رئيس الهيئة الزراعية في العتبة الحسينية المقدسة: مشاريعنا تسهم في الأمن الغذائي ومكافحة التصحر
في حوار خاص أجرته وكالة كربلاء الآن، فتح المهندس رزاق الطائي، رئيس الهيئة الزراعية في العتبة الحسينية المقدسة، أوراق المشاريع الزراعية والحيوانية التي تتبناها العتبة، كاشفا عن تفاصيل دقيقة حول إدارة هذه المشاريع، أساليبها الحديثة، وأثرها في رفد الأمن الغذائي، ودورها في دعم السوق المحلية ومكافحة التصحر.
تطرق الحوار إلى التحديات المائية، التعاون المؤسسي مع دوائر الدولة، وخطط الهيئة الزراعية المستقبلية للحفاظ على الاستدامة وتحقيق التنمية طويلة الأمد
*بداية، هل لكم أن تحدثونا عن طبيعة المشاريع الزراعية والحيوانية التي تتبناها العتبة الحسينية المقدسة ؟
**العتبة الحسينية بدأت التفكير في المجال الاقتصادي والنشاط الزراعي من خلال إنشاء مشاريع تخصصية على مستوى النشاط الزراعي بفرعيه النباتي والحيواني، حيث تم تخصيص أراضٍ من قبل العتبة الحسينية بمساحة ما يقارب 21,000 دونم في قضاء عين التمر بمنطقة الجزيرة لزراعة الحبوب. وقد زُرعت هذه الأراضي بالمحاصيل وأنتجت كميات كبيرة، تميزت بآلاف الأطنان، وساهمت العتبة الحسينية برفد السلة الغذائية من خلال تسويق الإنتاج، وجاءت لسد حاجة المواطن من مادة الخبز أو الطحين.
*هناك أساليب زراعية حديثة في الزراعة هل تقومون باستخدامها ؟
**العتبة تستخدم الوسائل الحديثة في الزراعة، ومنها استخدام المرشات المحورية، والمبيدات الصديقة للبيئة، والأسمدة العضوية، بالاعتماد على مياه الآبار. كما أن مدينة الإمام الحسين الزراعية تقع على طريق النجف الأشرف، وتبلغ مساحتها حوالي 900 دونم، وتضم مائة بيت بلاستيكي، يتم زراعة ما يقارب سنويًا حوالي 75 إلى 80 بيتا منها بمحاصيل الطماطم، والباذنجان، والخيار، والفلفل، والباميا، وبهذا، تدخل العتبة الحسينية كشريك داعم للحكومة في رفد الأسواق المحلية بالخضار والفواكه.
* مشاريع الثروة الحيوانية هل دخلت في حيز اهتمامات العتبة ؟
**لدينا تربية الأبقار، وقسم الزينة والتشجير الذي يختص بزراعة الشتلات وزهور القطف وغيرها. كما أن قسم فدك يتمثل بمزرعة فدك، التي تم تخصيص 2,000 دونم لها، والمخطط أن تُزرع بـ50,000 نخلة.
وحتى الآن، تم زراعة ما يقارب 30,000 نخلة، منها 8,000 نخلة تعتبر مزرعة بنك وراثي للأصناف، حيث تم زراعة ما يقارب 90 صنفًا، من مجموع 650 صنفًا، أغلبها بدأت تُنتج الآن.
* يشهد العالم مؤتمرات دولية خاصة بالإنتاج الزراعي فهل كانت لكم مشاركات فيها ؟
**شاركنا في عدة مؤتمرات خارج العراق، وآخرها كان مؤتمر إنتاج التمور في مدينة أبوظبي، حيث نالت الأصناف العراقية إعجاب أغلب الزائرين، وكانت لها حظوظ متميزة.
* الأحزمة الخضراء كانت ذات اهمية لمحافظة كربلاء المقدسة فهل كان لكم دور فيها ؟
**العتبة الحسينية أنشأت مشاريع الأحزمة الخضراء، منها مشروع الحزام الأخضر الجنوبي الذي كان يُمول من قبل وزارة الزراعة، وتم تحويله إلى العتبة العباسية، أما الحزام الشمالي فتم تخصيصه للعتبة الحسينية بطول حوالي 20 كم، وتمت زراعته بأشجار الزيتون والنخيل والكالبتوز.
*وكيف تقيمون دور هذه المشاريع في دعم السوق المحلي ؟
**العتبة الحسينية تشارك القطاع الخاص بدعم ورفد السلة الغذائية، وهي ليست بديلا عن الحكومة، بل تعمل بشكل تكاملي معها، تملك العتبة مزارع تدار بكوادر متخصصة، وبالشراكة مع القطاع الخاص، وتنتج مشاريع ذات نوعية مختلفة عن المزارع الأخرى، لاستخدامها الزراعة العضوية والأسمدة العضوية، وبالتالي فهي خالية من المواد الكيماوية أو تحتوي على نسبة قليلة جدا منها، وهذا ما يجعل المواطنين يُقبلون على اقتناء منتجات العتبة لما تتميز به من جودة.
