الإسلاموفوبيا في الغرب.. كيفَ شوّه التكفيريون صورة الإسلام الأصيل؟

2021-08-02 11:50

تسبّبتْ الجماعات المتطرّفة التي تدّعي انتماءَها زيفاً للإسلام، بخلق ظاهرة سيئة وصورة نمطية عن المسلمين في ذهنيّة الغربيين، والتي يصطلح عليها بـ (الإسلاموفوبيا)، وهي ليستْ مرضاً نفسياً بل صورة نمطية مسبقة عن الإسلام والمسلمين الذين يواجهون العداء والكراهية بسبب التكفيريين، كما ويتم ترويجها في المجتمعات الغربية من خلال أجهزة الإعلام لغرض الإثارة والتوظيف السياسي وتخويف الناس من زيادة عدد المسلمين فى المجتمع و التأثيرات السلبية  الناتجة عنها.

وقد دخلَ مصطلح (الإسلاموفوبيا) أو ما يُطلق عليه أيضاً (رهابُ الإسلام) إلى الاستخدام في اللغة الانكليزية عام 1997 عندما قامت خلية بريطانية تدعى (رنيميد ترست) باستخدامه لإدانة مشاعر الكراهية والخوف والحكم المسبق الموجّه ضد الإسلام والمسلمين.

ويعرّفُ قاموس (لاروس) الفرنسي الإسلاموفوبيا بأنّها (معاداة الإسلام والمسلمين), في حين يعرّفها قاموس اكسفورد الانكليزي بأنها (الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام أو المسلمين كقوة سياسية تحديداً).

ومن تعريف واصطلاح مفهوم (الإسلاموفوبيا) إلى معرفة كيفية مواجهته والوقوف على الوسائل الناجعة لمحاربته وخلق صورة مثالية عن الإسلام المحمّدي الأصيل الداعي للرحمة والمحبّة.. هنا يحدّثنا (الشيخ الدكتور مصطفى راشد) مفتي استراليا ونيوزلندا ورئيس الاتحاد العالمي للسلام، حيث بيّن لـمركز الاعلام الدولي الأسباب التي تقف وراء الإسلاموفوبيا قائلاً إن "الصورة التي ظهرت مؤخّراً من داعش والتكفيريين وجرائمهم هي التي شوّهت صورة الإسلام وصدّرت أفكاراً منافية للدين والعقيدة؛ وهذا هو السبب الاساسي للإسلاموفوبيا".

ويضيف راشد، "لا يمكن للعالم أن ينكر إن الجماعات الارهابية و(داعش) كافرة بصحيح الشرع, وواجب علينا كرجال دين أن نكون صادقين ونعلن ذلك بلا تردّد؛ لان الإرهاب سلوك شاذ لا يرتبط بالدين وهو بريء تماماً من هؤلاء"، مشيراً إلى أن سبب هذا الرهاب "هو ما موجود في الكتب من أخطاء وأكاذيب وأحاديث مزورة نُسبتْ للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فاعتمدها الإرهاب الداعشي كمنهج له, ومن بين تلك الأحاديث الكاذبة هي عبارة "جئتكم بالذبح" وغير ذلك، ومّما يؤسف له ان هذه الأحاديث يتم تدريسها الآن في أماكن دينية كثيرة ولا يوجد من يعلن بطلانها".

ويضيف راشد أما بالنسبة لحادثة نيوزلندا فإن "الشخص الذي قام بالجريمة لا ينتمي الى أيّة عقيدة، الا أنه تخيّل جميع المسلمين هم هدفهم الإرهاب, وهذا نتيجة مما رآه من داعش الإجرامية التي تقتل وتنهب باسم الإسلام".

كما يشاركه الحديث (الشيخ الدكتور محمد حافظي جلو) وهو كاتب ومحاضر جامعي و رئيس جمعية اهل البيت لنشر الإسلام في غينيا، موضحّاً ان "الاسلاموفوبيا هي عدو الإنسان وعدو الإسلام في نفس الوقت؛ لأنّ الإسلام للإنسان, كما أنّ الصهيونية العالمية هي من يقف وراء هذه العداءات للعمل على تفرقة المسلمين ونصب العداء لهم"، مضيفاً ان "هناك مشكلة أصبحت داخل الاسلام وخارجه فما نجده اليوم هو رغبة الكثير من  الناس ممن ينتمون إلى ديانات أخرى في محاولة اعتناق الدين الإسلامي، وفي المقابل هناك من يمنعهم ويحاول تشويه صورة الإسلام أمامهم؛ إلا انهم سيفشلون ويبقى الإسلام منتصراً بمقدرة الله تعالى وعزيمة محبّي النبي وآل بيته الأطهار".

ويسترسل جلو في حديثه، مشيراً إلى ان "هناك في دول الغرب نرى أصحاب بعض الديانات يدافعون عن ديانتهم إلا أنهم يظهرون العداء للإسلام، وأنا أعتقد أنّ هذا إعلام سلبي، إلا أن له بنظري فوائده؛ فهو يؤدي إلى إلتفاتة غير المسلمين للإسلام من خلال إثارة الأسئلة والاستفسارات عن هذه الديانة وإعطاء الأهمية لها، بل إن إقامة المحاضرات التثقيفية ضد الإسلام دفعت كثيراً منهم إلى البحث والاطلاع على حقيقة الإسلام المخفية والمغايرة لما يدّعي الأعداء".

