الخوف و التعلم .. لا يلتقيان
يعاني بعض الأهل من تخوف اطفالهم من المدرسة وعدم قدرتهم على مواصلة دراستهم او الضعف في المستوى العلمي لهم مما يؤدي الى مشاكل امام الاهل كسوء الظن في الكادر التدريسي وما الى ذلك, ويعرّف علماء النفس والتربية خوف الذهاب للمدرسة بأنها "حالة مرضية تظهر على الطفل على شكل رفض شديد للذهاب للمدرسة أو دخولها دون وجود سبب واضح لدى الطفل، علماً بأن الطفل الخائف من المدرسة يتميز بمستوى دراسي متوسط أو دون المتوسط".
في تقريرنا التالي سنسعى الى تسليط الضوء على اسباب مشكلة الخوف لدى التلاميذ و طرق التخلص منه، عبر أخذ آراء بعض التدريسيين مع الاستئناس ببعض الدراسات العلمية التي تناولت هذه المسألة المهمة.
مدرس اللغة الإنكليزية / صادق مهدي في معرض اجابته عند سؤاله (ما هو دور الكادر التدريسي في تقليل مشكلة الخوف؟) قال لمراسلنا " لعل تلاميذ المرحلة الإبتدائية – الأول الابتدائي- على وجه الخصوص عرضة لمشكلة الخوف من المدرسة أكثر من غيرهم، كون المدرسة والصف تعد بيئة مختلفة عن بيئتهم القديمة (البيت) التي تعودوا عليها، وهنا ينبغي أن يكون للمعلمين دور كبير ومؤثر وحيوي في إزالة ما يتعرض له التلاميذ الصغار من مخاوف، وذلك عن طريق التعامل التربوي اللطيف معهم".
وأضاف مهدي أن " للانطباع الأول الذي يكونه الطفل عن المعلمين تأثير قوي في تكوين مشاعره نحوهم ونحو المدرسة عموماً في المراحل اللاحقة فمن الجدير أن يكون المعلم بمثابة أب عطوف والمعلمة بمثابة أم حنونة فيغدقون عليهم من عطفهم وحنانهم بمختلف الأساليب ليقللوا من الضغوط النفسية التي تحيط بهم، وهذا بدوره يؤدي إلى تقبلهم البيئة الجديدة عليهم".
وعلق مهدي على الرأي القائل أن المعلم جانب مهم في المشكلة فقال" ربما يكون المعلمون –وفي جميع المراحل الدراسية- جانبا من المشكلة.. حيث نجد أن هناك فواصل عميقة بين المعلم وطلابه بوسائل قائمة على السلطة المباشرة والقسوة من قبل المعلم وتكاد تنعدم العلاقة المطلوب إيجادها وهناك معوقات تقف أمام هذه العلاقة ولعل أهمها:
1) اقتصار المعلم على الجانب العلمي فقط دون التربوي .
2) العلاقة الفوقية الاستعلائية من قبل المعلم .
3) صرامة المعلم وقسوته على طلابه .
4) عدم عدل المعلم بين طلابه .
5) سخرية المعلم من طلابه .
6) جمود العلاقة بين المعلم وطلابه وعدم تجاوبه معهم .
لذا فإن من واجب الهيئات التدريسية، أن يكونوا خير عون لطلبتهم ولا يدخروا وسعاً في إزالة المخاوف عن طلبتهم مما يسهم برفع مستواهم العلمي إلى حد كبير".
الأسرة والمدرسة .. كلٌ له دور
فيما قال التدريسي الاستاذ محمد يحيى اثناء اللقاء به " هنالك عدة أسباب لخوف الطالب من المدرسة او الذهاب الى المدرسة ففي مرحلة الابتدائية نجد ان الكثير من التلاميذ لا يرغبون بالذهاب الى المدرسة ومن أهم الاسباب التي تمنعهم فضلا عن كونها مرحلة جديدة يدخل اليها التلميذ ويبتعد فيها عن اهله لعدة ساعات، فإن المواد الدراسية التي يدرسها قد تكون صعبة عليه مع ضرورة الالتزام بما يفرض عليه من الواجبات مما يوجد صعوبة التكيف عنده، مما يؤدي الى ظهور رغبة لديه في عدم الذهاب الى المدرسة، كما أن توقيت الدوام وبخاصة الصباحي قد يشترك في هذه القضية بقدر معين كونه يفرض على الطفل التزاما بوقت استيقاظه صباحا".