*لا بد لكل عمل من تحديات ونعتقد ان اهمها في مجالكم مسألة المياه ومسألة مكافحة التصحر فكيف تمت ادارتها ؟
**من أكبر التحديات التي تواجه العتبة الحسينية الزراعية، خصوصا في فصل الصيف، هي شحة المياه، لأن أغلب مشاريعها خارج حدود البلدية، وأغلب هذه المشاريع تعتمد على المياه الجوفية، التي تعاني سنويا من ارتفاع نسبة الملوحة ورغم ذلك، فإن مدينة الإمام الحسين لزراعة الخضار لا تزال تُنتج نوعيات جيدة بفضل تجديد الآبار، في قضاء عين التمر، وتحديدا في منطقة الخضيرة، تكون الآبار على عمق 50 مترا، مما يوفر مياها جيدة، على عكس منطقة الهضبة الغربية التي تحتاج إلى آبار بعمق 280 مترا، أما في مزرعة فدك ومشروع الحزام، فتحدث شحة مياه في الصيف، لكن العتبة تعمل على تداركها.
أما في ميدان التصحر فإن أغلب المشاريع الزراعية للعتبة هي لمكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية، لأنها تنتج محاصيل تساعد على تثبيت الرمال ونمو الأدغال التي تحدّ من العواصف الترابية، وان مشاريع الأحزمة الخضراء، التي أنشأتها سابقا مديرية الزراعة في محافظة كربلاء المقدسة، وصلت في عام 2014 إلى صعوبة إدارتها، فبادرت العتبة الحسينية باستلامها للحفاظ عليها من الهلاك، بعد أن ترك أغلب العمال العمل، وشحت المياه، وتعطلت أجهزة الري فأُعيد المشروع بالكامل، وتم زرعه بأشجار الزيتون والنخيل والكلبتوز، لتكون مشاريع مزدوجة؛ إنتاجية وبيئية.
*ومشاريع الثروة السمكية هل ولجت العتبة في هذا المجال ؟
**العتبة كانت تمتلك بحيرات في منطقة 10 القرطة لتربية الأسماك، لكنها توقفت بسبب عدم حصولها على إجازة، واليوم، بعد حصولها على دعم من وزارة الموارد المائية، سيتم العمل على إعادة تربية الأسماك في الأشهر القادمة، كما أن لدينا حظيرة صغيرة لتربية الأبقار تتراوح بين 55 إلى 60 رأسا، يتم الاستفادة من إنتاجها لرفد الموازنة، مع خطة مستقبلية لإنشاء محطة كبيرة.
*وهل هناك خطط مستقبلية لتربية العجول ؟
**سماحة المتولي الشرعي والأمين العام وافقا على إنشاء محطة لتربية العجول، وعلى وشك أن يتم استيرادها أو تربيتها محليا خلال الأشهر القادمة، مع اتخاذ إجراءات الحيطة من الأمراض مثل الحمى النزفية، وقد تم تهيئة الحظائر في الجزء الخلفي من مدينة الإمام الحسين الزراعية استعدادا لهذه المشاريع.
*والى أي مدى وصل دور العتبة في تعزيز الأمن الغذائي الوطني ومدى تعاون الدولة ؟
**هناك اهتمام كبير من الحكومة العراقية ومحافظة كربلاء بمحصول الحنطة الاستراتيجي، فالمحافظة التي كانت تُعرف بأنها بستانية وغير منتجة للحنطة، بدأت بزراعتها منذ عام 2010 باستخدام المرشات المحورية، وإدخال أصناف جيدة، سواء أثناء إدارتنا لمديرية الزراعة، أو حاليا في العتبة الحسينية.
وكذلك زراعة الطماطم في كربلاء، إلى جانب محافظات النجف والبصرة، تسد حاجة البلد لـ7 أو 8 أشهر من السنة، ويُستورد المحصول من دول الجوار، خاصة إيران، في فترات الشحّة.
ومن جهتها تعمل الحكومة على إدارة توازن بين الإنتاج المحلي والاستيراد عبر غلق أو فتح الحدود حسب الحاجة.
وفي مجال الثروة الحيوانية، تميزت كربلاء عبر مشروع كبير أقامته شركة الاتحاد لإنتاج لحوم الدجاج والبيض، وهو من أكبر المشاريع في الشرق الأوسط، بالتعاون مع العتبة ومديرية الزراعة، وساهم المشروع في رفد محافظات الجنوب والوسط والشمال بمنتجاته.
أما ما يخص تعاون الدولة ففي العتبة، سواء من الهيئة الزراعية أو المشاريع الهندسية أو الطبية، هناك تعاون تكاملي مع دوائر الدولة.