-
تحقيق: فضل الشريفي
-أسس الإسلام لمفهوم المواطنة وشَجّع عليه.. ووثيقة المدينة خير برهان
-المواطن في دولة الرسول (ص) حقوقه مصانة وهو حر في عقيدته طالما يطبق القانون
بعد ان مضى بنا الباص مسافة قريبة همتُ كالمعتاد على بساط الشرود، ولكن ما اوقف رحلتي الخيالية هو الحديث الذي دار بين شاب مندفع تجلى الامتعاض في نبرته من الاوضاع في البلد، وآخر عجوز تدل ملامحه على انه عاصر احداث كثيرة واجيال متعاقبة، ورجل بمرحلة الكهولة يرتدي نظارة ومعطف انيق وبدا من مظهره وحديثه الهادئ المشبع بالمصطلحات والاحداث التاريخية بانه مثقف، وكان يجلس بجواري داخل الباص، ثم بعد ذلك شارك في الحديث معظم من يركب الباص انطلاقا من خلفيته الثقافية وميوله.
تنامى النقاش وتحوّل من حوار الى جدال علت فيه الاصوات، بهدوء وسكينة همس ذلك المثقف في أذني بعد ان وجدني أصغي للجميع "الدوافع السياسية والاقتصادية والعنصرية واستلاب القيم والقراءة السطحية والغير دقيقة وردود الافعال الآنية عوامل فاعلة في تكوين صورة قاتمة لا تمثل هوية الإسلام وملامحه الحقيقية".
نظر من نافذة السيارة ثم دنى مني وعاود حديثه" قبل اكثر من 1400 عام كرس الإمام علي (ع) وهو نموذج الحاكم الإسلامي حياته من اجل بناء دولة متحضرة سادها العدل والانصاف لم يرى فيها فقيرا ولم يهتضم فيها حق".
في الجهة المقابلة لنا كان هناك رجل يرتدي الزي العربي وفي يده مسبحة مررها بين اصابعه وتمم قائلا "من المؤسف ان الإسلام اضحى مثار جدل ونقاش ويا ليتنا انصفناه ولو في حديثنا". ثم سكت بعدها ولكن تقاطيع وجهه ظلت تتحدث عن معان الاسى والتأسف، حوار الباص واحتدامه شدني لإجراء تحقيقا صحفيا حول الموضوع، فأجريتُ عدة لقاءات.
كانت أولى اللقاءات الصحفية مع رئيس تحرير وكالة نون الخبرية، تيسير الاسدي ليتحدث عن مفهوم المواطنة وتطبيقها في الإسلام قائلاً "ان المتعارف عليه في علم الاجتماع ان الوطنية شعور واحساس يحضر في المناسبات اما المواطنة فهي ممارسة وسلوك وتصرفات واداء فردي للواجبات اليومية في الوطن ليتبين لنا ان الوطنية ارتباط عاطفي بالوطن اما المواطنة فهي منهج عملي داخل الوطن وخيرنا من حمل الوطنية والمواطنة معا، مواصلاً حديثه "اما بخصوص تطبيق المسلمين للمواطنة فقد كان لهم الاولوية، فالمواطنة في صدر الإسلام كان لها بعدا انسانيا ولو أخذنا حكومة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة المنورة نرى ان النبي كان حاكما على المسلمين والمشركين والمنافقين وبعض من النصارى وجماعة من بنو قينقاع وبنو قريظة وبني النظير، وهؤلاء يهود من حيثُ المعتقد ومن حيثُ مرجعيتهم فهي التوراة في تلك الفترة، ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم من خلال وثيقة المدينة أعطى حق المواطنة لساكنيها، من خلال الدفاع عن أعراضهم، وعن أموالهم وحقهم في التديُن وممارسة طقوسهم".
ولفتَ الاسدي الى ان "مفهوم المواطنة في المدينة المنورة في عهد النبي الاكرم (ص) كان مفهوما راقيا جدا، إذ ان الجميع يعاملون معاملة عادلة كمواطنين محترمين، وكل مواطن له ماله وعليه ما عليه وهو حر في عقيدته طالما يطبق القانون ولا يعتدي على حقوق الآخرين ".
