باحث وكاتب انكليزي: مبادئ العدل والمساواة والسلام تسود أجواء زيارة الاربعين

تعد زيارة الاربعين التي توثق لحقبة محورية في التاريخ الإسلامي واحدة من أكبر التجمعات البشرية السلمية، وهي بما تحمله من قيم تكافلية ومبادئ إنسانية عابرة استطاعت ان تمضي مع المسيرة البشرية وتؤثر بها، الا أن تلك الزيارة المقدسة المرتبطة باستشهاد سبط خاتم الانبياء الإمام الحسين بن علي (ع) ماتزال مغيبة عن بعض المجتمعات ولأسباب كثيرة مما يستدعي التعريف بها والتثقيف بأهميتها.

الباحث والكاتب الإنكليزي (د. كريس هيوار) يشاطرنا الحديث في الحوار الآتي لوكالة كربلاء الدولية عن موضوع زيارة الاربعين وصداها ومشاركة ملايين الزائرين في احيائها سيراً على الاقدام. 

ــ دعنا نتعرف عليك أكثر دكتور، لنخوض بعدها في تفاصيل الحوار.

ــ اسمي د. كريس هيوار, انا مسيحي وطالب علوم إسلامية لأربعين عام، درست المسيحية ومن ثم الاسلام، وعملي يكمن في تعليم الناس هاتين الديانتين

ــ ما الدوافع التي تدفع الناس الى القيام بهذه الزيارة الطويلة والشاقة؟

ــ ان جميع الاشياء التي نراها عندما ننظر لزيارة الاربعين تدفعنا كي نسأل عن المبادئ التي سار عليها الامام الحسين واصحابه عليهم السلام, وكيف نستفيد من هذه المبادئ والعبر في المجتمعات التي نعيش فيها؟ نحن نعلم ان الامام الحسين (ع) وقف هذه الوقفة في يوم عاشوراء من أجل العدالة, فكيف تبدو هذه العدالة؟ وكيف نرى أثرها في زيارة الاربعين؟ على سبيل المثال نحن نرى روح المشاركة, اشخاص فقراء عاجزون ماديا يبادرون الى العطاء وصرف كل ما يقدرون عليه, من شراء الماء وارواء الزائرين, وأصحاب الاختصاصات الطبية يأتون من كل حدبٍ وصوب للمشاركة في رعاية الزائرين, والميكانيكيون أيضا يأتون من أجل اصلاح اغراض الزائرين والكراسي المتحركة لذوي الهمم والاطفال وغير ذلك من فعاليات إنسانية ومن مجمل هذه الخدمات تظهر فكرة بأنه كيف سيبدو العالم اذا سار تحت مبادئ وقيم الامام الحسين والمبادئ التي تربى عليها؟, نرى هنا مبادئ الرحمة والعدالة وغيرها, أناس من مختلف أًصقاع العالم, ومختلف المعتقدات أناس غير مؤمنة بشيء, ولكن ينجذبون لهذه القيم. واذا فكرنا بأن العدل والمساواة والاشياء التي نلاحظها هنا فوق كل اعتبار, حيث البسمة تعلو على مُحيّا الناس, والمحبة تملئ قلوب الناس, حيث حب الامام الحسين يجلب بدوره الحب للناس اجمع, وحب الناس يجلب السلام بين البشرية لذا نرى العدل والمساواة والسلام منتشرين في أجواء زيارة الاربعين.

ــ الرحلة الى كربلاء لها تحديات ومواقف إنسانية صفها لنا.

ــ اصعب التحديات التي قد تواجه الزائرين هي قطع المسافات الطويلة مشياً على الاقدام حيث يحتاجون الماء الكثير تحت حرارة الشمس اللاهبة والمظلات التي تقيهم شد الحر والمأكل والاستراحة وايضا العزيمة المشتركة حيث هنالك روحية كبيرة بينهم للمضي قدما.. اناس على كراسي متحركة, وعكازات, كبار سن, واشخاص مصابون في احداث سابقة في حياتهم البشرية يكافحون في المسير ويساعد أحدهم الآخر.

