العراق يكافح للحد من عمالة الأطفال بعد عقود من الحروب والصراعات
صالح، البالغ من العمر اثني عشر عامًا، لم تطأ قدمه أي فصل دراسي من قبل، فبعد مقتل والده في تفجير سيارة مفخخة قبل سنوات، وقع ثقل عائلته على كتفيه الصغيرتين.
هو الابن الأكبر في عائلة مكونة من سبعة أفراد؛ يقضي أيامه في التنقل في سوق الشورجة بالجملة في بغداد، ودفع عربات محملة بالبضائع مقابل أجر زهيد، ولمدة ستة أيام في الأسبوع.
صالح ليس المعيل الوحيد المبكر في الأسرة. ويعمل شقيقه البالغ من العمر 10 سنوات أيضًا في السوق نظرًا لوجود العديد من الأفواه التي يجب إطعامها في أسرتهما.
يقول صالح، وهو غير قادر على تخيل كيف ستكون الحياة المدرسية أو ما قد يطمح إليه: "أتمنى أن أذهب إلى المدرسة وأقضي بعض الوقت مع الأصدقاء". إن توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته يستهلك كل وقته وطاقته.
صالح مجرد واحد من آلاف الأطفال العراقيين الذين أجبروا على العمل بسبب الفقر وعدم الاستقرار.
ومع الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال يوم الأربعاء، تواجه الحكومة العراقية معركة شاقة للحد من انتشار عمالة الأطفال على نطاق واسع.
وقال محمد فهيم، المحامي في بغداد، إن القانون العراقي يحظر عمالة الأطفال دون سن 15 عاما، ويعاقب على المخالفة بالسجن أو الغرامة، إلا أن آلاف الأسر الفقيرة اضطرت إلى إرسال أطفالها للعمل، رغم العقوبة المحتملة، لأنه لا توجد عقوبة أعظم من المجاعة.
أصبحت عمالة الأطفال قضية مستمرة في البلاد وتسببت سنوات الصراع في انتشار الفقر، وفي عام 2023، نقلت الأمم المتحدة عن دراسة استقصائية قولها إن "5 بالمائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما في العراق منخرطون في عمالة الأطفال، مع ارتفاع المعدلات بين الأطفال الذين يعيشون في أسر منخفضة الدخل والمناطق الريفية".
في بغداد، حيث ارتفعت درجات الحرارة بالفعل إلى ما يزيد عن 45 درجة مئوية، يعمل سجاد البالغ من العمر 14 عاماً في ورشة حدادة يملكها عمه، ويضرب قضيباً حديدياً على سندان لكسب لقمة العيش وإعالة والده المقعد.
وقال سجاد، الذي يكسب 10 آلاف دينار يوميا (حوالي 7 دولارات أمريكية)، ويعمل من الساعة 8 صباحا حتى 5 مساء "أعمل لإعالة عائلتي لأن وضعنا المالي صعب". مع ساعة واحدة فقط للراحة.
وقال سجاد أن والده " لا يستطيع العمل بسبب المرض، لذا أحتاج إلى إعالة عائلتي في النفقات اليومية". "آمل أن يتمكن الأطفال في العراق من العيش في سلام وأمن حتى لا يضطروا إلى العمل عندما يكونون صغاراً."
الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، والذي دمر جهاز الدولة العراقية، وحطم أيضًا النظام السياسي المحلي والاستقرار الاجتماعي وتسبب في اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة.
وأضاف فهيم أن "الغزو الأمريكي أدى إلى نكبات في المجتمع العراقي، من بينها غياب سيادة القانون وهيبة الدولة، مما دفع البعض إلى استغلال الأطفال والزج بهم في حقول العمل".
وأشار فهيم إلى أن "أطفال العراق دفعوا ثمنا باهظا، وفقدوا حقهم في التمتع بطفولة آمنة وسعيدة، فضلا عن التعليم، وبدلا من ذلك، ترك الكثير منهم في الشوارع للعمل في سن مبكرة".
المصدر: كلوبل تايمز