تقترب الحكومات من جوهر الإسلام كلما روعي فيها الصالح العام واحترمت حرية الإنسان
الدكتور علي ياسين – جامعة كربلاء ذًكَرَ ان "الإسلام أسس لمفهوم المواطنة وشجع عليه، وحينما نرجع الى وثيقة المدينة التي وضعت في عهد الرسول الاكرم (ص) فإن دستور هذه الوثيقة لم يهتم برابطة الدم او القبلية وهي الرابطة الاساس في المجتمعات القديمة، بل جعل الانتماء الى المنطقة الجغرافية والوفاء بهذا الالتزام شرطين من شروط التعايش السليم، كما نجد في أخبار النبي (ص) واهل بيته الاطهار (ع) ما يؤكد اهمية حب الوطن والتشوق الى الديار والاهل والحث على عدم التنكر للأوطان وفي ذلك دلالات واضحة على التأسيس البدائي لمفهوم الوطن ، وهو ما تطور مع الزمن وصار محكوما بالدساتير والقوانين الإنسانية التي قال بها الاسلام مع ما يوافق روح الزمن ٱنذاك".
وبصدد تطبيق مبادئ الإسلام وتشريعاته في الدول الإسلامية قال د. ياسين "لا توجد دولة بعد حكومة الرسول (ص) وبعد حكومة أمير المؤمنين (ع) مثلت جوهر الإسلام، وانما كانت اجتهادات قد تقترب او تبتعد من جوهر الإسلام بحسب طبيعة الطبقة الحاكمة ومراعاتها للشريعة الإسلامية التي أقرها القرآن الكريم وايدها الرسول الاكرم (ص) بعمل او سلوك....".
وذهب الى ان "هناك الكثير من الدول ترفع الإسلام شعارا لها لكنها تخرق الشريعة الاسلامية من حيث تعاملها على ارض الواقع، والعكس قد يصح احيانا.... وأرى ان الحكومات بغض النظر عن توجهاتها تقترب من جوهر الإسلام كلما روعي فيها الصالح العام واحترمت حرية الإنسان وتقدست كرامته وحفظ حقه في الاختلاف وفي التصرف والسلوك شرط الا يلحق هذا السلوك ضررا بالآخرين ولا يتعارض مع اوامر الله عز وجل ونواهيه التي اقرتها الشرائع وايدتها الدساتير".
الإسلام عالج الفقر وحث على التكافل ولكن المجتمعات الإسلامية لم تلتزم بالوصايا
فيما قال الكاتب والصحفي عبد الهادي البابي ان "الإسلام أولى في عقائده حب الوطن اهمية بالغة، مضيفا "الاحاديث والنصوص التي تعزز وتحث على القضايا الوطنية كثيرة نذكر منها حديث مأثور يقول (.. حب الأوطان من الإيمان) .وقد ورد ايضا في روايات الحديث الشريف(. . من مات دفاعا عن أرضه فهو شهيد)".
وأشار الكاتب الى ان "الإسلام عالج قضايا الفقر وحث على التكافل الاجتماعي وحرض المسلمين على نبذ الاسراف والفساد وعلاج جميع القضايا التي تتصل بحياتهم .ولكن المجتمعات الإسلامية لم تلتزم بالوصايا الإسلامية التي تحفظ للإنسان كرامته وحقوقه".
