الشعائر الحسينية.. طقوس حزن تروي حكاية الإصلاح

2021-08-26 11:34

تقرير: عماد بعو

تحرير: فضل الشريفي

تتباين الطقوس والشعائر الدينية في بلدان العالم تبعا لاختلاف منشؤها وجذورها ومضامينها وبالحديث عن الشعائر الحسينية نجد أنها تتميز عن سائر الشعائر والطقوس التي تمارسها المجتمعات الاخرى بكونها تتصل برمز إلهي بلغ غاية الكمال الإنساني وهو الإمام الحسين (عليه السلام) وتتناول احداث جسيمة عظيمة كاستشهاد هذا الرمز وأصحابه وأهل بيته في سبيل صناعة الحياة المنشودة وبناء الإنسان وتمكينه من اداء رسالته في الارض.  

لذا ان دلالات ومضامين هذه الشعائر السامية كثيرة منها الامور التعبدية والتربوية والسياسية والوطنية والإنسانية وهذا يستدعي البحث في فحواها واستقراؤها والاعتبار منها وفي ذات الوقت ينبغي الحذر في كيفية اقامتها وعدم تجاوز الحدود التي تحفظ لهذه الشعائر قدسيتها.

الباحث والخطيب الإسلامي الشيخ حمزة اللامي تحدث عن فحوى الشعائر الحسينية واهميتها وتأثيرها على بنية المجتمع قائلا "ان الشعائر الحسينية لها شكل و مضمون، شكلها هي الطقوس التي تؤدى في يوم عاشوراء او الاربعين وفي غيرها من المناسبات لكن هذه الشعائر الطقسية الظاهرية لها مضمون، نأخذ مثال شعيرة اللطم على الرؤوس والصدور والخدود ماذا يعني هذا اللطم، في ظاهره طقس ايقاعي  يأخذ شكل حركة معينة، هذا الشكل الظاهري لهذه الشعيرة له مضمون مهم فمثلا حينما استشهد سيد الشهداء (عليه السلام) أمر عمر بن سعد لعنه الله عشرة من الفرسان ان تدوس خيولهم صدر الامام الحسين (عليه السلام) وهذه الخيول تسمى بالخيول الاعوجية وهي معروفة بضخامتها وثقل وزنها لذا يمارس اتباع أهل البيت عليهم السلام شعيرة اللطم  في كل زمان ومكان رفضا لتلك الحوافر التي سحقت صدر سيد الشهداء وهكذا بقية الشعائر لها مضامينها الخاصة".

ولفت الى ان " الشعائر الإسلامية وخصوصا الشعائر الحسينية فيها منظومة قيمية  متكاملة الابعاد حيث ان زيارة اربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) تعمل على تحريك ساكن المجتمعات المسلمة والمجتمعات البشرية التي تمر في مرحلة ركود فمن المعلوم ان هناك رقعة كبيرة من الجهل والتخلف والغفلة وما نراه ونقرأه ونلاحظه في موسم الاربعين ان كل الهيئات الحسينية تغدو معسكرات حسينية تقدم الخدمة بصنوفها للزائر على مدار أيام الزيارات".

فيما قال أستاذ كلية الآداب في جامعة واسط فليح خضير ان " الشعائر الحسينية اخذت تتطور عام بعد اخر فبعد ان كانت الشعائر الحسينية تقتصر على بعض الممارسات كالزيارة  وقراءة الدعاء اصبحت الشعائر منهجا لتقويم السلوك, وصار الزائر يحافظ على نظافة الشوارع والاماكن العامة ويعمل على توعية المجتمع وقد شاهدنا في السنوات الماضية ان الكثير من الهيئات والمؤسسات الدينية تسعى لنشر الثقافة الإسلامية الرصينة بين الزائرين وذلك عن طريق تعليمهم الامور الفقهية والتعاليم الإسلامية الاخرى".

الإعلامي باهر غالي الجبوري قال ان " الشعائر الحسينية واحدة من اهم الممارسات التي تجعلنا على ارتباط دائم بأهل البيت عليهم السلام واحد الوسائل  التي تنبهنا الى أي انحراف قد يصيب الأمة الاسلامية باعتبار انها تسلط الضوء على حقيقة الصراع الابدي بين الحق والباطل وتظهر بشكل واضح الزيف الذي يعيشه الطغاة، لذلك يخاف الظالمون من الشعائر الحسينية اشد الخوف ويحاربونها بكل طاقاتهم, لأنها  امتداد لذلك النضال الذي سار عليه أئمة اهل البيت (عليهم السلام)، كما انها تشكل امتحانا واختبارا عسيرا من حيث احياءها او محاربتها.

 واستدرك " لكن مع الاسف  ان هذه الشعائر  اخذت تنحرف شيئا فشيئا عن الهدف الذي وجدت من أجله من خلال ممارسات اساءت للنهضة الحسينية واصبحت هذه الشعائر مجرد طقوس تمارس دون فهم هدفها الأساس ، لذا من الواجب علينا ان نتصدى لكل محاولات الانحراف التي تريد تشويه  فكر اهل البيت (ع) والفكر الحسيني  وهذا واجب شرعي يقع على الجميع دون استثناء من خلال تصدير الشعائر الحسينية بشكل حضاري ومثالي وبوصفها شعائر إنسانية المحتوى  وليست حكرا على أتباع أهل البيت عليهم السلام، مو

 ونوه الجبوري "ان الشعائر الحسينية لا تقتصر على مجالس العزاء والاطعام وانما هي ابعد من ذلك فهي  تفضي الى ممارسة الكثير من الفعاليات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية لان اهل البيت (عليهم السلام) ينظرون الى تكامل الحياة  فهم يحثون على النظافة، فلما لا نمارس طقوس النظافة بشكل جماعي  للشوارع والساحات والاحياء كما ا ن اهل البيت(عليهم السلام) يحثون على الجمال فلم لا نمارس  الزراعة وتشجير الحدائق ولم لا نمارس التبرع بالدم  و الحفاظ على الأملاك العامة او تنظيم السير في الشوارع ومساعدة الأيتام  والفقراء  والوقوف بوجه الفاسدين".

وتابع "من واجبنا كمؤسسات إعلامية ان نحارب بعض الممارسات الدخيلة على الطقوس الحسينية لان هذه الممارسات تشوه القضية الحسينية وبالتالي تكون هدفا للمؤسسات الإعلامية المعادية بمختلف أنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة إذ تقوم باصطياد بعض الممارسات الخاطئة التي تصاحب هذه الطقوس في محاولة منها لتشويهها واتهامها بشتى الاتهامات والسبب في ذلك ان الجهات الداعمة لهذه المؤسسات تحارب الأفكار التي تحملها نهضة الحسين (عليه السلام) لان هذه الأنظمة قائمة على الظلم والجور والتسلط على رقاب شعوبها وهي تخاف ان يستلهم الناس من فكر هذه النهضة العظيمة التي قامت على امثالهم من الحكام الذين يصلون الى العروش ويحافظون عليها من خلال الظلم وقتل الناس واسكات الأصوات الشريفة، لذا علينا التأكيد على الطقوس الفكرية والثقافية والمبادرات الإنسانية التي تظهر الشعائر الحسينية بشكل حضاري بعيدا عن التشويه والتأويل".

 

المرفقات

العودة إلى الأعلى