الأوائل في الإمام الحسين (عليه السلام)/ الحلقة 8.. أول الأولاد الذكور للإمام الحسين (عليه السلام)
أول الأولاد الذكور للإمام الحسين (ع) هو علي الأكبر (ع) وسبب تسميته بعلي الأكبر أن الإمام الحسين (ع) سمى أولاده الذكور الثلاثة باسم ابيه علي (ع) بسبب حبه الشديد له، ولذلك فقد عرف أول أولاده بعلي الأكبر والثاني علي الأوسط والثالث علي الأصغر.
قيل: ولد علي الأكبر في الحادي عشر من شعبان سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة في خلافة عثمان، كنيته أبو الحسن، وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي.
ومما يجدر ذكره أن أم ليلى ـ أي جدة علي الأكبر ـ هي ميمونة بنت أبي سفيان، ولذلك فقد كان معاوية ـ كما تذكر إحدى الروايات ــ يعتبره أحق شخص بالخلافة ووصفه قائلاً:
أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي! جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفيه شجاعة بني هاشم وسخاء بني أمية وزهو ثقيف.
وبالطبع فإن قول معاوية هذا يمثل موقفاً سياسياً يهدف الى سلب الخلافة من أهل بيت الرسالة، لا أنه كان يعتبر الخلافة من حق علي الأكبر. كما يمكن اعتبار عرض الأمان على علي الأكبر خلال حادثة عاشوراء بسبب انتسابه الى أبي سفيان من جهة الأم، حركة سياسية يهدف من خلالها عزل علي الأكبر عن الإمام الحسين (عليه السلام) الإ انه واجه موقفاً حازماً من علي الأكبر حيث قال:
أما والله لقرابة رسول الله كانت أولى أن ترعى.
وقد صرح البعض بأنه قد روى الحديث عن جده الإمام علي (عليه السلام).
ومما يجدر ذكره أن عدداُ من العلماء الكبار كالشيخ الطوسي والشيخ المفيد اعتبروا الإمام السجاد (عليه السلام) أكبر أولاد الإمام الحسين(عليه السلام). إلا أن هذا الرأي يتعارض مع الرأي المشهور لكتّاب السير وأصحاب النسب.
يقول المحقق الشوشتري (قدس سره) في بيان رد هذا الرأي مشيراً الى كلام الشيخ الطوسي (قدس سره) في هذا المجال:
قال المصنف: سبق الشيخ في الرجال ــ في وصف هذا بالأصغر ــ المفيد في الارشاد وتبعه أحمد بن طاووس، والعلامة. قلت: وعلي بن طاووس وابن داوود. قال أنكر الحلي على الارشاد وصف هذا بالأصغر، بأن الزبير بن بكار وابن قتيبة والطبري وابن أبي الازهر والدينوري والبلاذري والمزني والعمري وأبا الفرج وصاحب الزواجر ــ من العامة وابن همام صاحب الأنوار وأبا الفضل الصابوني في صاحب الفاخر ـ من الخاصة وصفوه بالأكبر.
قلت: ومصعب الزبيري في نسب قريش، وأبو مخنف على نقل الطبري والمسعودي، بل لا خلاف في السير في ذلك.
ولم أقف على من قال به قبل المفيد، سوى عليّ بن أحمد الكوفي صاحب الاستغاثة، لكن لا عبرة بقوله؛ لكون كتابه تخليطاً، كما عرفت في محلّه.
والظاهر: إنّ الداعي للشيخين إلى القول بذلك، ورود الخبر الصحيح بوجوب كون من يستخلفه الإمام الولد الأكبر، ولذا ضلّ جمع في عبد اللّه الأفطح؛ لكونه أكبر ولد الصادق عليه السلام ، لكنّ المراد بالخبر: ما إذا لم يكن الأكبر ذا عاهة، وقد كان عبد اللّه أفطحَ؛ كما أنّ المراد بالاشتراط حين الموت، ولم يكن أكبر من السجّاد عليه السلام حين شهادة أبيه، فلم يكن غيره عليه السلام .
كما أنّ المراد: الأكبر من ولد الإمام عليه السلام ، فنقض الحلّي الخبر بكون أمير المؤمنين عليه السلام أصغر ولد أبيه في غير محلّه، فلم يكن أبوه إماماً ولا أبوه استخلفه.
وأمّا ما في الإقبال عن مختصر المنتخب في زيارات عاشوراء: «و [السلام] عَلى وَلَدِكَ عَلِيٍّ الأَصغَرِ الَّذي فُجِعتَ بِهِ»، ففيه: أولاً: إنّ تلك الزيارة غير مسندة الى معصوم ، ولعلّها من إنشاء بعض العلماء.
وثانياً: الظاهر أنّ كلمة «الأصغر» كانت حاشيةً اجتهاديةً أخذاً من قول الشيخين وابن طاووس والعلّامة خُلِطت بالمتن.
وقد روى أبو الفرج ـ في مقاتله ـ أنّ يزيد لمّا قال للسجّاد عليه السلام : ما اسمك؟ قال له: عليّ ، فقال : أوَلم يَقتل اللّهُ عليّاً؟ قال عليه السلام : «قَد كانَ لي أخٌ أكبرُ مِنّي يُسَمّى عَلِيّاً، فَقَتَلتُموه» ، ورواه في نسب قريش مصعبُ الزبيريّ ، إلّا أنّه بدّل «يزيد» بابن زياد.
ثم إنّه وإن اختلف فيه، إلّا أنّه لا خلاف أنّ «عليّا الأكبر» و«عليّاً الأصغر» منحصران
فيه وفي السجّاد عليه السلام ، كما أنّه لا خلاف في أنّ الرضيع كان اسمه «عبد اللّه »، وأغرب كمال الدين بن طلحة من العامّة، فوصف هذا بالأكبر، والسجّاد عليه السلام بالأوسط، والرضيع بالأصغر، ومثله ابن شهرآشوب من الخاصّة، في جعل الرضيع [عليّاً ]الأصغر، فقال: وبقي الحسين عليه السلام وحيداً، وفي حجره عليّ الأصغر .
كما أنّه من المشهور: أنّ هذا كان أوّل قتيل من أهل البيت ، صرّح به الطبري
وأبو الفرج وفي الناحية ، وجعله المناقب العشرين منهم.
وقد اختُلف في سِنّ عليٍّ الأكبر عند شهادته في كربلاء ، حتّى ذكرت بعض الروايات أنّه بلغ من العمر ثمان وعشرين سنة ، ولكن بناءً على الرأي المشهور من أنّه أكبر من الإمام السجّاد عليه السلام ، ونظراً إلى أنّ الإمام السجّاد بلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً عند وقعة عاشوراء، فإنّ من المفترض أن يتجاوز عمر عليّ الأكبر ذلك ، ولذلك تبدو الروايات الدالّة على ولادته في خلافة عثمان، وأنّ عمره بلغ 25 سنة أقرب للواقع.
المصدر: الأوائل في الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء