:

للزيارة الاربعينية العديد من الأدوات التي يمكن للقائمين عليها من استخدامها لتحقيق اهداف الدبلوماسية الدينية، هذه الأدوات قد تكون مادية أو معنوية يمكن لها التأثير في تغيير المواقف وتصحيحها وإيجاد طاولة مناسبة للحوار بين الجميع بما يخدم الأهداف المرسومة للدولة والعتبة الحسينية المقدسة.

1-  الأدوات الرسمية والدعم الرسمي :

شهدت الزيارة الاربعينية وبعد عام 2003 اهتماماً حكومياً، إذ عدت الحكومة العراقية هذه الزيارة من الشعائر الدينية، الواجب دعمها وحمايتها، لاسيما وان الدستور العراقي قد أطّر قانونياً لهذه الممارسات والشعائر، إذ تقوم الحكومة العراقية وعلى مدار عقد من الزمان من اعداد الخطط الأمنية للمحافظة على أرواح الزائرين، وتقديم التسهيلات للزائرين العرب والأجانب في المطارات والمنافذ الحدودية كافية، وتقديم الدعم اللوجستي والخدمي في محافظة كربلاء.

2-  القنوات الفضائية والاذاعات المسموعة :

تتمتع الزيارة الاربعينية بتغطية واسعة لنشاطاتها وعلى مدار ايامها من قبل القنوات الفضائية العراقية الرسمية (شبكة الاعلام العراقي) وغير الرسمية التابعة إلى وكالات إعلامية خاصة، فضلا عن الدور الرائد الذي تؤديه قناة كربلاء الفضائية والتي تقدم من خلال تغطيتها على مدار 24 ساعة اخبار وبرامج واحاديث تناول كافة جوانب الزيارة الاربعينية بل وتقدم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تأسست قناة كربلاء في 1/10/2008 بمباركة المرجعية الدينية في النجف الاشرف وانطلق بثها في 22/8/2009 وتهدف هذه القناة إلى التعريف بمدرسة آل البيت وإشاعة مبادئها والتعريف بفكرهم بموضوعية ومنهجية، فضلاً عن توحيد  كلمة المسلمين والتآلف بينهم والتعاون المشترك، ورد الشبهات بالبديل والبرهان وايصال صوت الابداع الحسيني في مجالات الادب والفنون والتواصل الإيجابي مع جمهور المهاجرين واخوانهم المسلمين في خارج العراق، والعمل على إيصال الصورة المثلى عن الشعائر الحسينية والتي يستفاد منها في بيان رسالتهم الدينية والتاريخية والإنسانية.

3-  النشاطات الثقافية والعلمية :

دأب القائمون على إدارة الزيارة الاربعينية إلى التفكير في استثمار هذا الحدث العالمي بما يخدم الأهداف الثقافية والاجتماعية لتلك الزيارة وقد القيت هذه المهمة على عاتق مركز كربلاء للدراسات والبحوث، الذي شكل المجلس الاكاديمي للزيارة الأربعين عام 2017، والذي يضم ممثلين عن 13 جامعة وممثلين عن مجلس محافظة كربلاء والمحافظ، وهدف هذا المركز هو وضع الخطط النظرية ودراستها بطرق علمية وارسالها للجهات المعنية فيما يتعلق بزيارة الأربعين، فضلا عن تشجيع الجامعات العراقية لتبني الأبحاث التطبيقية والعلمية لكل ما يتعلق بزيارة الأربعين وفي جوانبها كافة.

وقد تمخض عن تلك الجهود التي بذلها مركز كربلاء للدراسات والبحوث، هو تبني إقامة مؤتمر اكاديمي سنوي يعني بالزيارة الاربعينية وتكون المشاركات متاحة للجميع  والذي  يعقد في شهر صفر من كل عام، إذ عقد المركز وبالتعاون مع عدد من الجامعات العراقية ست مؤتمرات دولية تخصصية عن تلك الزيارة وهو بصدد عقد المؤتمر السابع في بداية شهر أيلول 2023، ومن خلال مشاركة العشرات من الباحثين الأجانب والعرب في هذه المؤتمرات يمكن ان تكون هذه النشاطات ادوات للدبلوماسية الدينية التي يمكن من خلالها تحقق الأهداف المرجوة.

4-  التعاون مع المنظمات الدولية :

سعت العتبة الحسينية المقدسة ومن خلال مؤسساتها الثقافية والعلمية وبالتعاون مع المؤسسات الاكاديمية العراقية والوزارة كافة، إلى محاولة التعريف بالزيارة الاربعينية وطقوسها، لاسيما للشعوب الأجنبية خارج العراق، وسلك دورب المنظمات الدولية في الاستفادة منها في تدعيم تلك الشعائر والمحافظة عليها ومحاولة التعريف بها عالمياً مما يؤدي إلى جلب انظار العالم لها، وهذا ما عملت عليه العتبة الحسينية المقدسة متمثلة بمركز كربلاء للدراسات والبحوث في محاولة ادراج الزيارة الاربعينية على لائحة التراث غير المادي الإنساني من خلال تقديم ملف عن هذه الزيارة، إذ بعد جهود كبيرة صوتت المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافية (اليونسكو) على تسجيل (المسيرة الاربعينية) ضمن قائمة التراث الثقافي الانساني غير المادي. ، لاسيما (توفير الخدمة والضيافة في زيارة الأربعين) وبعد ثلاث سنوات من الجهود التي توجت في اجتماع المنظمة في كولومبيا في 14/12/2019( ).

يبدو ان ادراج هذا الملف قد عكس بأن قضية الامام الحسين والزيارة الاربعينية ليست مقتصرة على العراقيين وانما هي قضية للإنسانية جمعاء، لاسيما مع الاعداد الكبيرة للزوار الأجانب الذين يشاركون فيها، وبذلك تكون هذه الزيارة في جانبها الثقافي أداة فاعلة في تحقيق اهداف الدبلوماسية الدينية.

المصدر: بحث الدبلوماسية الدينية للعتبة الحسينية المقدسة " زيارة الاربعين انموذجاً" أ.د. قاسم شعيب عباس السلطاني

كلية العلوم السياسية / جامعة النهرين