نموذج الحاكم الإسلامي
يعد الإمام علي (ع) أفضل نموذج للحاكم الاسلامي برأي المختصين والمراقبين، وقيل فيه وكتب عنه الكثير وبهذا الخصوص نكتفي ببحث العدالة السياسية عند الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لـ الدكتور حامد العبد الله والدكتور عبد الله سهر في هذا البحث تتجلى بعض بوادر حكم الامام (ع)، نقتبس منه ما يخص واجبات الحاكم والتي تتمثل بما يلي:
1.الشفافية والوضوح مع الرعية
من واجبات الحاكم مع رعيته ان يكون واضحا معهم، صريحا، يتسم خطابه بشفافية وصدق. فلا يعقد الصفقات والتسويات خلف ظهورهم، لا يكتم عليهم سرا الا في الضرورات القصوى. المطلوب من الحاكم ان تكون خطواته وقرارته مبررة وواضحة، وبمقدور الرعية تفهمها بدون غموض او لبس. يقول تعالى: «قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني ».
يقول علي ( عليه السلام) في خطبة له: «الا وان لكم عندي الا احتجز دونكم سرا الا في حرب، ولا اطوي دونكم امرا الا في حكم، ولا اؤخر لكم حقا عن محله، ولا اقف به دون مقطعه، وان تكونوا عندي في الحق سواء. فاذا فعلت ذلك وجبت لله عليكم النعمة، ولي عليكم الطاعة » .
2.عدم الاحتجاب عن الرعية
تواصل الحاكم الدائم مع الناس ليس امرا مطلوبا في الاسلام فحسب، وانما هو من الضرورات التي يتعين على الحاكم الالتزام بها. والا فالمجتمع مشرف على خطرين; اولهما: عدم وضوح ما يحدث في مؤسسة الحكم عند اذهان الناس، ونتيجة ذلك ان يصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل. ثانيهما: عدم وضوح ما يحدث بين عامة الناس في ذهن الحاكم، وفي النتيجة سيفقد بالتدريج ملاحقة نبض المجتمع، وستداهمه الاحداث، وتفاجئه المستجدات، وستظهر فجوة تتسع مع الايام، وقد لا يسعفه المستقبل على جبرانها.
لعل هذا من حكم تشريع الاسلام لصلاة الجماعة والجمعة، فالرسول ( صلى الله عليه وآله) كان يؤم المسلمين بنفسه يوما في الجماعة، واسبوعيا في الجمعة، وكان بمقدور الناس ان يعرفوا ما يريد الرسول ( صلى الله عليه وآله) اولا بأول، وكان الرسول ( صلى الله عليه وآله) يتعرف بدوره على احوال الناس عن قرب، دون وسائط قد تشوه الحقائق، او تنقلها منقوصة.
وكان المنافقون يضيقون ذرعا بمعرفة الرسول ( صلى الله عليه و آله) الشديدة بأحوال الناس، ومعرفة صغائر الامور وكبائرها، حتى اتهموه ولقبوه - «الاذن » ، لكثرة اهتمامه بتتبع الاخبار، يقول تعالى: «ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون اذن » ، ثم يدافع سبحانه وتعالى عن نبيه «قل اذن خير لكم، يؤمن بالله، ويؤمن للمؤمنين، ورحمة للذين آمنوا منكم، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم »
لذا نجد امير المؤمنين يوصي مالك الاشتر بان لا يقع في خطأ الاحتجاب عن الرعية، فيقول له: «واما بعد، فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فان احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور. والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير، ويعظم الصغير، ويقبح الحسن: ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل. وانما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الامور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب».
3.طلب المشورة
من الامور الملفتة في الاسلام اهمية طلب المشورة، في الامور الخاصة، فضلا عن العامة، فقد ورد في الحديث «من شاور الناس شاركهم في عقولهم » .وحينما مدح القرآن الكريم المؤمنين، نجده يذكر صفة الشورى باعتبار انهم يتصفون بها، فيقول تعالى: «وامرهم شورى بينهم » .ومن واجبات الحاكم الاسلامي ان يستشير رعيته، فقراراته لا تخصه وحده فقط، وانما ينعكس تأثيرها على عامة الناس، فلابد ان يستأنس بآرائهم. وان كان الرسول ( صل الله عليه و آله) مأمورا من قبل الله سبحانه باستشارة المسلمين، فالحاكم الاسلامي اولى بذلك.
