شذرات من حياة مؤلف كتاب مفاتيح الجنان الشيخ عباس القمي
يعتبر كتابه "مفاتيح الجنان" لمؤلفه الشيخ عباس القمي من أشهر الكتب في الأدعية والزيارات، حتى لا تجد بيتاً من بيوت المؤمنين أو مسجداً من المساجد أو حرماً من العتبات المقدسة في البلاد الإسلامية خالياً من القرآن الكريم وهذا الكتاب القيّم الجامع لحديث الإنسان مع الله عز وجل من لسان أهل البيت (ع) الدالين إلى الله، والهادين إلى صراطه المستقيم.
كان المرحوم الشيخ عباس القمي شديد الاهتمام بالمطالعة والكتابة.. يقول الأستاذ الشهيد آية الله المطهري نقلاً عن ابن المرحوم: أنه قال له: "في طول طفولتي عندما كنت أخرج من المدينة برفقة والدي المرحوم (الشيخ عباس)، أراه منذ الصباح إلى الليل يكتب ويقرأ".
ويقال أنه سافر إلى الشام مع جمع من المؤمنين، ونقلوا أنهم لما كانوا يخرجون للنزهة والاستراحة، كان يعتذر إليهم الشيخ فيجلس مع كتابه وقلمه.. وفي الليل عندما كانوا يسترحون كان الشيخ يواصل قراءته وكتابته إلى منتصف الليل.
كان رحمه الله أنيس الجالسين، وكثير المطايبة، شديد التواضع لكل من يلتقيه في الطريق أو المدرسة، وخاصة العلماء المهتمين بدارسة أحاديث أهل البيت (ع)، ومن أخلاقه أنه كان يتجنب الجلوس في صدر المجالس، ولم يتقدم على غيره حين الدخول إليها، ولا يتكلم عن نفسه ويمدحها لئلا يأخذه العُجب والغرور.
وبالرغم من سعة علمه بالتاريخ والأحاديث كان يقرأ على المنبر الروايات للمستمعين من الكتاب مباشرة، وكذلك القراءة الحسينية، خوفاً من الخطأ وخشية من وقوع التحريف لأقوال الأئمة الطاهرين.
ولأن كلامه كان يخرج من قلبه للناس، كان ينفذ في قلوبهم، فيترك كلامه أثراً بليغاً فيهم، ويستمر هذا الأثر يحجزهم عن السيئات فترة، ويجذبهم نحو عبادة الله واكتساب الحسنات.
وكان المرحوم المحدّث القمي ملتزماً بصلاة الليل، وتلاوة القرآن العظيم، وقراءة الأدعية والأذكار المأثورة عن أئمة أهل البيت (ع).
وكان من صفاته الجميلة إكرامه لذرية النبي (ص) عملاً بقول رسول الله: "أكرموا أولادي".. فالسادة عنده كانوا محترمين أشد الاحترام.
______________________
مركز إحياء التراث الثقافي والديني
قصص وخواطر، ص 174.