أما الدكتور توفيق حميد فيرى أن المسلمين وحدهم القادرون على إنهاء الإسلاموفوبيا، فقد كتب مقالاً قال فيه أنه "لا يختلف اثنان على انتشار ظاهرة الكراهية للإسلام – أو ما يُطلق عليها بظاهرة الإسلاموفوبيا - في الغرب، والأمر ليس فقط رأياً عابراً؛ بل إن الإحصائيات تؤكد انتشار وزيادة النظرة السلبية للإسلام.

ويتساءل الكاتب: هل نستطيع أن نصف تلك الظاهرة بكلمة "فوبيا"؟

والإجابة تكمن في تعريف كلمة "فوبيا" في دراسات علم النفس الإكلينيكي، فكلمة فوبيا ترمز إلى "الخوف غير المسبب" من أشياء ليست بطبيعتها مخيفة لأغلب الناس.

كما ويدعو الكاتب في مقطع آخر من مقاله قائلاً: "نحن كمسلمين يجب أن ندرك أن ما نسمّيه بظاهرة "الإسلاموفوبيا" إذ لا ينبغي أن يُوصفَ بهذا الوصف؛ لأن هذه - على نقيض كلمة "فوبيا" – فهي ظاهرة لها أسباب واضحة للجميع، ولو كنا نحن مكانهم و العنف موجه إلينا لتولدت لدينا نفس المشاعر السلبية ناحية هذا الفكر.

ويتفق مع التحليل المذكور أن ظاهرة الكراهية للإسلام لم تكن موجودة بهذا الشكل في الغرب قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر (حادثة تفجير برجي التجارة في أمريكا) وعلينا ان نسأل أنفسنا لو أن الغرب لديه كراهية للإسلام كيف سمح بدخول ملايين المسلمين كمهاجرين إليه ولماذا قبِلَ وجود آلاف من المساجد و المكتبات الإسلامية في بلاده كما نرى في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية؟

فباختصار شديد، يبين الكاتب إن ظاهرة الكراهية للإسلام هي ظاهرة لها أسباب واضحة جلية وهي ناتجة كردّ فعل لأعمال عنف تتم باسم الدين مع وجود صمت مطبق من العالم الإسلامي ورفض من رجال الدين أن يغيروا المفاهيم والمناهج الدينية الداعية للعنف والتي تتعارض وبصورة كلية مع كل القيم الإنسانية الحضارية المتعارف عليها بين البشر في عصرنا هذا.

أما بالنسبة لأبرز الهجمات ضد المسلمين في الغرب وهي دليل على وجود العداء الحقيقي للإسلام، فهو ما يمكن أن نعرفه من خلال الأحداث التالية:

* بتاريخ شهر تموز 2011 في النرويج/ متطرف يقتل نحو 77 شخصاً في هجومين إرهابيين للمطالبة بوقف تدفّق اللاجئين.

* في كانون الأول 2014 بالسويد/ إصابة 15 شخصاً نتيجة إضرام النيران في مسجد.

* في كانون الأول 2016/ متطرّفون يهاجمون مسجداً ويحرقون مصاحف في جزيرة كورسيكا جنوبي فرنسا.

* في كانون الثاني 2017، في كندا/ مقتل 6 اشخاص واصابة 8 إثر إطلاق متطرّف النار على مركز إسلامي في مقاطعة كيبيك.

* كانون الثاني 2017 في بريطانيا/ مقتل شخص وإصابة 9 آخرين بعملية دهس نفّذها متطرّف يميني أمام مسجد في لندن.

* في شباط 2018/ إحراق مجمّع يضمّ مسجداً ومركزاً إسلاميا في ولاية تورنغين شرقي ألمانيا.

* آذار 2019 في نيوزلندا/ مقتل 49 شخصاً وإصابة العشرات في هجوم على مسجدين نفذّه المتطرّف الاسترالي (برنتون تارانت).

وأمام هذه الهجمات الدموية بحق المسلمين، فقد أعلن مرصد الإسلاموفوبيا التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، أن التمييز والتعصّب ضد المسلمين بلغا أعلى مستوياتهما نهاية 2018، جاء ذلك في التقرير السنوي الثاني عشر للمرصد والذي يغطي المدة من حزيران 2018 إلى شباط 2019.

وأوضح التقرير إلى أنه بعد أن "سجلت ظاهرة الإسلاموفوبيا انخفاضاً طفيفاً خلال العام الماضي، تصاعدت من جديد موجة الخوف من الإسلام وخطابات الكراهية"، مشيراً إلى انّ "تقارير وأخباراً كشفت عن زيادة مثيرة للقلق لجرائم الكراهية ضدّ أفراد يُنظر إليهم على أنهم مسلمون، فضلاً عن ارتفاع عدد الهجمات على المساجد والمراكز المجتمعية، لاسيما في أوروبا والولايات المتحدة، وما انفكَّ التمييز والتعصّب ضد المسلمين يتزايدان منذ حزيران 2018، حتّى بلغا أعلى مستوياتهما خلال نهاية العام.

العودة إلى الأعلى