ــ كيف تساهم الزيارة الاربعينية في تعزيز التماسك الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع ؟

ــ الجميع متساوٍ في كل شيء ، سوية يمشون تحت الشمس، زرنا مرة موكب ينام فيه أكثر من ثلاثة الاف وخمسمائة شخص مقسّمين الى قاطعين, للنساء وللرجال وأيضا في الصلاة يصطف الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية من دون تمييز بين الفقراء والاغنياء, والجميع يحصل على المأكل والمشرب والمساعدة في زيارة الأربعين متى واين ما يحتاجونه وهنا يكمن معنى العدل والمساواة بين الجنس البشري.

ما القيم والدلالات الدينية التي تحملها الزيارة الاربعينية؟

ــ يجب أن نبدأ من المبادئ الاساسية التي يحملها الجنس البشري بمختلف انتماءاته وعقائده سنجد ان الاسلام يحمل شعلة وهي انه دين الفطرة, حيث على الجميع أن يطهّروا قلوبهم. أن جميع الشخصيات الدينية العظيمة ينتمون لله عز وجل ولخدمة الناس ولذا علينا ان نستنبط القيم والمبادئ والتعاليم التي سار عليها الإمام الحسين (ع) كي نستفيد منها ونحذو حذوها. عندما تقف مثلا في أي مكان في كربلاء لا احد يسألك عن معتقداتك, الجميع متساوون دون تمييز بسبب لون البشرة او المعتقد او الشكل, وهذا هو المبتغى لمبدأ وحدة الانسان. نعلم في المعتقدات الشيعية بأن الإمامة والقرآن الكريم صنوان لا يفترقان في التعاليم لجعل سفينة الانسانية تبحر دون معرقلات نحو الفردوس, وعندما يظهر الامام المهدي المنتظر (عج) سيبحث عن هؤلاء الناس وسيسأل المشككين بطريق الصواب.

ــ هل يمكن ان تساهم الزيارة الاربعينية في تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة؟

ــ يمكن ان نعزز ثقافة الحوار بين الاديان بالتركيز على الأمور المشتركة وكل مشكلة او ظرف نعاني منها نربط اسبابها بالناحية الدينية وربما تكون بالواقع مشاكل حياتية بحتة يقع فيها الانسان، كمشاكل الفقر وانعدام العدالة الاجتماعية وغيرها لذلك ان رسالة زيارة الاربعين وجدت لتواجه هذه الامور.

ــ الا تعتقد بضرورة تثقيف المجتمعات وتعريفهم بزيارة الاربعين وما تحمله من قيم إنسانية ومبادئ. 

ــ المحزن في الامر هنالك ملايين المسلمين حول العالم لا يعلمون عن زيارة الاربعين او عن اقامتها في هذا الوقت, كونهم لم يتعلموا هذا المفصل المهم من تاريخ الامة, سمحنا للتفرقة والطائفية ان تظهر بين السنة والشيعة, كي نبعد فكرة الامة الواحدة وكون المسلمين اجمع هم اخوة واخوات. نرى بعظيم الرؤية الاناس الذين يحضرون لتأدية هذه الزيارة وكيف ينتهون منها محملين بقيمها, بالمحبة والشجاعة و النظر نحو المستقبل.

ــ في الختام ما الرسالة التي تود ان توجهها من كربلاء الى العالم؟

ــ اعتقد ان رسالة الأربعين العظمى هي عدم التفرقة بين مجتمعات وشعوب العالم, وان لا تكون كل مجموعة او جهة معينة ضد الأخرى وتعلن العداء والكراهية لها بل يجب ان يسود العدل والاحترام المتبادل بين الانسانية جمعاء.

ترجمة: أبا الحسن عباس

 

 

المرفقات

العودة إلى الأعلى