قراءة بكتاب رحلة الإمام الحسين –عليه السلام- الحزينة
لعل السؤال الأبرز الذي يواجه عشاق سيد الشهداء بالعالم ، لماذا هذا الحب الجارف الذي تهدر به الأصوات من كل القارات ومن مختلف العقائد والأديان بكل أربعينية للإمام الحسين –عليه السلام- المفارقة أنه كلما تشتد حرارة المناخ ترتفع درجات الحب والولاء الحسيني من شيعته وأنصاره ومريديه وأتباعه .
الحسين العابر للجغرافية حيث ترى كل الشعوب بأربعينيته ، وكل العقائد المؤتلفة والمختلفة ترنو للوصول لضريحه حتى وصل في زيارة الأربعينية الاسبوع الماضي أكثر من ٢١ مليون زائر .. وتلك الهالة المقدسة ، يقابلها كم من الأعداء يحاولون عرقلة صفو الأمن والأمان والإطمئنان بالعراق لكن كل الأجهزة الأمنية بالمرصاد لحركتهم كما ألقي القبض عن 23 من بائعي الضمائر من الموجهين بالريمونت كونترول لتعكير صفو الأمان، أو بإطلاق النار الذي يوجه هنا وهناك لإثارة الذعر ، فكل محاولة للإساءة مردودة بنحور من يقترفها .
قدسية الحسين الشهيد:
لعلّ مفتاح القدسية هو الآيات والنصوص القرآنية التي أفاضت على المؤمنين بمحبة سيد الشهداء وموالاته التي قد اسدلت على الحسين عليه السلام هالة الدنو والإقتراب والإتباع فما ورد بحقة وأهل بيته (قل لا أسئلكم علية اجراً إلا المودة في القربى) (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون) (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله علية فمنهم من قضى نحبة ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) وغيرها من النصوص كما يقول ابن عباس –رض- ربع القرآن بعلي وآل البيت –عليهم السلام- .
وقال سيد الكونين الحبيب محمد (صلى الله عليه وآله ) أن الحسن والحسين إمامان إن قاما أو قعدا ، بمعنى جاء لهم الأمر أو إثنيا عنه . و حسين مني وأنا من حسين , الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة . وكان يقبّل الحسن في فمه والحسين في نحرة لمعرفتة بسم الحسن وذبح الحسين ..
وان تتبع رحلة الجهاد ومحطات الالق والطهر في الموكب الحسيني منذ توديعه قبر جده المصطفى وخروجه من ارض مكة المشرفة عارفا بحقة وما تؤول اليه الاحداث الدامية وما تتمخض عنه مسيرة الخلود والمجد والكبرياء لتصبح الدرس التاريخي لكل ثائر وكل مقاوم للباطل كما يشهد العالم اليوم بغزة ولبنان واليمن وايران لمقاومة سطوة العدوان.
رحلة الإمام الحسين –عليه السلام- الحزينة:
لايمر عام إلا ويقدم أحد الكتب الحسينية بالعالم رؤى بتحليل مسارات الملحمة المقدسة بتراجيديا الطف ومنها وطننا المقدس ففي كتاب صدر حديثاً عن دار الصادقين –ط1 -2026 الشيخ حميد مزهر من خلال 209 صفحات يتناول به تلك الرحلة المقدسة وسمفونية المجد ورحلة الكبرياء والخلود بكل مراحلها عن طريق 32 من المجالس يؤكد فيها بموضوعات مهمة :
أسباب ثورة الإمام الحسين –عليه السلام-، الإشكالات على ثورة الإمام الحسين –عليه السلام-، الهجوم على ثورة الإمام الحسين –عليه السلام-، الحركة الإصلاحية في ثورة الإمام الحسين –عليه السلام- ، هل ألقى الإمام الحسين –عليه السلام-، المرء يحفظ ولده ، مأساة الطف ،لماذا نبكي الإمام الحسين –عليه السلام-، معطيات المنبر الحسيني ، كربلاء الخلود ،السفير الخالد ،الخيانة العظمى ،و20 من الموضوعات الأخرى لكل الأحداث بطف كربلاء ونينوى الخلود والإباء بتلك العرصات على الرمال اللاهبة والشفاه الذابلة والأجساد المقطعة التي رسمت خارطة طريق الحرية في البشرية .
يؤكد المؤلف عن سبب الرفض الحسيني للبيعة ص 11 :
(( المبايعة هي استسلام وخضوع حتى الموت .فهل تتوفر هذه المباديء لدى يزيد ؟ إذا كان الخليفة فاسقًا فاحشًا عابثًا ... فإن معنى المبايعة له بيع النفس للفحشاء والظلم)) يستطرد المؤلف بشروحات مفصلة كما بالمجلس الرابع ص31:
((..نعم هناك هدم في الدين ؛ وهناك تحريف ؛ وهناك تزوير للأحاديث النبوية ؛ تحريف روايات ؛ وصرف آيات عن مفادها ؛وهناك أموال طائلة تصرف لأصحاب هذا التحريف ؛ وتصرف من بيت مال المسلمين .....)).
وقد أكد جميع أئمة أهل البيت –عليهم السلام على زيارة الإمام ومواساة رسول الله وأمير المؤمنين وسيدتنا فاطمة الزهراء وهنا يؤكد الشيخ حميد مزهر ص 56 :
عن الإمام الباقر –عليه السلام- ( إذا كان يوم عاشوراء ؛ فليأمر أحدكم أهله بالبكاء ولتظهر عليه علائم الحزن والمصاب؛ وليعزي أحدكم الآخر ....)). إن قضية تضحية سيد شباب أهل الجنة هي المثار لإعجاب كافة الأمم كما ورد لدى المؤلف ص 68 :
((الآن الأمة المسيحية يعتقدون أن المسيح _عليه السلام- قتل مظلوماً ؛ لكن لم يأخذ مأخذه في قلوبكم كما أخذ الحسين –عليه السلام – المأخذ بين أتباعه.
كذلك يحيى بن زكريا-عليه السلام- ؛قُتل ؛وحُمِلَ رأسه إلى بغي من بغايا ذلك العصر ؛ لكن لم يؤثر في أتباعه كما أثر الحسين –عليه السلام- إن تلك الرؤى التي عبر عنها المؤلف بتلك الصفحات المشرقة التي توجها بكل فصل بالقصائد الشعرية.