وفيما يخص الحلول التي يراها ضرورية للحد من هذه الحالة قال" إن عملية تسهيل وتقليل بعض آثار هذه الامور تقع على جانب الاسرة اولا ثم المدرسة، فجانب الأسرة يتمثل بالسعي الى ترغيب ابنائهم بالمدرسة من خلال الكلام والحوار اللطيف وبدون عنف او ضرب وكذلك تشجيع التلميذ ووعده أنه اذا نجح بان تجلب له هدية، وهذه الفكرة ضرورية لتلاميذ المرحلة الابتدائية بتشجيعهم وترغيبهم من خلال الهدايا ليس في نهاية السنة فقط بل وحتى خلال السنة الدراسية ايضا".
وبخصوص الجانب التدريسي قال يحيى" اما في الجانب التدريسي فينبغي أن لا ينحصر فقط بإعطاء الدرس فقط وإنما يتحتم عليه أن يكون مربيا قبل أن يكون معلما وعليه ان يخصص وقتا من الدرس وخصوصاً للتلاميذ في الابتدائية للتوجيه والإرشاد وترغيب الطلاب بالمدرسة ورسم صورة للمدرسة بأنها بيتهم الثاني والأساتذة كأنهم آباءهم واستعمال بعض العبارات اللطيفة اثناء الدرس لما لها من وقع وأثر طيب على التلميذ لإزالة الخوف عنهم من المدرسة".
واقترح يحيى بعض الآليات التي من شأنها تحفيز الطلبة على التكيف والنجاح قائلا" هناك بعض المقترحات التي من شأنها استدراج الطلبة وتطوير قابلياتهم وإزالة حالة الخوف لديهم، فيمكن استخدام طريقة وعدهم بالهدايا عند التفوق حتى ولو كانت بسيطة ورمزية فهذه الفكرة من شأنها أيضا أن تخلق روح التنافس بينهم في النجاح، إضافة الى أنها قد تؤدي الى ازالة حواجز الخجل والخوف من التلاميذ , فيتطور مستواهم العلمي ويزداد تعلقهم بالدرس والمدرسة" .
الأم هي المعالج الأول
فيما اجابت الدكتورة هدى عبَّاس فيصل حول سؤالنا (طرق معالجة مشكلة خوف التلاميذ من المدرسة ؟) قائلاً: ان الأم هي المعالج الأول لهذه الظاهرة باعتبار أنها أقرب الأشخاص إلى نفس طفلها من خلال التمهيد للمدرسة بالحديث -بشكل مبسط- عن إيجابيات المدرسة من أنها مكان كبير للعب وتكوين صداقات جديدة وتجعلك شخصية متعلمة ومحترمة ومحبوبة بالمجتمع، وتعطي صورة حسنة عن المعلم/المعلمة من أنه بمثابة الأب وهو شخص عطوف حنون لا يضرب ولا يرفع صوته على طلابه ، كما ان الامر لا يقتصر على الحديث بل يتعداه الى أخذ الطالب او الطالبة للمدرسة لزيارتها بالتنسيق مع المرشد الطلابي وهو أمر قد يؤدي إلى تغيير الصورة السلبية العالقة بذهن الطفل عن المدرسة.
ولا بد من التذكير هنا الى ان الجلوس مع الطفل والحوار معه وذلك بغرض الوصول الى فهم أسباب نفوره من المدرسة سيؤدي الى نتائج طيبة لأنها ستجعله يتأكد من انك حاضر معه، تدعمه وتساعده في طرد مخاوفه. كما على الأم ان تعي ان من أسباب خوف ابنها من المدرسة ربما يعود إلى خوف وكراهية كامنة لدى الطفل الأكبر من المدرسة وبالتالي فإن العلاج يبدأ بتغيير نظرة الطفل الأكبر اولا. ان علاج حالة رفض الطالب للمدرسة يتطلب تعاونا وتكاتفا بين المدرسة والمنزل ب:
1- استقبال لطيف مع بداية العام يكون محببا إلى نفوس الأطفال،
2- طمأنة الطفل وتشجيعه من قبل الوالدين، وعدم إشعاره بأن ذهابه للمدرسة وسيلة للتخلص منه.
3- وربط المدرسة بأشياء محببة ومرغوبة لدى الطفل.
4- وعدم إرغام الطفل على الذهاب للمدرسة بالضرب أو التوبيخ لان هذه الوسيلة سوف تجعل الطفل ينفر من المدرسة وللأبد.
تقرير: محمود المسعودي