لنخلد الظالمين
محمد حسين العميدي
كلما غادر الظالمون والأشرار زمانا أو مكانا تركوا خلفهم ركاما من الأضرار والأذى ولوعات من الألم والدمار ويسعى المظلوم أن ينسى أو يتناسى هروبا من الذكريات وسعيا لحياة جديدة فنجد أن قوافل المظلومين تشد الرحال في محطات الظلم لتغادرها وتتناسى لحظات القهر وتمحوها من ذاكرة الأيام.
وهذا الاندفاع النفسي والعاطفي لن يكون موفقا وسيوقع المظلوم عما قريب في فخ الظلم وشعابه من جديد فان التجارب هي من أوائل أدوات التعلم لدى الإنسان وكل تدمير ومحو لآثار الظلم إنما هو محو لتجارب عظيمة خاضها الإنسان بدمه وعذاباته.
وإذا كانت أفواج المظلومين تغدو مسرعة لمغادرة هذه الذكريات الأليمة فلا ينبغي أن تغفل الثلة منهم عن ذلك وعلينا جميعا أن نعي أهمية حفظ الوثائق بجميع أشكالها عن زمن الظلم والظالمين بجميع صورهم وأشكالهم.
فما هو غض من أحداث عاشته هذه الأجيال ولا تجد حاجة الى إثباته والإتيان بدليل عليه اليوم، ستحتاج الأجيال القادمة وأهل البلاد القريبة والبعيدة بعد زمان حين تفقد فيه الذاكرة الى الإثبات والبرهان والدليل.
وبمعنى آخر أن ما هو غض من أحداث مؤلمة عاشها جيل لا يجد حاجة الى إثباته ويُستنكر أن يطالبه أحد بدليل عليها سيجد نفسه بعد فقدان الذاكرة مطالبا من أهل نفس الزمان من أهل البلاد الأخرى ومن الأجيال التالية بدليل وبرهان على ظلم وقع ثم غادر الذاكرة فوقع منها.
ومن هنا نستشف أن احد أركان العظمة في نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) هو ما حفظه المعصومون (عليهم السلام) من تفاصيل هذه الواقعة وعدم السماح لذاكرة الأيام بمحوه أو أن تمر عليه مرور الكرام فتخلد الظالم وتخلد المظلوم.
فإذا كان الظالمون سيخلدون بنار السعير في الآخرة فلنخلدهم بسوء أعمالهم وظلمهم بذاكرة الأيام في دار الدنيا.