معجم أنصار الحسين .. الهاشميون (الجزء الأول)

: محمد طاهر الصفار 2025-02-08 10:45


بذل الشيخ محمد صادق الكرباسي منذ بداية تأليفه لموسوعته (دائرة المعارف الحسينية) جهوداً كبيرة ومضنية لاكتشاف حقائق مخفية أو مغيبة عن الثورة الحسينية وأصدائها وتداعياتها، وكان للدور العظيم الذي قام به في إنشاء هذه الموسوعة أثراً كبيراً في رسم الكثير من النتائج والمعطيات التي حققتها الثورة منذ انطلاقتها.

ولا نرانا مغالين إذا قلنا إنه كان من أبرز من وضع بصمة مؤثرة في سجل الثورة الحسينية فهو من العظماء الذين وقفوا على سرِّ عظمة الحسين وألّفوا في معنى هذه العظمة، ووعوا الأهداف الإنسانية السامية النبيلة التي سار عليها الحسين، وضحى من أجلها واستهان بحياته في سبيل تحقيقها.

لقد وُفّق الكرباسي في هذه الموسوعة بالوقوف على ظاهرة اتفاق الآراء في عمليتي القبول والرفض والتي تبرز بشكل واضح في كثير من أحداث الثورة وامتداداتها عبر الزمن، ولا يسعنا هنا عرض جميع الآراء إلاّ اننا نستطيع القول أنه اتخذ الموقف الذي يرتكز على الحقيقة التاريخية التي هي مخاض التحقيق والتدقيق والبحث والتأمل والفكر. 

في هذا الكتاب وهو (معجم أنصار الحسين) الخاص بالهاشميين والذي يقع في ثلاثة أجزاء يتخذ الكرباسي ــ كعادته ــ منهجا خاصاً في بحثه حيث يتغلغل في جذور الشخصيات والأحداث ليرسم خطاً تتابعياً نحو الهدف دون أن يُشعر القارئ بالملل والتكرار.

فالكرباسي يمتلك أدوات الباحث العلمي الرصين الذي لا يجيد دقة الوصف وقابليات رائعة في تصوير الحدث فقط، وإنما يمتلك تصويراً تاريخياً يتخطى القدرات التصويرية في وصف مظاهر البطولة والشجاعة والتضحية والمواقف الإنسانية إلى الصفات الأخلاقية والاجتماعية والأبعاد السايكولوجية للأبطال والتي تتصل بالسمات والمبادئ التي يحملونها كالوفاء والكرم والإصلاح كما امتدت إلى جوانب أخرى في حياة عظماء الثورة وأنصارها لأن هذه الجوانب تمثل القدرة الذاتية التي تضفي على تلك الخصائص صفة الاكتمال وتدخلها في إطار التحسس الاجتماعي وتترك آثارها البارزة في كثير من الأعمال المهمة والجليلة في الواقع وعلى كافة الأصعدة.

يؤكد الكرباسي على منهجه هذا في (تمهيد) الكتاب حيث يقول: (ربما يكون لهذا الباب لونا آخر يختلف عن بقية الأبواب بنسبة أكبر من غيرها ــ وللألوان خواصها ــ حيث أنه يعتمد على أمور ربما كانت صغيرة تحتاج في بعض الأحيان إلى مجهر ليشخصها، ولكن النتائج كبيرة إلى حد نسف شخصية أو إثباتها وبروزها، ومن ناحية أخرى فإن الكلمات تتراجع وتقل لدى البحث والتمحيص في قبال المخاض العسير والصعب الذي ربما وصل إلى حالة بين الوجود والعدم للنتائج الوليدة ...)

ثم يبين الكرباسي جوهر الموضوع بقوله: (إن هذا الباب بمثابة سجل لإثبات النفوس والذي عادة يعتمد فيه على الوثائق التي تصدرها الجهات التي تتولى المباشرة على عملية التوليد...)

في باب (ماذا يعني الحضور) يتجول الكرباسي في دائرة المجتمع الطالبي والموالين له والذي يمثل قيمة اجتماعية كبيرة وشرافة ومكانة في المجتمع القرشي لما يمتلكه أفراده من مؤهلات وملكات نفسية وخلقية، ثم ينتقل إلى مفهوم (الشهادة) وما تضمه هذه المفردة من معان سامية، ثم يصنف (الأنصار) إلى الأصحاب والرواة والأنصار ثم يصنف الأنصار إلى الهاشميين وغيرهم والنساء.

ثم يشير إلى الخلط الذي يقع فيه بعض المؤرخين بسبب عدم ضبط الأسماء ويشرح الآلية المتبعة في منهج هذا الكتاب وهي ضبط الأسماء من خلال عدة أمور يرتفع عنها الغموض، ثم يشرع الكرباسي في السيرة بعد توضيح مصطلح الهاشميين فيبدأ بسيد البطحاء أبي طالب فيترجم له ترجمة وافية ثم يترجم لأولاده طالب وعقيل وجعفر وعلي ونسلهم ومآثرهم ويذكر المستشهدين من أولادهم مع الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء.

وقبل أن نعرج على مبحث الشهداء نرى إيضاح أمر مهم قد يخفى على الكثير وهو المصادر تناولت أخبار جعفر قائد مؤتة وشهيدها وعقيل النسابة والعالم بأيام العرب وأخبارها وعلي أمير المؤمنين (عليه السلام)، أما طالب وهو الأخ الأكبر للأخوة الثلاثة فقد تحاشى أكثر المؤرخين والمعنيين بالسيَر الخوض في سيرته بخلاف بقية أخوته!.


وهنا يعطي الكرباسي المؤشرات الواضحة لهذه الشخصية التي كانت من جملة المحصورين في شِعب أبي طالب مع بني هاشم، وهذا يدل على إسلامه وإيمانه بالنبي (صلى الله عليه وآله) إضافة إلى أمور أخرى.

أما بخصوص الشهداء يوم الطف فالمستشهدون من أبناء عقيل في الطف ستة عشر وهم: عبد الرحمن الأكبر، وحمزة، وجعفر الأكبر، وأبو سعيد، وأحمد، والحكم، وسعيد، وعبد الله الأكبر، والأصغر، وعقيل، وعلي، وعون، ومحمد، ومعين، وموسى، إضافة إلى سفير الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة مسلم بن عقيل (عليه السلام). وأبناء بعضهم من أحفاد عقيل

 أما المستشهدون من أولاد جعفر بن أبي طالب فهم: محمد وعون.

والمستشهدون من أبناء علي (عليه السلام) مع أخيهم الإمام الحسين (عليه السلام) هم: إبراهيم وأبو بكر وجعفر الأكبر والأصغر والعباس الأكبر والأصغر وعبد الرحمن وعبد الله الأكبر والأصغر وعتيق وعثمان الأكبر والأصغر وعمر الأصغر وعون والفضل والقاسم ومحمد الأوسط

ثم يضع الكرباسي جدولاً توضيحياً لأولاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وزوجاته وتواريخهم وبذكر المستشهدين مع الإمام الحسين من أحفاد أمير المؤمنين، من أولاد الإمامين الحسن والحسين والسيدة زينب (عليهم السلام)

ثم يبدأ بترجمة كل شهيد من هؤلاء الشهداء حسب الحروف الأبجدية ترجمة وافية مع خبر استشهادهم وأراجيزهم معتمدا في ذلك على أوثق الأقوال من كتب المقاتل والتواريخ مع مناقشة القول ومقارنته بالأقوال الأخرى.


  

وسوم : الهاشميون

العودة إلى الأعلى