حوار خاص مع الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة

العبايجي: هدفنا بناء الإنسان وصناعة أمة قادرة على النهوض بمستقبلها

تحت مظلة المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف انطلقت العتبة الحسينية المقدسة و بقية العتبات المقدسة لإنشاء مختلف المشاريع منها الجامعات والمدارس والمستشفيات ومعاهد التوحد والمشاريع السكنية للفقراء وغيرها من المشاريع المهمة والأساسية  لبناء الانسان.

في الحوار التالي مع الاستاذ حسن رشيد جواد العبايجي الأمين العام للعتبة الحسينية يتحدث عن رؤى وأهداف العتبة الحسينية المقدسة من انشاء هذه المشاريع.

ــ ما الجدوى من إنشاء مشاريع صناعية وزراعية؟ ولماذا تتدخل العتبات في هكذا قطاعات وتمدها وتنظمها بمشاريع منافسة?

ــ العتبة الحسينية المقدسة دخلت القطاع الصناعي والزراعي وكذلك القطاع السياحي من اجل خلق منافسة شريفة وتوفير سلة غذائية للمواطن بأسعار مناسبة وكذلك تساعد في استقرار السوق التي لا تستقر الا بالمنافسة، يعني إذا حدث احتكار للأسعار ترتفع وتؤذي المواطن؛ وبالنتيجة تؤثر على دخله لذلك العتبات تدخلت بهذه القطاعات من اجل خلق منافسة وتوفير خدمات بأسعار توازي القوة الشرائية للمواطن سواء أكانت زراعية او صناعية او حتى خدمات طبية أو تعليمية.. والعتبة الحسينية المقدسة تهدف من دخولها هذه القطاعات الى خلق منافسة شريفة تساهم في توفير افضل خدمات للمواطن العراقي.

فعلى الصعيد الزراعي كانت هناك أراضي صحراوية كثيرة وبعد دراسة طبيعة هذه الاراضي تبين أنه بالإمكان أن تكون بيئة صالحة للزراعة وزراعة الاشجار الدائمية او زراعة النخيل، فالعراق فقدَ من النخيل الملايين بسبب الحروب العبثية في العقود المنصرمة، ولآفاق بعيدة واستراتيجية كانت للعتبة المقدسة  رؤية واضحة فيما يتعلق بالمشاريع الزراعية، كمزرعة فدك إذ نسعى الى انتاج تمور بأصنافها الجيدة وتسويقها الى الاسواق، و زراعة النخيل مستمرة في هذه الاراضي التي نعمل على تغييرها من اراضي صحراوية كان من الصعوبة استثمارها وتحويلها الى اراضي خضراء منتجة، اضافة الى مشاريع العتبة الحسينية التي تركز على زراعة محصول الحنطة بالتأكيد هذه ستوفر ايضا سلة غذائية، اضف الى ذلك توفير فرص العمل لعموم المواطنين وبالنتيجة اصبحت هناك تنمية اقتصادية بشكل غير مباشر.

ــ البلدان المتطورة تعتمد التكنولوجيا، وتقلل من اليد العاملة بينما تعتمد العتبة على اليد العاملة في مشاريعها فما رؤيتكم بهذا المجال ؟

ــ هدفنا توفير فرص عمل للمواطن العراقي؛ وبالتأكيد هذا يحتاج الى جهد ودعم مادي كبير، إضافة الى ذلك ولأن المواطن هو محور اساس لدينا فثمة جهات واقسام متخصصة في العتبة الحسينية ترعى موضوع توفير فرص العمل وتثقيف الشباب مهنيا وفكريا، ولا غرو أن لدينا مشاريع كثيرة تساعد في استقطاب الكفاءات والامكانات حتى في الجامعات العائدة الى العتبة المقدسة فأن الاوائل يتم تعيينهم في العتبة، فالمحور الاساسي هو بناء الإنسان وهذا لا ينافي استخدام التكنولوجيا ولكن ليس على حساب الجانب الانساني.

ـ  ماذا عن اهتمامكم بالقطاع التربوي والتعليمي وما آليات المساهمة في النهوض به؟

ــ كان لابد من السعي لتوفير كل الامكانيات لبناء الإنسان ابتداءً من مرحلة الطفولة في رياض الاطفال وفقا لمنهج اهل البيت (عليهم افضل الصلاة والسلام) وصولا الى الجامعات وبتخصصات كثيرة في العلوم الصرفة وغير الصرفة، ليس هذا فقط؛ بل لدينا جامعةُ الزهراءِ (عليها السلامُ) المنارةٌ العلميةٌ التي تُحقّقُ حُلُمَ الكثيراتِ وتقترب من الدخول في التصنيفات العالمية، وجامعة وراث الانبياء التي توفر بيئة تعليمية بحثية مناسبة للأكاديميين والطلبة وتجمع بين الأصالة والتجديد وهدفها نشر العلم، والربح آخر ما تفكر فيه.

ومع وجود أحكام شرعية ورسالة سماوية فالحفاظ على هذا الانسان وعفته وديمومة القيم لديه أمر لابد منه وهو ما تؤكد عليها العتبة المقدسة كما تؤكد على الهوية الوطنية إذ ان الهوية الوطنية والهوية الدينية والهوية التربوية مجتمعة تخلق جيلا قادرا على ان يقود البلد ويتحدى المصاعب و الملمات"

ــ  التوسعة العمرانية للعتبة  تشغل الشارع العراقي؛ ما دواعيها؟ وكيف ستكون؟ وماذا ستشمل?

