حصيلة جهود باحثين لعشر سنوات.. موسوعة الإمام الحسين (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ

2024-11-06 10:10

تقرير/ حسين النعمة

موسوعة الإمام الحسين (عليه السلام)  في الكتاب والسنة والتاريخ التي تتكون من (14) مجلدا، هي حصيلة جهود دامت عشر سنوات بذلها فريق من الباحثين في مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية بإشراف العلامة والمحقق الكبير الشيخ الري شهري، في تتبّع أكثر من خمسمائة مصدر تاريخي وحديثي وفقهي وتفسيري وكلامي.. فقد حوت ما يمكن العثور عليه من حياة الإمام الحسين (عليه السلام) سواء الفرديّة أو الاجتماعيّة، إضافة إلى مختلف الأقوال والآراء حول شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) ودوره، وهي الآن بين أيدي الباحثين بعد تحليل مباحثها وتنسيقها بشكلٍ منطقي.

سمات جعلت الموسوعة عملا مميزا

إعادة النظر في تاريخ حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث إنّ إعادة النظر في تاريخ عاشوراء بشكلٍ تخصّصي، وتنقيته من الضعيف والمختلق، يمثّل أكبر خدمة يمكن للمراكز العلميّة والبحثيّة أن تقدّمها اليوم؛ وأهمّ خصائص هذه الموسوعة هي إعادة النظر في حياته (عليه السلام) بشكل تخصّصي، والسعي من أجل تنقية تاريخ عاشوراء عن التحريفات؛ والخصائص الاُخرى لموسوعة الإمام الحسين (عليه السلام) والتي ستأتي تباعاً بما ترتبط بشكلٍ ما بهذه الخصوصيّة الرئيسة.

كذلك الاعتماد على المصادر القديمة والموثوقة، حيث اختيرت نصوص هذه الموسوعة من المصادر الحديثيّة والتاريخيّة المعتبرة الصالحة للاعتماد، وعلى هذا الأساس، فإنّ المراجع الرئيسة لتأليفها تتمثّل بالدرجة الاُولى في المصادر التي تمّ تأليفها حتّى القرنين الرابع والخامس الهجريّين، وبالدرجة الثانية المصادر المؤلّفة حتّى القرن السابع، وبالدرجة الثالثة ما كان مؤلّفا حتّى القرن التاسع.

ولم يُعتمد على المقاتل المؤلّفة في القرن العاشر الهجري فما بعده ـ للأسباب التي سترد الإشارة إليها في ببليوغرافية تاريخ عاشوراء إلّا لنقدها وما إلى ذلك من أهداف، وفي هذه الحالة أشير إلى عدم صلاحية المصدر للاعتماد، وكان من الضروريّ الالتفات إلى هذه الملاحظة، وهي أنّ الروايات التاريخيّة لا تخضع للدقّة التي تخضع لها الروايات الفقهيّة، بل إنّ ما يحظى بالاهتمام هو سلامة النصّ واستقامته أو عدمها ذلك لوجوب الاعتماد على القرائن المختلفة من أجل التعرّف على حقيقة الأمر.

وعلى هذا الأساس، ففي جمع الروايات واختيارها، بالإضافة إلى توثيقها بالمصادر المعتبرة فقد اعتُمِدَ معيار «نقد النصّ» ذلك ليحصل نوع من الاطمئنان للباحث عن طريق تأييد مضامين الروايات بالقرائن العقليّة والنقليّة، ولذلك، فإنّنا لم نأتِ بالأحاديث المنكرة، حتّى وإن وردت في المصادر المعتبرة، وإذا ما عرض في مواضع خاصّة، روايةً غير معتبرة، فقد أوضح سبب ذلك.

من السمات أيضا كان الاعتماد في الموسوعة على مصادر الفريقين، فمصادر أهل السنّة إلى جانب مصادر أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يزيد من القيمة العالميّة للموسوعة التي تتناول الأبعاد المختلفة لحياة الإمام الحسين (عليه السلام) بالإضافة إلى تعزيز مضمون الروايات، وبالتالي فإنّها ستجذب عدداً أكبر من القرّاء.

وجدير بالذكر أنّه يوجد الكثير من المصادر السنّية القديمة والصالحة للاعتماد، نظير: تاريخ الطبري، أنساب الأشراف، الفتوح وغيرها روت تاريخ عاشوراء، وقد تمّ الاعتماد عليها في هذه الموسوعة إلى جانب المصادر الشيعيّة؛ كما أن الشمولية مع الاختصار كانت من سمات الموسوعة؛ فمن الخصائص المهمّة لهذه الموسوعة هي السعي قدر الإمكان للالتزام بالشمولية مع الاختصار، وذلك من خلال إرجاع الروايات المتشابهة بعضها للبعض، وبهذا تم العرض للباحث جميع النصوص التي جاءت في مصادر الفريقين، من دون تكرار إلّا في مواضع خاصّة، وقد ورد النصّ المختار في متن الكتاب وأشير للنصوص المشابهة في الهامش، وبذلك محاولة لتعريف الباحث بالمصادر العديدة للموضوع.

ما المعايير التي استند دار الحديث عليها في جمع وإصدار الموسوعة؟

كان الجمع بين الروايات المتعارضة وتحليلها في طليعة المعايير، ويبدو أنّ عدداً من روايات أهل البيت (عليهم السلام) المتعلّقة بالإمام الحسين (عليه السلام) متعارضة فيما بينها، مثل: الأحاديث التي وردت بشأن تسميته (عليه السلام) أو الأحاديث التي ذكرت أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) تغذّى من أنامل النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو لسانه، أو الأحاديث التي قارنت ثواب زيارة سيّد الشهداء مع ثواب الحجّ والعمرة، فالجمع بين هذه الروايات وتحليلها من شأنه أن يعرّف الباحث بـ «فقه الحديث» وفهم النقول المختلفة.

وايضا مراعاة الصيغة العملية للمضامين فإنّ موسوعة الإمام الحسين (عليه السلام) كموسوعة الإمام عليّ (عليه السلام) التي تمّ تقديمها للباحثين سابقا ـ ليست مجرّد كتاب تاريخيّ يروي ويحلّل النصوص والوثائق التاريخية ذات العلاقة بالحسين بن عليّ (عليه السلام)؛ بل إنّها قد أخذت بنظر الاعتبار في اختيار النصوص وتقديم التحليلات، الحقائقَ والحاجاتِ المعاصرة، وقد سعينا لتكون هذه المجموعة مرجعاً غنيّاً للباحثين، والخطباء، والكتّاب، والفنّانين، وكتّاب السيناريو، وجميع الأشخاص الذين يريدون تقديم الحسين بن عليّ (عليه السلام) الى المجتمع باعتباره مثلاً أعلى للحياة الشريفة، ولجميع الأحرار الذين يريدون أن يقتدوا بنهج هذا الإمام العظيم.

كما أن النظم المنطقي والسهل المنال كان من سمات للموسوعة، فتمّ تنظيم الروايات والتحليلات بشكلٍ بحيث يستوعب الباحث من خلال نظرة إجماليّة مواضيع الكتاب بشكل عام، ويكون بإمكانه في أسرع وقت ممكن وبسهولة أن يجد الموضوع الذي يطلبه، وبعبارة اُخرى فقد تمّ تنظيم العناوين على شكل هرمي بحيث يظهر محتويات الأبواب والفصول ويغطّي جميع محتويات الكتاب.


العودة إلى الأعلى