علي الخفاجي وطني لم يمت وقصائدي ليست مناحات عنه حاوره اثير محمد شهاب صحيفة إيلاف بتاريخ 28 / 2 / 2004
17 ــ محمد علي الخفاجي .. فقيد الكلمة الشاهدة ...قصيدة (الحسين ) بخط الخفاجي تنشر لأول مرة موقع كتابات في الميزان بتاريخ 19 / 12 / 2012
كما كتب عنه العديد من الأساتذة النقاد والأدباء الكبار والباحثين وتناولوا أعماله بالدراسات والرسائل والأطاريح الجامعية وأشادوا بأعماله الأدبية منهم:
ذكريات طالب حسين المبارك ، رفل حسن طه / هدى جواد ــ بناء المفارقة في مسرحية (الجائزة لمحمد علي الخفاجي)
حميد المطبعي / موسوعة أعلام العراق ج 2 ص 211
شاكر عجيل صاحي ــ شعر محمد علي الخفاجي دراسة فنية ــ رسالة ماجستير الجامعة المستنصرية 2010
عالية خليل إبراهيم العوادي ــ مسرح محمد علي الخفاجي، دراسة فنية، رسالة ماجستير ــ الجامعة المستنصرية 2006
عبد الله الحسيني ــ محمد علي الخفاجي.. رائد الشعر المسرحي المعاصر ، ملاحق جريدة المدى بتاريخ 21 / 10 / 2015
كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 5 ص 162