أهل السنّة.. ليسوا هم النّواصب/1
اعداد : عبد الرحمن اللامي
يُجمع المسلمون بكلّ فرقهم أنّ (النصب) مصطلح إسلامي يطلق على مَن يعادي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وأهل بيته (عليهم السلام)، ويؤذونهم بالقول أو الفعل.
ولكنّ أتباع ابن تيميّة والوهابيّة الموغلين بالنصب يريدون خلط الأوراق في زماننا هذا، لإيهام المسلمين بأنّهم أصحاب الجادّة المستقيمة والطريقة القويمة، وأنهم هم أهل السنّة لا غيرهم، وهذا ما يأباه كلّ المسلمين.
وللزيادة في الإيضاح ولرفع هذا الاشكال نوردُ لكم آراء ثلاثة من مفكّري وعلماء المسلمين، ليبيّنوا لنا الأمر جليّاً ويرفعوا الشبهة عنه:
إذ يقول سماحة العلامة السيد (جعفر مرتضى العاملي) في النصب والنواصب، وهل هذا العنوان ينطبق على أهل السنة أم لا؟!
1ـ إنّ النصب هو الإعلان بالعداء لأهل البيت (عليهم السلام)، وإظهار بغضهم، ومحاربتهم، والعمل على إخماد ذكرهم، وإطفاء نورهم، وتكذيب فضائلهم، وتقديم أعدائهم عليهم..
والخوارج المعلنون ببغض عليّ (عليهِ السّلام)، والذين حاربوه في النهروان، ومن هم على مثل رأيهم ونهجهم. هم أظهر مصاديق النصب في هذه الدنيا، وقد قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليهِما السّلام): «يهلك فيّ اثنان، محبّ غال، ومبغض قال»..
2ـ إنّ حبّ أهل البيت جزء من هذا الدين.. وقد أمر الله تعالى به البشر جميعاً، ونطقت به الأحاديث الشريفة. وهو أوضح من الشمس، وأبين من الأمس. ولا أظنّ أنني بحاجة لإيراد الشواهد لكم من الآيات والروايات على ذلك..
3ـ إنّ عامة أهل السنة يحبون أهل البيت. ولا يرضون بما جرى عليهم من ظلم وحيف، ولكنهم مقصّرون في حقّهم (عليهِم السّلام)، وقد أنزلوهم عن مراتبهم التي رتّبها الله لهم، وأزالوهم عنها، حين نفوا عنهم ما حباهم الله به من صفات، وأكرمهم به من فضائل وكرامات، وساووهم بغيرهم، بل قدموا غيرهم عليهم، مع أن الآيات والروايات عن رسول الله (صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم) ناطقة بعظيم فضلهم، مثبتة لهم أجلّ المراتب، وأسمى المقامات والمناصب، في الدنيا وفي الآخرة..
وشرح ذلك يطول، وأظنكم على علم بكثير مما يدخل في هذا السياق.
وكفى شاهداً على التقصير الحاصل في حقهم سلبهم مقام الإمامة الثابت لهم بنص يوم الغدير، وبآية: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)(55/المائدة). وبأحاديث كثيرة، منها قوله (صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم): «يكون بعدي اثنا عشر خليفة أو إماماً..». وغير ذلك.
هذا فضلاً عن الأحاديث الكثيرة التي سعى معاوية وغيره إلى طمسها، أو تحريفها، أو نسبتها إلى غيرهم، بل وضع مشابه لها في حق مناوئيهم.
وهذه بعض الروايات الشريفة التي تبيّن ذلك:
1- ثواب الأعمال: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام): «مدمن الخمر كعابد الوثن والناصب لآل محمد (صلى الله عليه وآله) شر منه، قلت: جعلت فداك ومن شر من عابد الوثن؟ فقال: إنّ شارب الخمر تدركه الشفاعة يوماً وإنّ الناصب لو شفّع أهل السماوات والأرض لم يشفعوا».
2- ثواب الأعمال: عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: لو أنّ كلّ ملك خلقه الله (عزّ وجلّ) وكلّ نبيّ بعثه الله وكلّ صدّيق وكلّ شهيد شفعوا في ناصب لنا أهل البيت أن يخرجه الله (عزّ وجلّ) من النار ما أخرجه الله أبداً، والله (عزّ وجلّ) يقول في كتابه: «ماكثين فيه أبداً» سفينة البحار ج 8 ص251.
3- محمد بن علي بن الحسين في كتاب (العلل): عن محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن بكير، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) في حديث قال: «وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام، ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم، فإنّ الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب وإنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه» وسائل الشيعة ج1 ص220 و علل الشرايع ص292.
4- محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، ومحمد بن يحي، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد بن سالم، عن موسى بن عبد الله بن موسى، عن محمد بن علي بن جعفر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديث قال: «مَن اغتسل من الماء الذي قد اغتُسل فيه، فأصابه الجذام فلا يلومنّ إلا نفسه. فقلت لأبي الحسن (عليه السلام): إنّ أهل المدينة يقولون: إنّ فيه شفاء من العين، فقال: كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام، والزاني، والناصب الذي هو شرّهما وكلّ من خلق الله، ثم يكون فيه شفاء من العين»؟! وسائل الشيعة ج1 ص219 والكافي ج6 ص503.
5- وعن بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمد بن القاسم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: «لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمّام فإن فيها غسالة ولد الزنا، وهو لا يطهر إلى سبعة آباء، وفيها غسالة الناصب وهو شرّهما إنّ الله لم يخلق خلقاً شرّاً من الكلب، وإنّ الناصب أهون على الله من الكلب». وسائل الشيعة ج1 ص219 والكافي ج3 ص14.
6- عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام): «ولو أنّ أهل السماوات السبع والأرضين السبع والبحار السبع شفّعوا في ناصبيّ ما شفعوا فيه» البحار ج68 ص126 وسفينة البحار 8/252- بحار ج72 ص131 وسفينة البحار 8/252.
7- علل الشرايع: عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: «ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد رجلاً يقول: أنا أبغض محمداً وآل محمد (عليهم السلام) ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا» البحار ج72 ص131 وج27 ص233 وسفينة البحار 8/252.
8- وعنهم عليهم السلام: «مَن أدخل السرور على الناصبيّ، واصطنع إليه معروفاً فهو منّا بريء وكان ثوابه على الله النار» مشكاة الأنوار للطبرسي
9- وعن أبي عبد الله الصادق (عليهِ السّلام): «أنه كره سؤر ولد الزنا، وسؤر اليهوديّ والنصرانيّ والمشرك، وكلّ من خالف الإسلام وكان أشدّ ذلك عنده سؤر الناصب». الوسائل ج1باب نجاسة أسآر أصناف الكفار.
وخلاصة الأمر: أن التقصير في حقهم «عليهم السلام» ظاهر، وأكثره قد حصل في حقبة سابقة، وأخذه كثيرون بسلامة نيّة، وغفلة عن حقيقة ما جرى.
ولو علم أكثر أهل السنة بحقيقة الأمر لرفضوه، وأدانوه..
من أجل ذلك ترى: أن فقهاء الشيعة لا يحكمون ببطلان أعمال أهل السنة. ولا يوجبون على من ينتقل من التسنن إلى التشيع أن يعيد عباداته: من صلاة، وصوم، وحج، وغير ذلك..
ولكنهم يوجبون على السنّي: أن يلتزم بفقه أهل البيت من لحظة انتقاله إلى التشيع فصاعداً. ولهم على ذلك أدلّة صحيحة ومرضيّة، تكفلت ببيانها كتب الفقه الاستدلالي..