تفجير قبة العسكريين عليهما السلام ،، امتداد لتهديم قبور أئمة البقيع

: محمد طاهر الصفار 2025-04-07 11:16

اكتسبت مدينة سامراء المقدسة أهميتها منذ أن احتضنت نورين من أنوار الإمامة وسبطين من أسباط النبوة, فتقدّس ترابها بأريج الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (ع) وخالطت تربتها أطهر الأجساد وأزكاها, ومنذ ذلك اليوم أصبحت سامراء نقطة مضيئة في تاريخ المسلمين ومزاراً لهم يتوافدون عليها من مشارق الأرض ومغاربها, ليستلهموا المعاني السامية والمبادئ العظيمة التي جسدها الإمامان العسكريان (ع). ويستذكروا المآسي والآلام التي واجهاها من قبل السلطة العباسية بإحياء شعيرة الزيارة, فأصبحت سامراء مهوى القلوب وملتقى النفوس المؤمنة الموالية لأهل البيت والذين حرصوا على إبقاء جذوتها متقدة في النفوس من خلال التعبير عن مشاعرهم وحبهم للإمامين ع

غير أن الأيادي الأثيمة ما انفكت تحاول طمس معالم الأنوار الإلهية (ويأبى الله إلا أن يتم نوره)، فمن المستحيل أن لا يترك تفجير القبة الشريفة للإمامين العسكريين أثراً أليماً في قلب إنسان يدين بالإسلام ويمتلك عقيدة سليمة تؤمن بالله ورسوله، ثم لا يندد ويستنكر رؤية المرقد المقدس للإمامين الطاهرين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) بعد التفجير الإرهابي الذي طاله وهو بصورة دلت على كفر مرتكبي هذه الجريمة وخروجهم من الإسلام

إن هذا الحزن يأخذ أبعادا أخرى حيث يمتزج في قلب الإنسان الذي يحمل في قلبه حبا لأهل البيت (ع) مع الأحزان التي انبجست في قلبه نتيجة المصائب والمحن التي جرت عليهم (ع) في حياتهم فيجسّده عملياً بمشاعر الحب لهم والسخط والغضب على ظالميهم في حياتهم وبعد مماتهم

ويكون صوت الاستذكار هو تجسيد لحالة الحزن, فالحزن في ضمير الإنسان الشيعي عريق عميق يمتد إلى قرون طويلة فرضته المراحل الطويلة التي انتهجت فيها السياسات المعادية لأهل البيت سياسة الضغط والاستبداد والقمع تجاه محبيهم ومواليهم، وحالة استذكار هذه الجريمة بحق أهل البيت هو إدانة لمظلوميتهم وإحياء لقضيتهم 

إن بيان هذه القضية للعالم من خلال المواقع الفكرية الهادفة وبالكلمة الصادقة المضيئة والصوت المعبر للإنسان المؤمن هو عملية تعانق إنسانيته وعقيدته لتشكلان سلاحاً يدافع به وصوتاً مؤثراً خلاقاً يعبّر عمّا يحمله, ورسالة تبث همومه وأحزانه, فالكلمة هي بحد ذاتها سلاح يواجه به أعداء الدين والإنسانية

إن الأيادي الأثيمة التي ارتكبت هذه الجريمة لم تستهدف تفجير مرقد الإمامين العسكريين (ع) فحسب، بل استهدفت حرمة جميع مقدسات الإسلام وهذا ما يجب أن يكون في حسبان الرأي العام والتعامل معه وفق هذا المنطق

فإظهار الحزن والتعاطف مع هذه المأساة وحده لا يكفي, بل على الإنسان المسلم أن يحارب هذه الزمرة التكفيرية ويوضح فساد عقيدتها ويطالب الحكومات بمحاربتها لكي يكتسب هذا الحزن بعده الإنساني الحقيقي وليسهم بصوته مع أصوات العقيدة الأحرار ومع جميع الضمائر الحية في العالم في إظهار مظلومية أهل البيت (ع) والدعوة لردع القوى الشريرة

إن هذا الحزن يجب أن يُستثمر نداءً واعياً ذا دلالة واضحة يبين الحقد الأعمى الذي يكنه أعداء الإنسانية لأهل البيت النبوي الشريف وأن يستوعب الإنسان المسلم هذا الحزن في مخيلته ليعبر عنه بحجم المأساة


العودة إلى الأعلى