انتصار الحسين (ع) انتصار للمبادئ
جعفر البازي
لقد أسسَ الأمامُ الحسين ِ(عليه السلام) في كربلاء أسُسا و ثوابت و قواعد وخط للأمةِ بل لكلِ البشرية ِمناهج َلم تعهدها من قبلُ حتى إبان سيرةِ جدهِ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبيهِ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) حيث ُأنشأ مدرسة (انتصار الدم ِعلى السيفِ)التي جسدَ مبادئِها وأظهر ملامحها بكل وضوح ٍفي كل ِموقف ٍمن مواقفه ِالعظيمة ِ في أرض ِكربلاء ،ابتداءً من إلقاءِ الحجةِ الكاملةِ على أعدائهِ ، ثم مقابلةِ أساءتهم بالإحسان وعدم ابتدارهم بالقتال رغم تطاولهم واستفزازهم، فكان الصبرُ ديدنه وديدن أصحابهِ وأهلَ بيتهِ حتى أعيى أعداءهُ بصبرهِ ليخلقَ في نفوسهم ِعوامل َالانكسارِ و الهزيمةِ المعنوية، وليجردهُم من كلِ ِإمارات ِ زهوهم فعراهم أمام أنفسهم قبلَ غيرهم فكانت هذه أولى بوادر انتصار مبادئه العظيمة في نظرية (انتصار الدم على السيف)نظرية انتصار (المغلوب على الغالب) .
ولقد بدأت هذه النظرية الشريفة تؤتي أكلها بعد استشهاده مباشرة فرأينا قاتليه مرعوبين مما عملوا يخيفهم جسده المرمل بالدماء وهو على الثرى، ويفزعهم رأسه المقطوع وهو على أسنة الرماح وذكره الذي أخذ يقض مضاجعهم ويهد ما بنوه لدنياهم.
وهكذا تجسدت رائعة الحسين(ع) في طف كربلاء في كل يوم وفي كل زمان حيث غدت مدرسته (عليه السلام) مدرسة يتخرج منها في كل يوم عشرات العظماء الذين وقفوا في وجوه الظالمين رغم قلة العدة والعدد ،متمسكين بمبادئ هذه المدرسة العظيمة مدرسة انتصار الدم على السيف، فها هو غاندي و الكثير من الرجال الأفذاذ ممن انتهلوا من هذه المدرسة رغم أنهم لم يكونوا من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، لكنما أبهرتهم هذه المدرسة العظيمة، فتخرجوا منها بنجاح العاشقين.
وإن ما نراه اليوم من مواقف لشيعة أهل البيت (عليهم السلام) في في كل بقعة من بقاع الأرض ما هي إلا نتاج تلك المدرسة الخالدة التي أسسها لهم أمامهم الحسين (عليه السلام) وعلمهم كيف يأخذون منها ما ينجيهم في الدنيا و الآخرة ،فأخذوا منه صبره وتأنيه وتمسكه بالحق فلم يخرجوا عن مسار الله رغم ما لاقوا من أعدائهم من قتل وسفك لدمائهم وهتك لأعراضهم ، وقالوا للعالم أجمع بأننا سننتصر رغم قتلهم لنا، ورغم ما بنا من قلة لأننا نسير على خطى إمام علمنا أن الثبات على الحق والتحلي بالمبادئ والتمسك بالصراط المستقيم هو النجاح رغم عظم التضحيات ورغم محاولات الأعداء جرنا الى حبائل الباطل، وأن الظالمين سيندحرون وان كانت بهم كثرة عدة وعددا ومهما كان بهم من غلظة وقساوة وجرأة على ارتكاب الجريمة، لأنهم لا مبادئ لهم ولا يسيرون على طريق هدى وحق.
إن شيعة الحسين (عليه السلام) كانوا على هدى إمامهم يسيرون وبأنهار دمائهم كما بدمه الشريف أثبتوا للعالم صحة ما سطره الحسين الشهيد (عليه السلام) من أن انتصار الدم على السيف هو الحق الذي لا غبار عليه .