ووجوب الاستشارة لا تعني وجوب العمل بها بالضرورة، لان الحاكم قد يري ما لا يراه العامة. وانما يعني هذا الوجوب ان للعامة دور في صنع القرار، وفي بلورة الصورة واتضاحها لدى الحاكم، وعندئذ - وبعد المشورة - اذا عزم على امر فليتوكل على الله، وان لم يوافق رأي بعضهم.
يقول تعالى: «وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله» ومع ذلك فالحاكم مأمور بمراعاة راي الاكثرية مهما امكن، وان ادى ذلك الى تذمر الاقلية. يقول علي ( عليه السلام) في عهده للاشتر: «وليكن احب الامور اليك اوسطها في الحق، واعمها في العدل، واجمعها لرضى الرعية، فان سخط العامة يجحف برضى الخاصة، وان سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة ».
4.الزهد في المعيشة
زهد الحاكم في المعيشة، وبساطته في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، ليس امرا محببا في الاسلام فقط، بل يمكن اعتباره واجبا شرعيا يتعين على الحاكم الالتزام به. فلا يمكن في النظرية الاسلامية ان يعيش الحاكم حياة مرفهة مترفة تسمو على حياة عامة الرعية، لان الفقير حينما يقارن حياة الحاكم المترفه بحياته، سوف يشتد احساسه بالفقر، بخلاف ما لو رآه يعيش حياة بسيطة، بمستوى يقترب من بساطة عيشه هو، ففي هذه الحالة سوف تزداد مقاومة وصبر هذا الفقير على فقره وجشوبة عيشه.
يقول علي ( عليه السلام) : «ان الله تعالى فرض على ائمة العدل ان يقدروا انفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره».
5.حفظ الامن
والمقصود بحفظ الامن الاستعداد الدائم والجهوزية المستمرة لقتال العدو الخارجي والداخلي.
يقول علي (عليه السلام)(لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الْأَجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر)
ويقول ايضا: «اللهم انك تعلم انه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، فيامن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك».
6.التربية والتعليم
ان على الحاكم ان يرسم خطة تربوية، يقوم هو بتنفيذ جزء منها خلال النصيحة والارشاد والموعظة، وباقي اجزائها تنفذها الاجهزة المختلفة التابعة له.
وهناك فرق واضح بين التربية والتعليم، فالتربية تعني توفير الاجواء المناسبة لنمو الملكات الروحية والعقلية التي تزيد من انسانية الانسان، والتعليم يعني محو الامية والجهل، وبناء المؤسسات المعنية بتثقيف الرعية. ومن واجب الحاكم على رعيته ان لا يبخل عليهم بالنصائح التربوية، التي تربط الانسان بالله عز وجل، وتذكره بانه مجرد عابر سبيل في هذه الحياة. كما ان من واجب الحاكم العمل على محو حالة الجهل والتخلف.
يقول علي ( عليه السلام) : «انه ليس على الامام الا ما حمل من امر ربه: الابلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة » .
ويقول ايضا: «ايها الناس، ان لي عليكم حقا، ولكم علي حق: فاما حقكم علي فالنصحية لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا».
7.اقامة الفرائض
وهذا البند لا ينفصل عن خطة الحاكم التربوية، فمن واجبات الحاكم الاهتمام بالفرائض، واقامتها، من قبيل صلاة الجماعة يوميا، وصلاة الجمعة اسبوعيا، وصلاة العيدين في موسمها...الخ. واهمية اقامة الفرائض واضحة، فهي الوسيلة المثلى والفرصة الثمينة التي تمكن الحاكم من الاتصال بالناس; فيسمع شكاواهم، ويتعرف على مشاكلهم، ويستفيد من هذه المنابر في ممارسة الوعظ والارشاد والنصيحة. وان اقيمت الفرائض كما ينبغي لها ان تقام، فان معالم الدين ستصبح بالضرورة واضحة، وآثار العملية الاصلاحية ظاهرة.
يقول تعالى: «الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور».
