ديمو تاريخ الحسين (ع).. مقولة التنبؤ ومثال انهيار الحضارة الغربية / الحلقة الثانية
يقول أرنولد توينبي، وهو ألمع فلاسفة التاريخ الغربيين في العقود الثلاثة الماضية كما هو معروف: ظهر للعيان وكأن السيطرة العالمية التي بلغها الغرب هي دائمة البقاء، وفي سنة 1973 م كانت سيطرة الغرب تبدو وكأنها لم يسبق لها مثيل في انتشارها العالمي الواسع، الا انه كان يبدو أيضا وكأن هذه السيطرة هي عابرة على نحو ما كانت عليه السيطرات السابقة، والتي عرفها المغول والعرب والرومان والاغريق والفرس والآشوريين والأكديون، واذا كان من المحتمل أن تكون سيطرة الغرب هامشية أيضا؛ فإنه لا يمكن اعتبارها الغاية التي انتهى اليها التاريخ بأكمله.
وحتى فرانسيس فوكوياما الذي ذهب الى أن مقولة نهاية التاريخ ترادف مقولة انتصار الديموقراطية الليبرالية الامبريالية) لم تسعفه شجاعته المنهجية للجزم بذلك نهائياً؛ فلقد تساءل شاكا في الفصل الأخير من كتابه (نهاية التاريخ) قائلاً: هل تلك الديمقراطيات الثابتة المستمرة في اوربا وأمريكا ستقوم بتدعيم نفسها بنفسها، أم سوف تنهار يوماً من جراء نوع ما من الفساد الداخلي مثلما فعلت الشيوعية؟؟ مما لا شك فيه أن الديمقراطيات الليبرالية الحرة تعاني من مجموعة مشكلات مثل البطالة والتلوث والمخدرات والجريمة وما شابه ذلك.
وربما لا يعرف بعض القراء الكرام أن مقصود فوكو ياما هو التعريض بديمومة الامبراطورية اليوروأمريكية المستظلة بظلال الديمقراطية الليبرالية الحرة، وفشلها في البقاء على منوال غيرها؛ فإذا كانت علامات انهيار الاتحاد السوفيتي وعموم الاشتراكية على سبيل المثال هي بشاعة البطالة والمخدرات والجريمة وغير ذلك مما بلغ الذروة في الحط من كرامة الإنسان في مجتمعات تلك الدول، حسبما شهدت بذلك ثمانينيات القرن الماضي، فلا فرق في النتيجة إذا ما كانت هذه العلامات هي نفسها بارزة متضخمة نامية في الدول الديموقراطية الليبرالية آخذة بالنمو مادياً..
ومثل هذا القانون ( الاطراد السلبي) مطوي في قول الفيلسوف الياباني تاكيشي أومي هارا الذي نص على أن: الاخفاق التام للماركسية والتفكك الدرامي للاتحاد السوفيتي ليسا سوى نذر بسقوط الليبرالية الغربية التي هي تيار التحديث الرئيسي، وبعيدا عن كونها بديلا لماركس والايديولوجية الحاكمة في نهاية التاريخ ستكون الليبرالية هي حجر الدومينو الذي عليه الدور في السقوط، وفي الحقيقة فهذا هو الذي حدا بفوكو ياما لان يلغي كل المعايير المفترضة لبقاء حضارة، أي حضارة، سوى كرامة الانسان فلقد قال جازماً ان مسألة نهاية التاريخ إذن ترقى الى مسألة مستقبل الكرامة.
المصدر: ديموتاريخ الرسول المصطفى (ص) والحسين (ع) لباسم الحلي
اعداد: فضل الشريفي