الإمام الحسن(عليه السلام) يحاكم التاريخ
إن أهم ما يميز الكتابة الجادة الهادفة الرصينة تعزيزها المعرفة من جهة وكشفها الحقيقة بضوء الالتباسات وفقدان بوصلة الحق في ظل التدليس والتهويل والتزييف بالكتابة عبر التاريخ بشكل عام مرورا بحقبة الأمويين فالعباسيين فالجاحدين بالإمامة ..
ومن الكتب التي نصرت الحقيقة كتاب الدكتور حسن طاهر ملحم المعنون( الإمام الحسن .عليه السلام. يحاكم التاريخ رد الخرافة والافتراء في سيرته -دراسة تحليلية-) ضبط وتحقيق السيد طارق الصافي -دار العارف للمطبوعات وقد جاء الكتاب ب٢٣٤ صفحة ..تناول الموضوعات التالية:
- خرافة تسمية الإمام الحسن عليه السلام ب(حرب).
-العلاقة المزورة بين النبي- صلى الله عليه وآله- وحفيده الإمام الحسن -عليه السلام -
-أحاديث الافتراء حول علاقة الإمام الحسن مع أبيه الإمام علي -عليه السلام-
-الإمام الحسن .عليه السلام. عثماني الهوى.. الفرية وردها.
-فرية زواج الإمام الحسن .عليه السلام. وطلاقه.
-حديث : إن ولدي هذا سيد سيصلح الله...بين القبول والرفض.
-صلح الإمام الحسن .عليه السلام. والرد على تخصصات المؤرخين.
- الرؤية السياسية عند الإمام الحسن .عليه السلام. في ظل أبيه.
- صلح الإمام الحسن.عليه السلام. الأسباب والنتائج.
وجاء بالمقدمة ص ٧:
(( ثمة حاجة بالغة لتجاوز السياج الذي وضعه أصحاب التاريخ والسير على صعيد سيرة الإمام الحسن .عليه السلام. بمعنى ضرورة السعي العلمي الجاد والأصيل لقراءة سيرة الإمام الحسن .عليه السلام. المنتقاة التي تواكب وتساير ما وصف به من أخلاق لكونه نتاجا نبويا علويا محضا. )).
إن حاجة الأمة الواسعة لكتابة الحقيقة لهداية الأجيال ووضعها بالمسارات التاريخية والمستقبلية الصحيحة بعد كثرة الجدل غير النافع والانحراف عن جادة الصواب.
في هذا الصدد يؤكد الدكتور حسن طاهر ملحم في ص٢٥: ((ان الإمام الحسن .عليه السلام. قد ابتلي بنوعين من الناس، أناس ناصبته العداء ولاكت ألسنتها سيرته بالباطل وأناس أحبوه وغالوا في حبه وصدقوا كل شيء سمعوه عنه حتى وإن كان (حديث خرافة) فكان نتاج ذلك رسم سيرة مركبة له لا تليق بسمو إمام وخلق إمام وهذا العبث قد سطرته أيادي أموية بغيضة أرادت إسقاط هيبة وسؤدد الحسن .عليه السلام.))
ولقد برّع المؤلف في رد جميع الشبهات التي حيكت ضده على صعيد سيرة فقد فكك كل الافتراءات والدسائس وقاربها بطرح عقلي وتحليلي وتاريخي يتماهى مع الواقع ومع عصمة الأئمة فيفند كل المشككين والمفترين الذين تجنبوا تدوين الحقيقة .
وأكد في ص ٣٧ :(( رغم أن الكثير من مفسرين السلطة والإسلام السياسي وابن تيمية وسلامته قد حاولوا أن يحرفوا الاتجاه صوب أشخاص آخرين لعدم تحملهم أن علياً يحمل الفضائل كلها، إلاّ أنهم فشلوا في ذلك فشلاً ذريعاً.))بالكتب كشف للروايات غير الصحيحة من خلال التحقيق العلمي حول إختلال السند والمتن لذلك حاكم تلك الروايات بنفس علمي كما بالصفحات من ٦١ -٧٩ ليخرج بنتيجة بهذا المبحث :((وهكذا دأب القوم على صنع أحاديث مكذوبة على آل البيت جميعاً لدثر الأحاديث الحسان والفضائل والآيات الصريحة النازلة بحقهم كآية التطهير والمباهلة وغيرها الكثير....)).
ولعل ّمعاناة أئمة أهل بيت النبي كان من غلظة التعامل الأموي الوحشي والعباسي الفج المبطن بالقساوة والإبعاد القسري ضَيّع على الأجيال الهداية الصحيحة وبالتالي تعددت الطرق وأختلف الناس حول أحقيتهم ..
لقد أكد الدكتور ملحم ص ٢٢٣ أن ((الإمام الحسن .عليه السلام. يرى في نفسه أنه صاحب الحق بعد أبيه وقد ظلمته قريش ونازعتهم على حقهم ...))..
وفي ص ٢٢٤: يوضح المؤلف قضية صلح الإمام عليه السلام فيقول: (( ولم يأت الصلح من الإمام الحسن .عليه السلام. إلا بعد أن يأس من أصحابه وهو المتيقن بأن لا عزّ في الأمر الذي دعي إليه ...)).
إن دراسة الوقائع التاريخية بشكل حقيقي يكشف جميع الملابسات والإشكاليات التي حاول مؤرخو السلطات طمسها لكن الشمس لا تحجب بغربال فيقيض الله بكل زمن من يعمل بصدق لإماطة اللثام عن ما خفي منها وما هذا الكتاب إلا أحد تلك المحاولات الجادة في كشف الحقائق وفضح الأكاذيب التاريخية التي لا زالت تسيطر على عقول البعض ..