يقول امير المؤمنين في هذا الشأن: «اللهم انك تعلم انه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك »
8.العمل على احياء السنة واماتة البدعة
وهذا الواجب لا يمكن القيام به الا من خلال نشر ثقافة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر العادات والتقاليد، التي تنسجم مع القيم الاسلامية، وترسخها في المجتمع، على اساس ان احياء السنة واماتة البدعة احد اهم حقوق الرعية في المجتمع الاسلامي تجاه حاكمه.
يقول تعالى: «الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور».
ويقول علي ( عليه السلام) : «انه ليس على الامام الا ما حمل من امر ربه: الابلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة، والاحياء للسنة ».
يقول علي ( عليه السلام) في عهده للأشتر: «ولا تنقضن سنة صالحة عمل بها صدور هذه الامة، واجتمعت بها الالفة، وصلحت عليها الرعية، ولا تحدثن سنة تضر بشي ء من ماضي تلك السنن، فيكون الاجر لمن سنها، والوزر عليك بما نقضت منها» .
9.منع الظلم واحقاق حقوق الضعفاء واعمال الشدة مع الظالمين والمنافقين، (القضاء بالعدل واقامة حدود الله)
من ضروريات الإسلام حرمة اعانة الظالم، ووجوب نصرة المظلوم ما امكن، وتشتد الحرمة، ويعظم الوجوب على الحاكم العالم; فمن المعلوم ان الحاكم اذا اعان الطغاة والظالمين والاقوياء، وخذل المستضعفين والمظلومين، لن يستقر حجر على حجر، فتضيع المعايير والمقاييس، وتختلط الامور على العوام، ولن يعني هذا في النهاية الا اماتة الدين.
يقول تعالى: «واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ».
ويقول تعالى: «جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم » .
وفي الخطبة الشقشقية يقول الامام علي ( عليه السلام) : «وما اخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ».
ويقول: «انه ليس على الامام الا ما حمل من امر ربه: الابلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة، والاحياء للسنة، واقامة الحدود على مستحقيها» .
ويقول: «...ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك ».
ويقول: «الا وان لكم عندي ا لا احتجز دونكم سرا الا في حرب، ولا اطوي دونكم امرا الا في حكم، ولا اؤخر لكم حقا عن محله، ولا اقف به دون مقطعه، وان تكونوا عندي في الحق سواء. فاذا فعلت ذلك وجبت لله عليكم النعمة، ولي عليكم الطاعة ».
10.الحفاظ على الاموال العامة (بيت المال)
الحفاظ على اموال الناس، وحرمة اكلها بالباطل من الواجبات الاسلامية الخطيرة. ويتأكد هذا الوجوب على الحاكم، فمن ناحية، لا يجيز له الشارع ادخارها لمصلحة، مع مسيس حاجة الافراد اليها، ومن ناحية اخرى، لا يجيز له التصرف بها الا في مواردها ومصارفها المقررة لها.
يقول تعالى: «لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ».
يقول تعالى: «ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا» .
ويقول تعالى: «والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ».
11.جباية الفي ء والصدقات وتوزيعها على مستحقيها
يقول الامام علي (ع): «ايها الناس، ان لي عليكم حقا ولكم علي حق: فاما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم » (39) .
ويقول ايضا: «انه ليس على الامام الا ما حمل من امر ربه: الابلاغ في الموعظة، والاجتهاد في النصيحة، والاحياء للسنة، واقامة الحدود على مستحقيها، واصدار السهمان على اهلها».
12.التمييز بين الاخيار والاشرار
ويقول تعالى: «أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون».
وفي عهده لمالك الاشتر يقول: «ولا يكونن المحسن والمسي ء عندك بمنزلة سواء، فان في ذلك تزهيدا لأهل الاحسان في الاحسان، وتدريبا لأهل الاساءة على الاساءة ».
13.اعمال الرفق في غير ترك الحق، فيكون للرعية كالوالد الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى: «لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم».
وأمير المؤمنين في عهده لمالك الاشتر يقول: «... واشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم اكلهم..» .