الإقناع في الطف

اتسمت النهضة الحسينية لسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين الشهيد بعدة مسارات وأنساق روحية وتربوية وأخلاقية وثقافية وإصلاحية ..تأطرت بأساليب متنوعة بين الإرشاد والنصح والتوجيه والحكمة وعدم مهادنة الباطل والثورة لا سيما المواجهة والمجابهة والتصدي لفسطاط الشر والانحراف رغم معرفته بعدم التوازن بين الفسطاطين .. لكن إيمانه الراسخ بعقيدته والمنطلقات القرآنية والنبوية والعلوية لم يجعله يلوذ بالصمت، فاجتمعت مرتكزات الثورة لإعلان الوقوف ضد الباطل المتمثل بيزيد ومن اتبعه من المنحرفين والشاذين .

إن الإعلان القرآني بالميزة الحسينية بعشرات النصوص القرآنية بعض منها :

بسم الله الرحمن الرحيم

(( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى )) الشورى ٢3

(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) التوبة ١١٩ (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) الأحزاب ٣٣

والتطهير والتقديس بالخطاب القرآني الرباني الإلهي بالثناء والدعوة للولاء مختص بأصحاب الكساء الخمسة النبي محمد و الإمام علي و الحسن والحسين وفاطمة الزهراء.ع.

من هنا يتماهى الإصلاح الحسيني وثورته ونهضته الإقناعية لا سيما التصدي بواقعة الطف الخالدة التي تمثل جذوة الصراع بين فسطاطي الحق والباطل بثنائية تاريخية تتجدد بين الخير والشر بالوجود ؛ بيد أن الملحمة المقدسة من عام 61 هـ لليوم تمثل الصراع بين جبهتي الحق والباطل استلهم منها جميع الثائرين والمصلحين من كافة العقائد والأديان الدروس والعبر .. بالمطالبة بالإصلاح ،والعدالة الاجتماعية، والاحتكام لتحرير الذات البشرية من ربقة العبودية للحكام.

من هنا نجد الكتاب في كل حين يسلتهمون الدورس من النهضة الحسينية فيما أستلهم الشعراء بكل عصر ومصر من واقعة الطف أروع القصائد الخالدة ، فلا جمالية ومعنى للنص الشعري التربوي والديني بلا رمزية علي والحسين، ولا قيمة فنية وروحيّة وأخلاقيّة في أي عرض مسرحي تراجيدي لا يمر بصرخة الحسين: ألا من ناصر ينصرنا ،وما من تشكيلي رسم لوحة عن الشهداء إلا وفيها الحسين والطف والأجساد المرضوضة المحترقة و المقطعة ، وكذا الرسالة الإعلامية بالخطاب النهضوي تحمل شفرات الإقناع بأحقية سيد الأحرار (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد هيهات منا الذلة ).

كتاب الإقناع في الطف

وفي هذا لاسياق يأتي كتاب الإقناع في الطف الصادر في شباط 2024 عن دار الورشة الثقافية كأول كتاب لكاتبه علي محمد كاظم البدري ب258 صفحة من القطع الوزيري ومقسم لأربعة فصول الأول منها : المبنى التعريفي لمفهوم الإقناع ..والثاني : استراتيجيات الخطاب والإقناع في الطف .. ثالثها : صور من الإقناع في الطف ..وآخرها:جماليات الطف والإقناع، وقد تضمن كل فصل 4 مباحث إلا الفصل الرابع فكان ب6 مباحث..

لا ريب كل قراءة للملحمة الحسينية وفق معطيات معاصرة تضيء زوايا مهمة بالملحمة المقدسة لأنها ليس حدثا تاريخيا عابرا وإنما انعطافة كبيرة في التاريخ بين أتباع الحق النبوي العلوي وبين جبهة الكفر والشرك والارتداد والانقلاب الأموي ، ومن هنا جاء الكتاب باستدلالات لدعم الحقيقة التاريخية وفق إستراتيجيات الخطاب للملحمة الحسينية بحسب ما اطلعت عليه فيعدة دراسات صادرة عن قسم الشؤون الفكرية بالعتبة الحسينية حول إستراتيجيات الخطاب الحسيني تناولت الحجاج ولغة الخطاب الحسيني الهادر بالحق وبلاغته المؤثرة الممتدة بقلوب عشاق سيد شباب أهل الجنة بكل عصر ومصر ترددها الشفاه بكل القارات بالعاشر والأربعين من كل عام ..

شذرات مما كتبه الباحث علي البدري

جاء بالمقدمة ص 12 : ((شكّلت ملحمة الطف الخالدة أسمى وأقدس انعطافة ثورية إسلامية في التاريخ الإنساني ، لما حملته من معان وأهداف وأساليب تمكّنت من أن تستلب الخلود من ثنايا الزمن الغارق بالأحداث والمعارك على طول الحياة البشرية .)).

ص26 : (( تعني الوسيلة الإقناعية القناة أو الطريقة التي تحمل الرسالة إلى المتلقي ، ويعد نجاح الإقناع في تغيير وتعديل سلوك المتلقي على قوة توصيل مضمون الرسالة بالوسيلة الاقناعية .....)).

ص96 : ((الإقناع في الطف ممثلا بالقائد الروحي والميداني والفكري الإمام الحسين –عليه السلام- لم يأتِ دفعة واحدة من الأحداث بل جاءت متسلسلة ومتصلة كما هي متراكمة من متناقضات وفوارق واختلافات في الفكر والاقتصاد والسياسة ..)).

ص228: جمالية النظام والتنظيم والنص في الطف:

 يُشكل النظام والتنظيم في الطف الدعامة الأساسية في مفرداتها المؤلمة والمحزنة لكنها لا تخلو من الجمال في إدارة الواقعة بسبب دقتها وحنكتها مما منحها الديمومة في إيجاد وعي وإقناع ساهم في حفظ أهداف الثورة واستمرارها.))


المرفقات

العودة إلى الأعلى