ــ ارتأت القيادة الحكيمة للعتبة الحسينية المقدسة ان تعمل على استيعاب الاعداد المليونية التي تفد من كل حدب وصوب لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في مناسبات عديدة ، وبدأت المنطقة المحيطة بالصحن الشريف لا تسع لاستيعاب الزائرين وتتسبب باختناقات كثيرة ومن هنا كانت الارادة بزيادة مساحات اوسع لراحة الزائرين ومع تمكنا من السيطرة على انسيابية حركة الزائرين، لذا بُذلت جهودا كبيرة بالتنسيق مع الدولة لتأمين الاموال واستملاك العقارات القريبة وتوفير مساحات واسعة لخدمة الزائرين.

وكانت هذه المساحات الكبيرة والواسعة مكونة من صحن العقيلة بثلاثة طوابق تبلغ مساحتها 160 ألف متر مربع كبناء على ارض مساحتها أساساً 52 ألف متر مربع، وكذلك صحن الامام الحسن (عليه السلام) وايضا صحن حبيب بن مظاهر الاسدي وصحن الامام الحجة (عجل الله فرجه) كلها ستكون فيها سراديب من عدة طوابق لاستيعاب أفواج الزائرين وستوفر فيها خدمات كثيرة من قبيل المنشآت الصحية والمراكز الثقافية والدينية وبأفضل الخدمات التي نطمح اليها. وستكون بطرز معمارية تزاوج فنون العمارة الحالية بعبق الماضي، وبتصاميم هندسية جميلة توفر مساحات كبيرة وبخدمات كثيرة، وستشمل التوسعة الجهات الاربعة للحرم الحسيني المطهر.


ــ  هل  ان مشاريع العتبة المقدسة تصب في مضمار التنافس أم التكامل مع المشاريع الحكومية ؟

ــ أن العتبة الحسينية  لا تستهدف عبر مشاريعها، المنافسة مع القطاع الحكومي، ولا تريد أن تكون بديلا عن المؤسسات الحكومية، إن مشاريعها هي دعم وتكامل مع مؤسسات الدولة خصوصاً التعليمية والطبية فأموال العتبات تذهب لخدمات كثيرة منها ما مرّ ذكره من إنشاء المستشفيات وبناء المدارس والجامعات ومعاهد علاج طيف التوحد والمبادرات الإنسانية لعلاج المرضى بالمجان والتي تنطلق مع بعض المناسبات الدينية والولادات الميمونة لآل بيت النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) وفي مختلف التخصصات الطبية بأحدث الاجهزة والتقنيات الطبية.. فأيُّ مصدر سواء أكان من قسم الهدايا والنذور أو تبرعات تصرف الى هذه الموارد، وهو ما يؤكد أن العتبة ليست جهة استثمارية ولا تسعى الى تحقيق مكاسب وارباح مادية، وكل ما موجود هو من جهود إدارية وفكرية وعقلية وثقافية واعلامية وتربوية وطبية تصب في خدمة المواطن، واستثمارنا الحقيقي هو ان ننشئ جيلا قادرا على تحمل مسؤوليته ويقود البلد الى بر الأمان.

ــ المستشفيات المتخصصة كمستشفى خديجة الكبرى لماذا انشأت وما يميزها عن غيرها؟

ــ إن "مستشفى خديجة الكبرى (عليها السلام) يعدّ من المستشفيات القليلة جداً في العالم، ولا يقتصر هذا المستشفى على عمليات الولادة ورعاية الأطفال، بل إنه لكل التخصصات الطبية الخاصة بالمرأة وجميع ملاكاته الطبية والتمريضية والإدارية والخدمية من النساء، كما ان جميع المراجعات له من النساء فقط ودخول العتبة الحسينية المقدسة، في هذا المضمار لان الدين الاسلامي والديانات السماوية الإلهية الحقة قد وجهوا اهتماماً خاصاً لتعزيز كرامة المرأة وصيانة حقوقها والحفاظ على عفتها وخصوصيتها الإنسانية، وحيث أن الكثير من النساء يحرصهن على الالتزام بالأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة؛ فيرفضن أن تكون الخدمات الطبية المقدمة لها من العنصر الطبي الرجالي وقد تحجم عن التطبب حذراً من هذه المخالفة.

ــ ما دور  مراكز الشفاء اليوم بعد ان انتهت جائحة كورونا وهل تم تسليمها الى وزارة الصحة العراقية ؟

ــ بعد انجلاء الجائحة وانتهاء هذا الوباء الكبير كان الرأي ان تُسلّم هذه المراكز الى وزارة الصحة مع أن يتم تجهيزها بمعدات متطورة واجهزة طبية وتتوفر فيها مختبرات واقسام عديدة للأشعة وكل ما يخدم صالح المواطن من صالات عمليات متطورة وأنظمة أمان ومنظومات سلامة وتنقية صحية لتصير مستشفيات عامة تكون في خدمة المواطن العراقي.

ولم نكتفِ بإنشاء هذه المراكز؛ بل ما زالت يدُّ العتبة الحسينية تمتد الى هذه المراكز بمختلف الامور منها الصيانة والإدامة وتوفير خدمات حيوية تساعد في استمرار تلك المراكز التي اصبحت مستشفيات عامة تقدم الخدمة للمواطن العراقي بمختلف قومياته وشرائعه ومذاهبه


العودة إلى الأعلى